وفد نيابي مغربي يعتزم الطلب من البرلمان اتخاذ موقف إزاء سوء معاملته من قبل السلطات الأمنية الأميركية

اتصال هاتفي بين وزيري خارجية الرباط وواشنطن ساهم في تسوية المشكلة التي صادفت الوفد في مطار بورتلاند

TT

قال عبد الله العباسي، عضو فريق التحالف الاشتراكي في مجلس النواب المغربي، ان الوفد النيابي المغربي الذي تعرض لسوء معاملة من قبل السلطات الأمنية الأميركية في مطار بورتلاند بولاية أوريغون (غرب أميركا)، سيطرح قضيته على البرلمان المغربي لاتخاذ موقف رسمي بشأن «سوء المعاملة التي تعرض لها الوفد خلال زيارة رسمية كان يقوم بها للولايات المتحدة بدعوة من المجلس الأميركي للقادة السياسيين الشباب».

وكان العباسي تحدث أمس لـ«الشرق الأوسط» في الرباط مباشرة بعد وصوله من رحلة طويلة بين مطاري بورتلاند والدار البيضاء دامت 48 ساعة، بعد أن كان يفترض أن يصل الوفد للمغرب مساء السبت الماضي، وتأخر موعد وصوله بسبب تعقيدات وملابسات أمنية تعرض لها في مطار بورتلاند، ولاحقته المتاعب في مطار نيويورك. وكانت المجموعة النيابية ستسافر يوم السبت الماضي في الساعة 17 من مطار بورتلاند الدولي عندما استأذن النائب العباسي المجموعة لاحتساء القهوة تاركا حقيبة يده. وحين عاد، كان باقي افراد المجموعة قد صعدوا الى الطائرة تاركين حقيبته التي اعتبرت سلطات المطار ان احد المسافرين قد نسيها. واستجوب عناصر الشرطة النائب العباسي بينما كان يستعيد حقيبته. ولم تؤد احتجاجات زملائه لدى افراد الطاقم الى تسوية الامور بسبب الحاجز اللغوي، كما ذكرت صحيفة «الاوريغونيان» المحلية.

وامر قبطان الطائرة النواب الستة بمغادرة الطائرة وابلغ وكالة أمن وسائل النقل بالحادث. وقد اصيب رجال الامن الاميركيون بالذعر لدى رؤيتهم وثائق مكتوبة باللغة العربية، والرقم 911 المطبوع على احد الاوراق. وكانت سفارة المغرب تضطر في كل محطة للتدخل لرفع العقبات التي واجهت الوفد الذي حرم اعضاؤه من قضاء إجازة عيد الأضحى المبارك مع أفراد أسرهم. وقال العباسي ان الوفد الذي يضم سبعة نواب، واجه «معاملة سيئة»، مضيفا ان الوفد رغم تلقيه اعتذارا بشأن ما حدث له فإنه غير مقتنع بالمبررات التي قدمتها السلطات الأمنية الأميركية بشأن سوء الفهم الحاصل حول رقم 911 الذي كان مكتوبا في وثائق أحد النواب السبعة، باعتباره رقم المستعجلات في أميركا، والذي يدل أيضا في قاموس الأجهزة الأمنية الأميركية على احداث 11 سبتمبر( أيلول) 2001 . وكشف النائب العباسي ان قضية الوفد النيابي طرحت على أعلى المستويات بين واشنطن والرباط، وان اتصالا أجراه وزير الخارجية المغربي محمد بن عيسى بنظيره الأميركي كولن باول، ساهم في حل الإشكالية الأمنية التي واجهها الوفد في مطار بورتلاند. يذكر انه بمجرد ما وصل الخبر الى المغرب اتصل وزير الخارجية المغربي بالوفد وتحدث مع النائبين محمد البقالي ومحمد فهيم.

