الملك فهد والأمير عبد الله في الخطاب السنوي للحج: الإرهاب نتاج فكر مريض ومنهج منحرف.. والمسلم الحق لا يعيش أزمة سلوك

TT

خاطب خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز والأمير عبد الله بن عبد العزيز ولي العهد ونائب رئيس مجلس الوزراء ورئيس الحرس الوطني في كلمة مشتركة كعادتهما في موسم حج كل عام، حجاج بيت الله الحرام، قدما خلالها التهاني لضيوف الرحمن على ما من به الله عليهم في اداء الركن الخامس للاسلام، كما حددا فيها الأطر التي يجب أن تتوحد عليها الأمة الاسلامية، كما شرحا موقف السعودية من القضية الفلسطينية والاوضاع في العراق والموقف العام من الارهاب والدعم اللامحدود الذي تقدمه المملكة لكافة الاقطار العربية والاسلامية. وفيما يلي النص الكامل للكلمة المشتركة:

«بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين القائل في محكم التنزيل (وإذ جعلنا البيت مثابة للناس وأمنا واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى وعهدنا إلى إبراهيم وإسماعيل أن طهرا بيتي للطائفين والعاكفين والركع السجود) ـ البقرة 125 ـ الذي جعل افئدة من الناس تهوي الى بيته الحرام استجابة لدعوة ابراهيم عليه السلام قال تعالى (ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلاة فآجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم) ـ إبراهيم 37 ـ والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين نبينا محمد الذي قرن حرمة المسلمين دماء واموالاً واعرضاً بحرمة هذه الاماكن والايام فقال صلى الله عليه وسلم في حجة الوادع (إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا) ـ صحيح مسلم ـ وعلى آله وصحبه أجمعين. حجاج بيت الله الحرام. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، تحية طيبة مباركة كما يحب ربنا ويرضى تحية أهل الجنة (تحيتهم فيها سلام) من هذا المكان المبارك صعيد منى الطيب من البلد الحرام الذي اقسم الله به في كتابه الكريم فقال عز وجل (لا أقسم بهذا البلد) ـ البلد 1 ـ نحييكم ونرحب بكم ونسأل الله عز وجل لنا ولكم التوفيق والخير والسداد وان يتفضل علينا وعليكم بالرحمة والغفران وان يمن علينا جميعاً بالقبول فتعودون ان شاء الله بحج مبرور وسعي مشكور وذنب مغفور وتجارة لن تبور.

