حصيلة ضحايا انفجاري أربيل ترتفع إلى 65 قتيلا وأصابع الاتهام تتجه إلى الخارج

قوات التحالف تحذر من تهديدات متزايدة والمسؤولون الأكراد يؤكدون تمسكهم بالوحدة والجامعة العربية تندد

TT

رفعت حصيلة جديدة لضحايا العمليتين الانتحاريتين اللتين نفذتا ضد مقرين في مدينة اربيل للحزبين الكرديين الرئيسيين في العراق اول من امس، عدد القتلى الى 65 شخصا على الاقل، سبعة منهم توفوا لاحقا بعدما كانوا ضمن الـ 247 جريحا الذي نقلوا الى المستشفيات. وقال مدير مستشفى اربيل الحكومي مظفر حبيب «نقل الى المستشفى 58 قتيلا وتوفي شخصان كانا يتلقيان العلاج في المستشفى، ما يرفع عدد القتلى الى 60». بينما صرح مدير المستشفى الجامعي في اربيل الدكتور صلاح عبد الله من جهته «استقبلنا 51 جريحا توفي منهم خمسة صباح (امس)».

واعلن «البرلمان» الكردي الحداد ثلاثة ايام اعتبارا من يوم امس. وجاء في بيان صدر عن هذه الهيئة ان «البرلمان اعلن الحداد لثلاثة ايام اعتبارا من الاثنين في محافظات دهوك واربيل والسليمانية». وتوقفت محطة تلفزيون كردستان عن بث برامجها العادية واكتفت بالموسيقى الكلاسكية منذ مساء اول من امس وهي تعلن اسماء المسؤولين الاكراد الذين قضوا في العمليتين في مقري الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني والاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة جلال طالباني.

وجرى تعزيز الاجراءات الامنية في اربيل معقل الحزب الديمقراطي الكردستاني لكن «احدا لم يعتقل في اطار التحقيقات» وفق ما اوضحت مصادر الحزب. وقام زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود بارزاني الذي كان في السليمانية عندما وقعت العمليتان بزيارة الجرحى في المستشفيات مساء اول من امس.

وأقام مشيعون امس مراسم لتأبين ضحايا العمليتين. وتجمعت الحشود في ثاني أيام عيد الاضحى خارج مكاتب الاتحاد الوطني الكردستاني والحزب الديمقراطي الكردستاني اللذين استهدفتهما الانفجارات. وقال الذين زاروا أقارب أو أصدقاء في مستشفيات أربيل ان عدد القتلى قد يزيد اذ ان عددا من الجرحى في حالة خطيرة.

وظلت شظايا الزجاج متناثرة والخرسانة محطمة والمعادن ملتوية في الموقعين اللذين يبعدان عن بعضهما البعض بضعة كيلومترات لكنهما هوجما في عمل منسق فيما يبدو وقع في منتصف النهار.

وكان الهجومان اللذان وقعا في قاعتين يحتفل فيهما الناس بالعيد هما الاسوأ مما يشهده العراق منذ اغسطس (اب) الماضي عندما سقط 83 قتيلا في هجوم انتحاري خارج مسجد الامام علي في مدينة النجف المقدسة.

ولف المهاجمان المتفجرات على جسديهما في أسلوب عرف به نشطاء فلسطينيون يقاومون الاحتلال الاسرائيلي وهو جديد على العراق حيث شاع بين المهاجمين تلغيم السيارات.

وقال ديلدار سعيد المستشار السابق لرئيس وزراء الاتحاد الوطني الكردستاني الذي قتل العديد من أقاربه أو جرحوا في الهجوم «انه أمر مدمر. الكل مذهول. من المنتظر أن يرتفع عدد القتلى مع وجود العديد من المصابين في حالة خطيرة».

وحذر متحدث باسم قوات التحالف امس من ان تهديد العمليات الانتحارية والتفجيرات يمكن ان يتصاعد خلال الايام والاسابيع المقبلة، وذلك مع اقتراب سعي الامم المتحدة الى بحث امكانية اجراء انتخابات قبل تسليم السلطة بحلول 30 يونيو (حزيران) المقبل.

وقال السيرجنت روبرت كارجي من الفرقة الرابعة مشاة المتمركزة في تكريت، معقل الرئيس المخلوع صدام حسين سابقا، «يرتسم اليوم تهديد متزايد بسبب طبيعة الهجوم في الشمال وحقيقة انه نفذ في اول ايام عيد الاضحى». ولم تعلن اية جهة مسؤوليتها عن العمليتين. لكن ومع استمرار عمليات ازالة الانقاض التي خلفها الانفجاران واعلان حالة الحداد في المنطقة، سارع المسؤولون الذين غمرهم الحزن الى توجيه اصابع الاتهام الى عدد من الاطراف غير العراقية.