وباشر الوزير بن عيسى مع الجانب الاميركي في المطار كل ترتيبات سفر الوفد من بورتلاند الى نيويورك عبر اتلانتا في ولاية جورجيا. وبتعليمات من وزير الخارجية المغربي قام طاقم من القنصلية العامة في نيويورك باستقبال الوفد في المطار وتولى ترتيبات سفره بما في ذلك شراء تذاكر سفر له، ووصلوا صباح امس الى المغرب. وقال العباسي إن الوفد سيتابع قضائيا شركة «دلتا» الأميركية للطيران والجهات المسؤولة عن الحادث. وتحدث العباسي عن تفاصيل القصة التي تعرض لها الوفد الذي يتألف من أحزاب مختلفة، خمسة منهم ينتمون الى أحزاب الغالبية المشاركة في الحكومة، وهم بالاضافة الى العباسي، محمد البقالي من حزب الاتحاد الإشتراكي للقوات الشعبية، واحمد الصالحي من حزب التجمع الوطني للأحرار، وايت عدي باها من تكتل أحزاب الحركة الشعبية، ومحمد فهيم من حزب الاستقلال، ونائبة ونائب ينتميان لحزبين معارضين هما خديجتنا ابوح، من حزب الاتحاد الدستوري، وعبد العزيز العماري من حزب العدالة والتنمية الاصولي. وقال النائب العباسي ان الأمر يتجاوز قصة رقم 911 الذي وقع بشأنه سوء تفاهم، موضحا ان «المحققين احتجزوا وثائق للوفد وهي عبارة عن محاضر جلسات سياسية رسمية اجريت خلال 12 يوما استغرقتها زيارة الوفد المغربي، وتمت مع مسؤولين في الإدارة والكونغرس الأميركيين ومؤسسات رسمية في ست ولايات أميركية». وقال العباسي ان الوثائق تتضمن معلومات حول محادثات رسمية تتعلق بقضايا سياسية حساسة مثل قضية الصحراء، واتفاق التبادل الحر بين المغرب وأميركا. واشار العباسي الى ان المسؤولين الأمنيين الأميركيين كانوا يسألون النواب المغاربة حول ما اذا كان الوفد يضم «أعضاءَ من حزب اسلامي». وقال العباسي انه كان الأول من بين اعضاء الوفد، الذي بدأ معه مسؤولو أمن مطار بورتلاند أسئلتهم قبيل صعوده لطائرة شركة «دلتا»، التي كان مقررا اقلاعها على الساعة السابعة بالتوقيت المحلي، وكان هو آخر أعضاء الوفد الذين صعدوا للطائرة، لكن طلب منهم النزول لتشملهم اسئلة المحققين، واحيط الوفد بعدد كبير من رجال الأمن.

وأوضح العباسي ان الطريقة التي عامل بها رجال الأمن الوفد كانت مسيئة، حيث وجه رجل أمن مسدسه اليه، وطلب منه الامتثال لأوامر الأمن، ليبدأ معه التحقيق وتفتيش حقيبته، وفعلوا نفس الشيء مع حقائب باقي أعضاء الوفد التي تبين أنها لم تكن قد وضعت بعد في الطائرة. وقال العباسي ان التحقيقات التي جرت مع اعضاء الوفد كانت في غرف معزولة، وطلب الى مترجمين للعربية والفرنسية الانضمام الى المحققين، وجرى التحقيق مع العباسي حوالي ساعة من الزمن بينما جرى التحقيق مع النائب احمد الصالحي، الذي عثر على رقم 911 مدونا في احدى الوثائق في حقيبته، حوالي نصف ساعة، وفي وقت أقل جرى التحقيق مع النائب عبد العزيز العماري، من حزب العدالة والتنمية الاصولي. وقال العباسي ان المحققين من «اف بي اي» وجهاز أمن مطار بورتلاند «تي اس اي» «جهاز أمن المطار»، قدموا في نهاية المطاف اعتذارات رسمية لأعضاء الوفد، لكن الوفد رفض قبول تلك الاعتذارات بسبب سوء المعاملة التي تعرض لها. كما رفض الوفد تسهيلات قدمتها السلطات الأمنية الأميركية لهم حتى يعبروا باقي نقاط المطارات الأميركية في طريقهم الى مطار نيويورك، من دون تفتيش لكنهم رفضوا وطلبوا منها أن يعاملوا مثل باقي المسافرين. وقال العباسي ان الوفد اضطر الى تغيير مسار رحلته بسبب التأخير الذي حصل، واضاف انه واجه متاعب جديدة عند وصوله الى مطار نيويورك لكي يستقل طائرة الخطوط الفرنسية نحو باريس، بدلا عن طائرة الخطوط المغربية المتوجهة الى الدار البيضاء، التي تعذر على الوفد اللحاق بها. حيث رفضت الشركة الفرنسية نقلهم على متن الطائرة بسب الحيثيات الأمنية التي واجهتهم في رحلتهم، ولم تحل المشكلة الا بعد تدخل من السلطات الأمنية لمدينة نيويورك.

وعلمت «الشرق الاوسط» ان السفير الاميركي الجديد في المغرب الذي لم يقدم بعد اوراق اعتماده للعاهل المغربي الملك محمد السادس، اتصل ببن عيسى، وعبد الواحد الراضي، رئيس مجلس النواب، ليقدم لهما اعتذاره عما حصل. ولم يتسن الاتصال بوزير خارجية المغرب ورئيس مجلس النواب لمعرفة تفاصيل ما دار بينهما والسفير الاميركي. وتوقعت مصادر في الرباط ان تتم اليوم مواصلة التداول في هذا الموضوع بين وزارة الخارجية المغربية والسلطات الاميركية.