ايها الاخوة حجاج بيت الله الحرام. في اليوم التاسع من هذا الشهر وقفتم في عرفات مهللين مكبرين حيث وقف المصطفى صلى الله عليه وسلم والمسلمون من بعده إخوة في الله متحابين تظللكم الرحمة وتغشاكم السكينة ويذكركم الله فيمن عنده ويباهي بكم ملائكته ثم أفضتم من عرفات الى مزدلفة فذكرتم الله عند المشعر الحرام تحقيقاً لقوله تعالى (ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلاً من ربكم فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام واذكروه كما هداكم وإن كنتم من قبله لمن الضالين) البقرة 198 ـ وبعد ذلك أقمتم في منى لتكملوا حجكم ولتتموا نسككم وتقضوا تفثكم وتوفوا نذوركم وتطوفوا بالبيت العتيق قال تعالى (ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب) ـ الحج 32 ـ. ايها الاخوة الكرام. منذ ان من الله على المملكة العربية السعودية بخدمة الديار المقدسة مكة المكرمة والمدينة المنورة وشرفها برعاية هذه البلاد اخذت على نفسها عهداً ان تبذل الغالي والنفيس وتسخر امكاناتها وتعمل جهدها لتيسير أداء المناسك وتسهيل سبلها لحجاج البيت ومعتمريه وزوار مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم والتنقل بين المشاعر بكل طمأنينة وامن وامان، وشواهد العمل قائمة معروفة ودلائله واضحة مشهورة ولا زالت المملكة على هذا النهج بحول الله سائرة لا يحول بينها وبين اداء واجبها بمشيئة الله حائل، فخدمة بيت الله الحرام ومسجد المصطفى صلى الله عليه وسلم وتيسير السبل لمرتاديها واجب ديني تحرص المملكة على القيام به على الوجه الاكمل طاعة لله عز وجل وابتغاء مرضاته واتباعاً لرسوله واقتداء بسنته ولها في الخلفاء الراشدين والسلف الصالح من هذه الأمة أسوة حسنة. الحج مناسك واعمال محددة في اوقات معينة معلومة يشتمل على مقاصد جليلة وينطوي على معان عظيمة التذكير بها ليس هذا مقامه الا ان الواقع المعاصر للمسلمين وما يعيشونه من أوضاع وما يحيط بهم من ظروف عصيبة ويمر بهم من أحداث يحتم استذكار بعض من المبادئ العظيمة لهذا الدين. فديننا ايها الاخوة الكرام منهاج شامل للحياة وضع للمسلم اطار حياته ورسم حدود علاقاته المختلفة وبين موقفه في كل الأحوال في منهج حكيم وطريق قويم بينه القرآن الكريم قال تعالى (لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد) ـ فصلت 42 ـ فحياة المسلم في اطار هذا المنهج الرباني علاقات متناسقة وارتباطات متجانسة في توازن محكم لا يطغى فيه جانب على جانب ولا تستأثر حالة على سائر الحالات. هذا التوازن المحكم يحدد أولاً علاقات المسلم مع نفسه وأهله الأقربين. وثانياً يحكم علاقاته باخوانه في الدين أياً كانوا وحيثما كانوا. وثالثاً يحدد علاقات الفرد المسلم مع سائر الناس. ورابعاً علاقته بالكون المحيط به. ولقد اوضحت الآيات الكريمات في سورة الشورى سبيل المؤمنين قال تعالى (والذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش واذا ما غضبوا هم يغفرون) ـ 37 ـ (والذين استجابوا لربهم واقاموا الصلاة وامرهم شورى بينهم ومما رزقناهم ينفقون) ـ 38 ـ (والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون) ـ 39 ـ (وجزاء سيئة سيئة مثلها فمن عفا وأصلح فأجره على الله انه لا يحب الظالمين) ـ 40 ـ (ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل)ـ 41 ـ (إنما السبيل على الذين يظلمون الناس ويبغون في الأرض بغير الحق أولئك لهم عذاب أليم) ـ 42 ـ (ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور) ـ الشورى 37 الى 43 ـ.

فالمسلم أولا يجب ان يجتنب الاثم والفواحش وان يكون صبوراً غفوراً صادقاً مع نفسه سليماً في سريرته مخلصاً في نيته، فمناط الاعمال على النيات قال المصطفى صلى الله عليه وسلم: (إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى) ـ صحيح البخاري ـ ولا شك أن صدق الانسان مع نفسه واخلاصه النية لله يورثه الطمأنينة والاطمئنان ويكسبه الثقة والقدرة على التعامل مع الآخرين تعاملاً ايجابياً مثمراً يعكس الاحساس بالمسؤولية وبقيمة الإنسان ورسالته في هذا الوجود. ثم يأتي المجال الثاني، وهو علاقة المسلم باخوانه في الدين أياً كانوا وأينما كانوا سواء في محيط المجتمع الذي يعيش فيه او في محيط الأمة الإسلامية ككل، وهي علاقة تقوم على الشورى والتكافل والتعاضد والتناصح فيما يعود على المسلمين بالخير والنفع العميم، وفي هذا قال الرسول صلى الله عليه وسلم (الدين النصيحة) ـ صحيح مسلم ـ والبعد عن كل ما يؤذي المؤمنين والمؤمنات من قول او عمل والحرص على ما ينفع المسلمين في معاشهم ومعادهم فهي اخوة بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى فالله عز وجل يقول (إنما المؤمنون إخوة) ـ الحجرات 10 ـ ورسولنا المصطفى صلى الله عليه وسلم يقول (المسلم أخو المسلم) ـ صحيح البخاري ـ وهذه الاخوة تحتم على المسلم ان يمنع أخاه المسلم عن الظلم فالله لا يحب الظالمين. ثالثاً ـ وفي نطاق أوسع ومحيط أشمل يرسم الاسلام علاقة المسلم بالآخرين ويحدد اطر التعامل معهم واساليبه ووسائله في شتى الحالات وسائر الاحوال ومختلف الظروف سواء عاش أبناء الملل الأخرى مع المسلمين او عاش المسلمون معهم او عاشوا متجاورين في البلدان، وهي علاقة يحوطها الاطار العام للإنسانية فكلهم بشر ممن خلق الله ومبناها ان الاسلام جاء لخير البشرية ونبذ الجور وتحقيق العدل، فالمسلم يحب الخير للناس ويسعى لخيرهم ويود لهم الهداية ويتعامل معهم على هذا الاساس.

