أحد الجرحى: رحبت بالانتحاري وصافحته مبتسما قبل أن ينفجر وسطنا

TT

لا يذكر شيخ الله إبراهيم وجه الرجل على وجه التحديد، ولا يستطيع أن يقدر عمره أو يصف الملابس التي كان يرتديها. ولكن شيخ الله إبراهيم يذكر انه عندما كان واقفا صباح الأحد وهو يستقبل مئات المهنئين بالعيد، ابتسم لذلك الرجل وصافحه مرحبا به قبل ثوان فقط من قيام الأخير بتفجير نفسه بمتفجرات كان يحملها تحت ملابسه. وقال إبراهيم وهو يرقد في سرير المستشفى في مدينة اربيل، عاصمة الاقليم الكردي العراقي «كانت نجاتي معجزة».

وشيخ الله إبراهيم هو نائب مسؤول الحزب الديمقراطي الكردستاني في اربيل، حيث وقع هجومان انتحاريان راح ضحيتهما 65 شخصا قتلوا وحوالي 200 اصيبوا بجروح مختلفة. وقد اصطدم شيخ الله إبراهيم بالحائط عندما قذف به الانفجار بعيدا وأفقده الوعي. وبالقرب منه كانت ترقد جثة صبي كان يوزع الحلوى على المهنئين، وقد تناثرت الحلوى حول جثته. قال شيخ الله إبراهيم عندما أفاق من الغيبوبة وحوله جثثا مسؤول فرع الحزب في إربيل وأحد الوزراء: «ظننت أنني مت. كانت قطع منهما تتناثر حول جسمي».

وعندما حل مساء الأحد كان اقارب الضحايا يملأون غرف قسم الحوادث والطوارئ في المستشفيات بحثا عن احبائهم. كما كانت المستشفيات تحاول جهد الطاقة التعامل مع السيارات المكدسة بالجثث والجرحى الذين نقلتهم الشرطة، في ظل شح الاسرة والإمكانيات. وقال ضابط شرطة أربيل سرحان عمر، 22 سنة، وهو يشير إلى مزيج من الدم والطين والمياه الملوثة في مؤخرة سيارته: «هذا هو دم نائب رئيس الوزراء سامي عبد الرحمن. لم أجد الوقت لاغسله بعد. يا لها من مأساة مروعة».

وكانت إجراءات أمن مشددة قد فرضت بعد الانفجارات مباشرة وأقيم الكثير من حواجز التفتيش وأغلقت بعض الطرق. وجرت الاستعدادات لتشييع عشرات الجنائز يوم أمس. واعتبر إبراهيم أن المدينة الكردية التي عانت كثيرا في عهد صدام حسين، ستفيق من مأساتها بسرعة. وقال:

«هذه ليست المرة الأولى ولن تكون الأخيرة. نحن نجونا من الهجمات بالأسلحة الكيماوية، كما نجونا من قنابل صدام حسين. نجونا من كل ذلك لأن إرادة شعبنا أقوى من القنابل».

وقال إبراهيم ان المسؤولين الحزبيين في أربيل كانوا يخشون حدوث هجمات إرهابية أثناء أيام العيد، ولذلك اتخذوا بعض الإجراءات الوقائية مثل منع السيارات من التوقف أمام دار الحزب. ونسبة لكثافة الحشود وتفادي مضايقة المحتفلين بالعيد تجاهل المسؤولون التفتيش الدقيق لكل الزوار. ويعتقد أن الانتحاري تسلل ضمن هذه الحشود. وقالت ناريمان محمد، 40 سنة، التي اصيب ابن عمها بعدة جروح: «لم يلجأوا الى تشديد الاجراءات الأمنية حرصا على روح الاحتفال بالعيد. ولكنه كان قرارا خاطئا وهذه هي نتيجته».

* خدمة «لوس أنجليس تايمز» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»