حل لجنة الأمم المتحدة المكلفة مراقبة حرب الإرهاب لصالح أخرى جديدة خاضعة إلى مجلس الأمن

TT

قال مسؤولون في الولايات المتحدة والأمم المتحدة ان مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة حل اللجنة المستقلة التابعة للأمم المتحدة التي قد أسست قبل ما يزيد على عامين ونصف العام لمنع شبكة «القاعدة» الارهابية من تمويل حربها ضد الولايات المتحدة وحلفائها.

وتأتي هذه الخطوة بعد أن توصلت اللجنة، التي يترأسها البريطاني مايكل تشاندلر، في تقرير نشرته يوم الثاني من ديسمبر (كانون الاول) الماضي الى أن العقوبات التي اتخذها مجلس الأمن ضد «القاعدة» كانت قد فشلت في تقييد نشاط الشبكة الارهابية.

ولكن أعضاء مجلس الأمن أنكروا أن تكون الخطوة عقابا على ما توصلت اليه اللجنة، مشيرين الى أن نوعية عمل المجموعة متفاوت وأن المجموعة لم تعد ذات فائدة.

وتبنى المجلس الذي يضم 15 دولة قرارا جديدا يوم الجمعة الماضي برعاية الولايات المتحدة وروسيا وتشيلي، سيستبدل لجنة تشاندلر بما يقولون انه سيكون لجنة أكثر كفاءة. ومن المتوقع أن تواصل الهيئة الجديدة مراقبة الحرب الشاملة ضد الارهاب ولكنها ستكون خاضعة لتنسيق واشراف أوثق من جانب مجلس الأمن.

ويجسد ذلك صعوبة ادارة عملية دولية لمكافحة الارهاب عبر منظمة غالبا ما ينتقد أعضاؤها الـ 191 على اخفاقهم في التعاون، وهو يعكس، ايضا، الاحباط المتزايد بين الأعضاء من أن العقوبات لم تفعل الكثير لايقاف تدفق الأموال والأسلحة الى «القاعدة».وانتقد تشاندلر القرار، مشيرا الى أنه سيقلل من أهمية قدرة الأمم المتحدة على مكافحة «القاعدة». وقال ان الغاء هيئته كان نتيجة لضغط من الأعضاء المتنفذين في الأمم المتحدة الذين جرى تشخيصهم في تقاريره لفشلهم باتخاذ اجراءات كافية لمكافحة «القاعدة».

وقال تشاندلر ان «عددا من الناس كانوا غير راضين عن تقريرنا الأخير». وأضاف ان مجلس الأمن وجه رسالة خاطئة، مشيرا الى ان أحد «العناصر الأساسية» لاستراتيجية ناجحة لمكافحة الارهاب يتمثل في وجود «مجموعة مراقبة مستقلة قوية».

وكانت هيئة تشاندلر ـ مجموعة مراقبة «القاعدة» ـ التي تضم خمسة اعضاء قد تأسست في يوليو (تموز) عام 2001 لضمان التقيد بحظر الأسلحة ضد طالبان وتجميد موجوداتها المالية بسبب توفيرها ملاذا لأسامة بن لادن. وقد مدد تفويض المهمة بعد أن سقطت حكومة طالبان في يناير (كانون الثاني) عام 2002 ، ومنحت سلطات واسعة لمراقبة الالتزام الدولي بحظر الأمم المتحدة على المال والسفر والأسلحة.

وغالبا ما كانت تقاريره تلقي أضواء على اخفاقات ردود أفعال الحكومات على تهديد «القاعدة». ففي أغسطس (آب) عام 2002، وبعد ركود في نشاطات «القاعدة» قدم تشاندلر تكهنات بشأن عودة الشبكة الى نشاطها. وحذر التقرير من أن «القاعدة في وضع ملائم وجيد وفق كل الحسابات، وهي مستعدة لتوجيه ضربات». وقد اعقبت ذلك ضربات مميتة في بالي بأندونيسيا والدار البيضاء بالمغرب والسعودية.

وقال فكتور كومراس، المسؤول السابق في وزارة الخارجية الأميركية الذي ساهم في كتابة التقرير ان «المجموعة تعمل بشكل جيد جدا، وتقدم تقارير فعالة الى مجلس الأمن ترسم صورة عما كان يجري في الواقع».

وأضاف «تتملكني الحيرة في فهم سبب أن تكون الولايات المتحدة واحدا من اللاعبين الرئيسيين في اعادة صياغة القرار الجديد والسماح بالغاء مجموعة المراقبة، فقد كانت الولايات المتحدة أكبر مستفيد من مجموعة المراقبة لأنها منحتهم امكانية تحديد وانتقاد الدول التي أخفقت في مكافحة الارهاب.

وقال أحد المسؤولين الأميركيين ان آخر ما ترغب به الولايات المتحدة هو «قمع» الأمم المتحدة، ولكنه قال انه بينما كانت لجنة تشاندلر فعالة «في اثارة العناوين الرئيسية»، فان ميله الى مخاصمة الدول الأعضاء يمكن ان يؤدي في نهاية المطاف الى تقويض جهود الولايات المتحدة لتسخير دعم الأمم المتحدة في حملتها ضد الارهاب. وقال جيمس كننغهام، السفير الأميركي لدى الأمم المتحدة ان «مجموعة تشاندلر أنجزت مهمة جيدة، ولكننا نحاول أن نجعل اللجنة أكثر فاعلية».

وقال بعض الدبلوماسيين من الولايات المتحدة والأمم المتحدة ان تشاندلر أقصى، على نحو لا موجب له، حلفاء وأشخاصا محتملين في الأمم المتحدة وبعضهم في الولايات المتحدة. فقد سبب تقرير تشاندلر لعام 2002 ضيقا لمسؤولين في ادارة بوش عبر القاء ظلال الشك على نجاح الجهد الذي تقوده الولايات المتحدة لايقاف تمويل «القاعدة». وتحدت الولايات المتحدة، ايضا، صحة مزاعم تشاندلر في تقرير سابق من أن وزارة الخزانة أغفلت تحذيرات من «صن تروست بانكس» من أن أحد المشاركين الرئيسيين في هجمات الحادي عشر من سبتمبر الارهابية كان قد حول كميات كبيرة من الأموال الى حساب في بنك فلوريدا.

واثار تشاندلر حنق مسؤولين من ليشتنشتاين وايطاليا وسويسرا بتقرير أوضح كيف أن اثنين ممن اعتبرتهم الأمم المتحدة من ممولي الارهاب، وهما يوسف ندا وادريس نصر الدين، قد عاشا وسافرا وأدارا مشاريع بملايين الدولارات على أراضي تلك الدول مما شكل انتهاكا للعقوبات المفروضة من جانب الأمم المتحدة.

وقال سفير تشيلي لدى الأمم المتحدة، هيرالدو مونوز، وهو رئيس لجنة مكافحة الارهاب في الأمم المتحدة، ان الهيئة الجديدة التي تضم ثمانية أعضاء ـ والتي تسمى هيئة الدعم التحليلي ومراقبة العقوبات ـ ستمنح «قوة أكبر» لجهود الأمم المتحدة في مكافحة الارهاب عبر تعزيز خبرة اللجنة بالضوابط الخاصة بالتمويل وبالحدود، وتحسين قدرتها على تحليل الاتجاهات الارهابية.

* خدمة «واشنطن بوست» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»