ورابعاً ـ تأتي علاقة المسلم بالكون بما فيه من مخلوقات فالمسلم مأمور بالنظر في كل ذلك نظرة تبصر وتفكر قال تعالى (إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار والفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس وما أنزل الله من السماء من ماء فأحيا به الأرض بعد موتها وبث فيها من كل دابة وتصريف الرياح والسحاب المسخر بين السماء والأرض لآيات لقوم يعقلون) ـ البقرة 164 ـ وعلاقة المسلم بالكون قائمة على حقيقة ان الله أمر الإنسان بعمارة الأرض ونهاه عن الإفساد فيها وحمله امانة ذلك وهو مأمور بأن يؤدي الامانة على الوجه الذي يرضى الله عنه، فالمسلم يهمه استقرار الدنيا كلها ورغدها وعمارتها فهو ليس بالشخص الاناني الذي لا يتجاوز نطاق اهتمامه احتياجات نفسه بل يتجاوز ذلك الى العالم الخارجي. هذه الاسس تحدد للمسلم السلوك المناسب في كل حال والتصرف الملائم في كل ظرف والتعامل الايجابي مع كل الاحتمالات فالمسلم الحق لا يعيش ازمة سلوك او يواجه عجزاً في التعامل والتعايش الايجابي السليم أو يجد نفسه في مأزق او وضع ليس فيه علامات تهديه الى السلوك القويم وشمل هذا كله قول الله عز وجل (خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين) ـ الاعراف 199 ـ فهذه الآية الكريمة تجعل المسلم دائماً في الجانب الموجب المثمر في الدنيا وتهديه إلى التصرف الحكيم، ونحن في المملكة العربية السعودية نلتزم في علاقاتنا وارتباطاتنا وقراراتنا بأحكام الدين الإسلامي الحنيف فقد قامت هذه الدولة منذ تأسيسها على يد الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود ـ رحمه الله ـ على التمسك بشرع الله وتطبيق أحكامه وقواعده في جميع الامور دقيقها وجليلها فمذهبنا الحق هو ما جاء في كتاب الله عز وجل وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وقدوتنا في ذلك الخلفاء الراشدون والصالحون من سلف هذه الامة لا مذهب لنا سوى ذلك ولا نبتغي عنه بديلاً ولا نحيد عنه قيد انملة وهذا ما ندين الله به ونعلنه على رؤوس الاشهاد ويحكم سياستنا الداخلية والخارجية وتعاملنا مع الخاص والعام. وانطلاقاً من ذلك وفي اطار العلاقات التي سبق ايضاحها تتبنى المملكة في الشأن الداخلي منهجاً يقوم على التمسك بكتاب الله وسنة رسوله كما يقوم على الشورى والعدل وتطبيق حدود الله وتعظيم شعائره والامر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعوة الى الله بالحسنى. وفي الشأن الخارجي تتبنى المملكة منهجاً مماثلاً يقوم على التواصل المثمر والتفاعل الايجابي مع العالم الخارجي وتربطها بالدول الاسلامية علاقة الاخوة في الاسلام ومع سائر دول العالم المحبة للسلام علاقات احترام متبادلة قوامها المشاركة في قضايا الانسانية وهمومها حيث يعيش الجميع في كوكب واحد وهي في كل علاقاتها سواء على الصعيد الثنائي او الاقليمي او العربي او الاسلامي او العالمي عضو فعال يهدف الى ان تتصف مشاركاته دائماً بالطابع الاسلامي. وفيما يتعلق بالعالم الاسلامي فالمملكة عضو من هذا العالم يسعدها ما يسعد المسلمين ويسوؤها ما يسوؤهم وتشاركهم الافراح وتقاسمهم الآلام وهي تعمل جاهدة لما فيه عزة الاسلام والمسلمين وتسعى جهدها لما فيه مصلحتهم وتبذل طاقتها لما فيه الخير لهم وتقف مع الدول الاسلامية في المحافل الدولية مؤيدة للحق ناصرة للواجب لا تتوانى في ذلك ولا تتأخر. ولذا تأتي المملكة العربية السعودية دائماً في مقدمة الدول المشاركة في مؤتمرات منظمة المؤتمر الاسلامي سواء تلك التي على مستوى القمة او المستويات الوزارية وعضو في كل المكاتب والمنظمات الفرعية المنبثقة عن هذا المؤتمر تحرص على الوفاء بالتزاماتها وتلتزم بما يصدر عنها من قرارات ومن هذا الباب يأتي دعمها غير المحدود لبنك التنمية الاسلامي ومساندتها لمشاريعه التنموية في سائر أنحاء العالم الاسلامي حتى يستطيع ان يضطلع بالغرض التنموي الذي أنشئ من أجله ويقوم بدوره في دفع مسيرة التنمية في الاقطار الاسلامية على الوجه الاكمل. ايها الاخوة. إن موقف المملكة العربية السعودية من قضية فلسطين ثابت ومعروف فمع كل المتغيرات التي مرت بها المنطقة وعلى الرغم من الاحداث التي جرت مؤخراً وتبدل الظروف وتحول المواقف فإن المملكة لا تزال ثابتة في مبادئها تنصر الحق وتذود عنه وتدين الظلم والظالمين وتدافع عن الحقوق المسلوبة وتسعى في سبيل إحقاق الحق واستعادة الأراضي المغتصبة ودعم تطبيق القرارات الدولية الصادرة في هذه القضية والعمل على ارساء قواعد السلام ومساندة المبادرات السلمية الحقيقية التي تهدف الى ان يسود السلام في المنطقة وفي هذا الاتجاه تجيء مبادرة السلام التي تقدمت بها المملكة الى القمة العربية الرابعة عشرة في بيروت وتبنتها القمة فأصبحت مبادرة سلام عربية لاقت دعماً دولياً. وكذا الشأن مع المسألة العراقية، فالمملكة تتطلع الى ان يزول الوضع المأساوي الذي يعيشه الشعب العراقي ويعود العراق دولة كاملة السيادة تحتل مكانها الطبيعي في العالمين العربي والاسلامي وتؤدي دورها الحقيقي على الساحة الدولية وان يسود الامن ويعم الاستقرار هذا البلد الشقيق وينعم أهله بالأمان والرخاء. وفيما يخص علاقات المملكة العربية السعودية مع العالم وارتباطاتها الدولية وانضمامها للاتفاقيات الدولية سواء الثنائية او متعددة الاطراف خاصة ما يتعلق بتنمية العالم والمحافظة على البيئة ورعاية الحقوق والدفاع عنها ونزع اسلحة الدمار الشامل في سائر انحاء العالم والحيلولة دون انتشار الاسلحة النووية، فان المملكة في كل نشاط تمارسه على هذا الصعيد حريصة على الالتزام بتعاليم دينها وتطبيق مبادئه.

