باول في حديث تنشره «الشرق الأوسط»: قرار غزو العراق صحيح.. وسيتأكد هذا لاحقا

قال: خضنا حرب 1991 متوقعين استخدام الأسلحة الكيماوية ضدنا.. وعدم استخدامها لم يعن عدم وجودها

TT

قال وزير الخارجية الأميركية كولن باول، انه لا يعرف ما إذا كان سيوصي بغزو العراق إذا علم أنه لا يملك مستودعات لأسلحة الدمار الشامل. ولكنه دافع بإسهاب عن قرار إدارة الرئيس جورج بوش بشن الحرب، وقال في مقابلة أجريت معه اول من امس، ان الرئيس العراقي المخلوع، صدام حسين، حتى وإن لم يكن يملك الأسلحة الكيماوية والبيولوجية والنووية، كان ينوي الحصول عليها وتوفير المقومات لإنتاجها في حال رفع العقوبات الدولية عن العراق. ولكن باول اعترف بأن اعتقاد الإدارة أن العراق كان يملك تلك الاسلحة عزز من عزمها على شن الحرب. وعندما سئل عما إذا كان سيوصي بشن الحرب إذا كان يعلم أن العراق لا يملك الأسلحة المحظورة، أجاب قائلا: «لا أعرف، وذلك لأن وجود تلك المستودعات هو العامل الذي جعل الخطر حقيقيا وماثلا سواء بالنسبة للمنطقة أو للعالم ككل. ولكن غياب الأسلحة يغير المعادلات، ويغير بالتالي الإجابة التي يمكن أن تحصل عليها لذلك السؤال». تحدث باول عن الأسلحة العراقية لأكثر من نصف ساعة في مقابلة امتدت ساعة واحدة. وطوال تلك المقابلة كان باول يحاول تحقيق توازن بين الأسباب التي استندت إليها الإدارة في شن الحرب، وبين حقيقة أن البحث لم يسفر عن أية أسلحة دمار شامل في العراق بعد أن أعلن كبير خبراء الاسلحة الاميركيين، ديفيد كاي، أن صدام حسين لم يكن يملك اسلحة دمار شامل عندما حدث الغزو الأميركي. ويعتقد الكثيرون أن باول راهن بكل مصداقيته لدى مثوله أمام مجلس الأمن الدولي في 5 فبراير(شباط) 2003، وقدم شرحا قويا ومفصلا لمزاعم الولايات المتحدة حول ملكية صدام لاسلحة الدمار الشامل. وقال باول في خطابه انذاك: «ما نقدمه لكم هو الحقائق وهو الاستنتاجات المستندة إلى معلومات استخبارية موثوقة». وقال باول في المقابلة انه قضى الوقت الأكبر من عطلة نهاية الأسبوع الماضي في قراءة تقرير كاي المقدم الى لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ. وكان باول يحمل نسخة من التقرير اثناء المقابلة معه، وقال ان التقرير يدعم الإدارة الأميركية بأكثر مما صورته وسائل الإعلام.

* أما تزال واثقا من أن غزو العراق عسكريا كان هو القرار الصحيح؟

ـنعم. أعتقد أن قرار الغزو كان قرارا صحيحا وأعتقد أن التاريخ سيثبت ذلك... واسمحوا لي أن أنفذ مباشرة إلى موضوع الساعة وهو أسلحة الدمار الشامل... ما هو الخطر الذي كنا نتحدث عنه (قبل الحرب) في ما يتعلق بأسلحة الدمار الشامل؟ فالحديث عن الخطر يشمل الحديث عن النيات وعن المقدرات، وعندما يجتمع العاملان يكون هناك خطر. وإذا تحدثنا عن النيات فإن صدام حسين ونظامه توفرت لديهما تلك النيات. بل لم يتخليا عن تلك النيات مطلقا. وقد عبرت تلك النيات عن نفسها قبل عدة سنوات عندما استخدم العراق تلك الأسلحة المرعبة ضد اعدائه في إيران، وضد شعبه نفسه. هذه حقائق وهي تعبير قوي عن النيات. أما المقدرات فهناك مستويات مختلفة منها. هناك المقدرات الفكرية، وهناك الأفراد الذين يستطيعون تطوير هذه الأسلحة والذين يتلقون التدريب المستمر ويحتفظون بأماكنهم ويعملون في تعاون لصيق مع بعضهم البعض. وهناك كذلك البنية التحتية الفنية مثل المختبرات والمعدات والمنشآت. هل كان صدام يفعل كل ذلك؟ نعم إنه كان يفعل كل ذلك. أما المستوى الأعلى من المقدرات فهو الذي ينصب عليه كل الاهتمام حاليا: هل تجمعت كل هذه العوامل وأنتجت في تلك البلاد مستودعات من أسلحة الدمار الشامل، تخيف الجميع؟ هذا هو الموضوع، وهذا ما فشلنا في العثور عليه حتى الآن وهذا ما ستبحث عنه كل اللجان.

