بلير يوافق على تشكيل لجنة للتحقيق في الأخطاء المحتملة للمخابرات ويدافع عن قرار المشاركة في حرب العراق

TT

اعلن رئيس الوزراء البريطاني توني بلير امس موافقته على تشكيل لجنة للتحقيق في نوعية المعلومات الاستخباراتية التي تلقتها حكومته عن العراق قبل الحرب، لكنه شدد على ان التحقيق لن ينظر في القرارات السياسية التي اتخذتها لندن على اساس هذه المعلومات او بمبررات اشتراكها في الحرب على العراق.

وقال بلير انه قرر اجراء التحقيق لان نشر تقرير «مجموعة مسح الاسلحة العراقية» سيستغرق وقتا طويلا، واعتبر ان من الخطأ تفسير التصريحات الاخيرة لرئيس فريق المفتشين الاميركيين في العراق ديفيد كاي على انها تعبير عن قناعته بخطأ الحرب او بعدم حيازة الرئيس المخلوع صدام حسين اسلحة دمار شامل، او بجدوى سياسة استيعاب بغداد خلال عهد الرئيس الاميركي السابق بيل كلينتون. ودافع بشدة عن قرار الاشتراك بالحرب، موضحا ان الاساس القانوني لهذا القرار لا يزال سليما لا سيما ان صدام انتهك قرارات الامم المتحدة.

ونفى بلير الذي كان يجيب على اسئلة اعضاء «لجنة التنسيق» التابعة لمجلس العموم في لندن، ان يكون تحول العراق الى ميدان لنشاطات شبكة «القاعدة» دليلا على فشل الحرب في تحقيق اهدافها. واكد ان ترك صدام في السلطة كان من شأنه ان يتمخض عن نتائج اشد خطورة بكثير من وصول المجموعات الارهابية الى العراق.

واعتبر ان اخطر تهديد يواجهه العالم في القرن الحالي هو التعاون بين «انظمة غير مستقرة» والارهاب الدولي. ورد النجاحات التي احرزت اخيرا على صعيد معالجة انتشار اسلحة الدمار الشامل الى الحرب على العراق التي بينت للجميع ان لندن وواشنطن عازمتان على التعاطي بحزم مع هذه المشكلة. واشار الى ان ليبيا تتعاون بصورة فعالة مع الهيئات المخولة نزع اسلحتها للدمار الشامل.

وقال بلير ان محاكمة قرار الحرب هي من شأن الحكومة والبرلمان ويجب الا تكون بين الموضوعات التي سيتركز عليها التحقيق المزمع. واضاف «لا يمكنك ان تفتح تحقيقا فيما اذا كانت الحرب صحيحة او خاطئة»، لا سيما ان القاضي اللورد برايان هاتون: قد برأنا من (تهمة) تضخيم المعلومات الاستخباراتية (حول اسلحة الدمار الشامل العراقية). وزاد ان المطلوب هو «تحقيق مناسب حول المعلومات الاستخباراتية وليس فقط حول الاجهزة الامنية، والحكومة ايضا، واي تناقضات بين ما جاء في التقارير الاستخباراتية وما عثر عليه». وتابع «ان النظر في التقييم السياسي للمعلومات الاستخباراتية وفي قرار الذهاب الى الحرب من اختصاص الحكومة والبرلمان وليس التحقيق لان بريطانيا ليست في حاجة الى اجراء تحقيق هاتون من جديد».

وأعلن حزب الديمقراطيين الاحرار المعارض تعاطفه مع اعمال اللجنة المزمع تشكيلها، فهو يصر على ان يشمل التحقيق القرارات السياسية، فيما ايد حزب المحافظين المعارض تأييده لاجراء التحقيق.

ونفى الزعيم البريطاني انه اصدر التعليمات بفتح التحقيق انطلاقا من حرصه على السير على خطى الرئيس الاميركي جورج بوش الذي اعلن اول من امس تشكيل لجنة مستقلة لاجراء تحقيق مماثل. واذ شدد على ان الاعلان الاميركي عن التحقيق «لم يدهشنا فنحن نتعاون معهم بصورة وثيقة»، فهو اوضح ما دفعه على اتخاذ القرار هو «قول ديفيد كاي وحقيقة ان تقرير مجموعة المسح العراقية لن ينشر على المدى القريب، وعلينا ان ننظر في المعلومات الاستخباراتية التي تلقيناها وما اذا كانت دقيقة ام لا».

واعرب بلير عن معارضته الشديدة لاستخلاص نتيجة مفادها ان الحرب خاطئة من تصريحات اطلقها كاي. وقال «انني صادق بما فيه الكفاية كي آتيكم واقول ان علي ان اقبل ان الدكتور كاي افاد بانه لم يعثر على مخزونات كبيرة من الاسلحة»، بيد ان على اعضاء اللجنة البرلمانية ان يقرأوا كل ما قاله كاي بدقة، واعتبر ان البرلمانيين لو اطلعوا على افادة الخبير الاميركي الكاملة للاحظوا انه اوضح ايضا ان صدام كانت لديه «برامج» لتطوير اسلحة الدمار الشامل وانه «خرق 8 او 10 قرارات للامم المتحدة» كما انه «شكل تهديدا».

وتابع ان فكرة ان هذا الرجل (كاي) قال انه لم يجد شيئا هي خاطئة فهو يقول العكس تماما، وازاد «ان من الخطأ القول انه اشار الى عدم وجود برامج لاسلحة الدمار الشامل او قدرات (لانتاجها) او ان صدام لم يكن يشكل تهديدا». ورأى ان كاي لم يعرب عن قناعته بان «النزاع كان يفتقر الى المبرر».

وسئل رئيس الوزراء البريطاني عما اذا كانت الاسس القانونية لقراره الاشتراك بالحرب قد انهارت لعدم وجود اسلحة دمار شامل في العراق، فقال ان هذه «الاسس متينة»، واعتبر ان مبررات الحرب تتعلق «بخرق قرارات الامم المتحدة وبتطوير اسلحة الدمار الشامل» وتطوير صواريخ عابرة للقارات. وافاد بان عدم ضبط اسلحة في العراق لا يدفعه الى الندم على الذهاب الى الحرب، بل كان سيشنها حتى لو لم يعرف سوى المعلومات المتوفرة له الان. وعندما ذكر الوزير المحافظ السابق جورج يونغ ان الحرب ادت الى نتائج عكسية وفتحت باب النشاط في العراق لمجموعات ارهابية، رد بلير بأنه لو ترك صدام في السلطة ليطور اسلحته للدمار الشامل لتمخض عن ذلك تهديد اكبر بكثير من تهديد «القاعدة».