أيها الإخوة المسلمون. مني العالم والمملكة العربية السعودية جزء منه بأحداث ارهابية عديدة تهدف الى زعزعة الاستقرار واشاعة الفوضى وتقويض الأمن واغتيال الانفس وترويع الناس والإفساد في الكون، ووقعت هذه الاحداث في بقاع شتى من انحاء هذه المعمورة منها ما هو في العالم الاسلامي والمملكة منه وتبناها اشخاص وفئات محسوبون على المسلمين مع الاسف الشديد ولذا لا بد من ايضاح موقف الاسلام من هذه الاحداث والقائمين بها. ان هذه الاحداث تعد حالات استثنائية طارئة لا تمثل ابداً الوضع العام ولا ترقى الى مستوى الظاهرة المستقرة أو الوضع المستديم ولا بد من الوقوف في وجهها وكشف زيفها وايضاح حقيقتها حتى لا يغتر مغتر او يؤثر زيفها على جاهل فهي نتاج فكر مريض وحصيلة منهج منحرف خارج عن قواعد الشرع الحنيف واحكامه بعيد عن اصول الدين ومبادئه يقف وراءه ضمير فاسد سول له الشيطان وأملى وتفكير زائغ عن الطريق السوي بعيد عن النهج القويم ناء عن الصراط المستقيم ومناف للفطرة السليمة التي فطر الله الناس عليها. فالارهاب افساد في الارض وسعي في الخراب ومحاربة لله ورسوله وللمسلمين وبغي وعدوان والله عز وجل لا يحب الفساد ولا المفسدين وينهى عن البغي والعدوان وقد توعد الله المفسدين في الأرض بأشد العذاب قال تعالى (ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام) ـ 204 ـ (وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد) ـ 205 ـ (وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم فحسبه جهنم ولبئس المهاد) ـ البقرة 204 الى 206 ـ وقال عز وجل (أفمن زين له سوء عمله فرءاه حسناً فإن الله يضل من يشاء ويهدي من يشاء فلا تذهب نفسك عليهم حسرات إن الله عليم بما يصنعون) ـ فاطر 8 ـ ومن هنا تصدت المملكة العربية السعودية للارهاب بكل صوره واشكاله فحاربته محلياً وأدانته عالمياً وعملت على اجتثاث أصوله وقواعده وتفنيد افكاره ومبادئه وايضاح فساد هذه الافكار والمبادئ وبيان بطلانها وتهافت الادلة التي يستند عليها اصحاب هذا الفكر المريض، والمملكة العربية السعودية بهذا ملتزمة بالدين مطبقة لأحكامه لا تحيد عنها قيد أنملة فموقف المملكة مستمد من احكام الشرع الحنيف ومبادئه الثابتة ولذا فهو موقف ثابت لا تغيره الاحوال ولا تبدله الظروف يمثل الالتزام به سمة واضحة لسياسة المملكة الداخلية والخارجية كما ذكرنا آنفاً. وكانت المملكة سباقة الى حث المجتمع الدولي على التصدي للارهاب ووقفت مع جميع الدول المحبة للسلام في محاربته والعمل على القضاء عليه واستئصاله من جذوره وتدعو جميع الدول المحبة للسلام الى تبني عمل شامل في اطار الشرعية الدولية يكفل القضاء على الارهاب ويصون حياة الابرياء ويحفظ للدول سيادتها وامنها واستقرارها فمكافحة الارهاب تتطلب تعاوناً دولياً ضد إيواء العناصر والجماعات الارهابية والحيلولة دون تمكينها من استغلال اراضي الدول التي تعيش فيها لاستخدامها منطلقا لانشطتها التخريبية مهما كانت الدوافع والحجج.