وقال البريغادير جنرال مارك كيميت نائب رئيس العمليات في التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة في العراق ان مقاتلين اجانب من تنظيم «القاعدة» او جماعة «انصار الاسلام» قد يكونون وراء الانفجارين. واعلن مسؤول عسكري في التحالف في العراق ان العملية الانتحارية المزدوجة قد تكون نفذت انتقاما لالقاء قوات التحالف في العراق القبض على حسن غول الذي يشتبه في انه مسؤول في تنظيم «القاعدة».

وردا على سؤال حول الجهة التي تقف وراء العمليتين، قال المسؤول ان العملية قد تكون «عملا انتقاميا» نفذه تنظيم «القاعدة».

وافاد مسؤولون اميركيون انه قبض على الباكستاني حسن غول في 22 يناير (كانون الثاني) قرب الحدود مع ايران، ويشتبه في انه قدم لاستكشاف المنطقة بغية تنظيم عمليات واقامة اتصالات مع اصوليين متطرفين.

وقال عادل بوتاني المعاون السياسي العام في حكومة كردستان الاقليمية التي يديرها الحزب الديمقراطي الكردستاني «ان مقتل العديد من المسؤولين لن يؤثر في قرارات الحزب فلدينا العديد من الكوادر المؤهلة. اذا اعتقدوا انه بقتل هذا العدد سيؤثرون علينا فهم مخطئون». وقال بوتاني الذي اصيب في الانفجارين، ان الانفجارين «نفذهما اصوليون من انصار الاسلام لكن جندتهم دول مجاورة فهذه الاساليب ليست من تقاليد العراقيين انها ممارسات يقوم بها غرباء من الدول القريبة».

ويقول مسؤولون في التحالف ان ازدياد الهجمات عن طريق التفجيرات الانتحارية في العراق يشير الى تورط مقاتلين اجانب ربما كانوا يعملون بالتعاون مع موالين لنظام الرئيس المخلوع صدام حسين.

واكدوا ان الاجانب يستغلون الهجمات التي يشهدها العراق منذ عشرة اشهر لزعزعة المنطقة ويعلمون الجماعات المسلحة في العراق اساليبهم ويستخدمون العراقيين كوسيلة للوصول الى اهدافهم.

ووجه اخرون اصابع الاتهام الى ايران التي خاضت حربا طويلة مع العراق امتدت من 1980 الى 1988 رغم ان ايران ساندت الاكراد في قتالهم ضد نظام صدام البعثي.

وقال تشلو خضر نجم الدين من الحزب الديمقراطي الكردستاني «لدينا عدو مشترك هو الارهابيون من ايران وغيرها من الدول ويجب مواجهتهم». واضاف «نتوقع انفجارات اكبر كلما تحركنا باتجاه التطور والديمقراطية. يجب على العرب والاكراد العيش معا رغم اننا نطالب بالفدرالية وهي حق لنا». وقال ان انصار الاسلام ربما نفذوا الهجمات بايعاز او لحساب طرف اخر.

ولمح مسؤولو الحزب الديمقراطي الكردستاني كذلك الى ان تركيا او سورية ربما كانتا وراء الانفجارين اذ يخشى البلدان ان يشجع سعي اكراد العراق للحصول على الحكم الذاتي الاكراد على اراضيهما على المطالبة بالمثل.

وقال مسؤول طلب عدم الكشف عن اسمه في الحزب الديمقراطي الكردستاني ان «تركيا والدول المجاورة لها مصلحة فيما حصل. ان هذه الدول قلقة مما يفعله اكراد العراق من ترسيخ للديمقراطية وخصوصا اقرار الفيدرالية». واشار سيت مصطفى خضر عضو مجلس الاعلام في الاتحاد الوطني الكردستاني «لا نستطيع بالضبط تحديد الجهة الفاعلة لكنهم بالتأكيد ضد ما يحصل في كردستان العراق والجيران لديهم اكراد وبالتالي يهمهم افشال ما يحصل هنا». وأصدر مسعود بارزاني زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني وجلال طالباني زعيم الاتحاد الوطني الكردستاني بيانين قالا فيهما ان الهجمات زادت من تصميمهما على التمسك بوحدتهما. وأدانت جامعة الدول العربية امس الهجومين الانتحاريين مؤكدة انهما يهدفان الى «بث الفرقة في صفوف شعب العراق».

وقال المتحدث باسم الجامعة ان الامين العام عمرو موسى اجرى اتصالين هاتفيين بزعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود بارزاني وزعيم الاتحاد الوطني الكردستاني جلال طالباني، لتقديم «تعازيه والاعراب عن تعاطفه مع اسر الضحايا الذين سقطوا في الحادث».