قيل الكثير عن خبير الأسلحة الأميركي ديفيد كاي، وهو صرح بأننا كنا مخطئين جدا... كنا مخطئين خطأ فادحا في ما يتعلق بأسلحة الدمار الشامل، ولكنه ذكر أشياء أخرى تتعلق بالنيات وبالمقدرات التي مثلت درجة من الخطر. ووجد الرئيس (بوش) أن من الضروري التصدي لها. وليس لدي أية شكوك في أن العراق لو أفلت من عقوبات الأمم المتحدة، ولو قضينا عاما آخر من التباطؤ الحرون من قبل الأمم المتحدة، لكان تمكن من الجمع بين النيات والمقدرات. وكان يمكن في تلك الحالة أن ينتقل العراق إلى المرحلة التالية وينتج الأسلحة. ما الذي يمنعه؟ فقد كانت تلك نيات صدام حسين منذ فترة طويلة.

* إذا كان مدير وكالة المخابرات المركزية، جورج تينيت، أو خبير الاسلحة ديفيد كاي، قد أعلنا قبل عام أنه لم تكن هناك أسلحة دمار شامل، هل كنت ستوصي بشن الحرب مع ذلك؟

ـ لا أعرف. حقيقة لا أعرف، لأن الأسلحة هي العامل الحاسم والمعلومة الأخيرة التي جعلت الخطر ماثلا وحقيقيا، سواء بالنسبة للمنطقة أو للعالم. ولكن حقائق الامور تمثلت في الحكم المعمق الذي أصدرته الأجهزة الاستخبارية ممثلة في جورج تينيت، وتوصلت إليه بصورة مستقلة الاستخبارات البريطانية وغيرها من أجهزة الاستخبارات العالمية، والتي أجمعت على أن أسلحة الدمار الشامل موجودة بالعراق. ولا أستطيع أن أعود إلى الوراء لأعطيك إجابة افتراضية على ما كان يمكن أن أفعل.

ولكن غياب الأسلحة....

ـ غياب الأسلحة يغير المعادلات السياسية ويغير الإجابة التي تحصل عليها والمعادلة التي طرحتها. ولكن حقيقة المسألة أننا خضنا هذه الحرب. ونحن نعتقد أن هناك أسلحة ومستودعات. ومن جانبي كنت، كما تعلم، قائد حرب الخليج الأولى وقد خضنا تلك الحرب ونحن نتوقع أن نهاجم بالأسلحة الكيماوية، ولم نهاجم بالطبع بالأسلحة الكيماوية إلا أننا عثرنا عليها. ولذلك لم يبد الأمر لنا وكأنما هو من بنات خيال شخص ما. وما هو الاستنتاج الذي يمكن أن يخرج به المرء بعد تسع سنوات وبعد اربع سنوات من طرد المفتشين؟ أعتقد أن الاستنتاج الصحيح، والاستنتاج الذي توصلنا إليه، بناء على المعلومات التي وفرتها الاستخبارات، هو أن هذه الأسلحة موجودة.

* عندما ذهبت إلى «سي آي إيه» للحصول على مزيد من المعلومات حول القضايا التي كنت تنوي طرحها أمام الأمم المتحدة، في ذلك الخطاب في فبراير(شباط) 2003، هل مارست ضغوطا عليهم، كما سمعنا، حتى يكشفوا مصادرهم حول تلك الاستنتاجات؟ وعندما ترجع إلى تلك التجربة، فهل تعتقد أنك مارست ضغطا كافيا؟ وهل حصلت على أجوبة واضحة مباشرة؟

ـ في الاجتماعات التي عقدتها مع المسؤولين الاستخباراتيين ما كنت أسعى لمعرفته هو ذلك النوع من المعلومات الذي يمكن أن أقدمه ولا تشعرون أنتم بأي حرج في كشفه وكشف مصادره، وتكونون واثقين تماما من أن مصادره متعددة. ولم أكن أرغب في طرح معلومات تنفيها لاحقا وكالة استخبارات أخرى أو ينفيها العراقيون أنفسهم. ولذلك بحثنا المسألة في كل تفاصيلها ولم أستخدم إلا المعلومات التي كنت واثقا أن وكالة الاستخبارات المركزية «سي آي إيه» تقف وراءها وتدعمها. وكانت تلك المعلومات متعددة المصادر، كما أنها كانت تعكس الحكمة التي تجمعت لدى وكالات الاستخبارات التي قضت أربعة أيام معي. ولم تكن هناك كلمة واحدة في ذلك الخطاب لم توافق عليها كليا أجهزة المخابرات.

* خدمة «واشنطن بوست» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»