أيها الاخوة المسلمون. ان الدين الاسلامي بتعاليمه القيمة يضيء في الحياة الطريق ويبعث في جوانب الدنيا النماء والرخاء ويجعل الخير فيها وافراً موصولاً فهو دين عبادة وعمل.. دين ينهى عن الحقد والكراهية ويدعو الى التراحم والتواصل والتعارف قال تعالى (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم) ـ الحجرات 13 ـ والمسلمون على مر العصور رسل رحمة ودعاة هداية وسلام وازدهار واستقرار وصناع حضارة يحملون الخير للبشرية ويسعون لمصلحة الانسانية ويحفظون للانسان كرامته التي اختصه الله بها في قوله عز وجل (ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلاً) الاسراء 70 ـ.

واخيراً ايها الاخوة هذه سبيل الاسلام وطريق المؤمنين التي يجب ان نكون على يقين أنه لا عزة للمسلمين في هذه الدنيا ولا فلاح لهم الا بالتمسك بكتاب ربهم وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم والعض عليهما بالنواجذ فذلك والله عز الدنيا والآخرة، وفي الختام نهنئ جميع المسلمين في مشارق الارض ومغاربها بحلول عيد الأضحى المبارك وندعو المولى عز وجل ان يجعل هذا العيد عيد أمن واستقرار في سائر اقطار المسلمين والعالم اجمع وان يجمع كلمة المسلمين على الخير ويهديهم الى اتباع الحق والعمل به كما نبارك لحجاج بيت الله الحرام حجهم ونرجو لهم اقامة سعيدة وعوداً حميداً الى اهلهم واوطانهم سالمين غانمين فرحين مستبشرين وان يجعلهم رسل خير وبشائر رحمة وكل عام وانتم بخير وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته».

من جهة اخرى استقبل الأمير عبد الله بن عبد العزيز ولي العهد ونائب رئيس مجلس الوزراء ورئيس الحرس الوطني السعودي امس في قصر منى الشخصيات الاسلامية ورؤساء بعثات الحج الذين يؤدون فريضة الحج هذا العام. وهنأهم على ادائهم لفريضة الحج متمنيا لهم حجا مبرورا وسعيا مشكورا.

وقد اعرب الجميع عن شكره وتقديره للملك فهد وللأمير عبد الله بن عبد العزيز على ما وجدوه من عناية واهتمام وعلى ما تقدمه حكومة خادم الحرمين الشريفين من خدمات وتسهيلات لحجاج بيت الله الحرام ليتمكنوا من اداء نسكهم بكل يسر وسهولة.

وحضر الاستقبال اياد أمين مدني وزير الحج وعدد من المسؤولين.