أبو القنبلة النووية الباكستانية يزعم في التحقيقات معرفة مشرف وبوتو بالتسريبات إلى إيران وكوريا الشمالية

الجيش ينفي مزاعم خان ويؤكد أن العالم تصرف وحده في القضية

TT

زعم عبد القادر خان، العالم النووي الباكستاني الملقب بـ«أبو القنبلة النووية» الباكستانية، ان بيع التكنولوجيا النووية الباكستانية للخارج تم بمعرفة الرئيس برويز مشرف وكبار الجنرالات، ومن بينهم القائدان السابقان للجيش الجنرال ميرزا اسلام بيغ، والجنرال جيهانجير كرامات. واضاف خان في التحقيقات التي اجريت معه «ايا كان ما فعلت، فانني فعلته بمعرفة رؤسائي»، غير ان الجيش جدد امس نفيه لتورط الرئيس مشرف وكبار الجنرالات، واصفا اتهامات خان بانها بلا اساس، فيما ألقت اعترافات العالم النووي بشكوك حول معرفة رئيسة الوزراء الباكستانية السابقة بي نظير بوتو بأمر بيع التكنولوجيا النووية الى كوريا الشمالية. واوضح عالم باكستاني بارز من المقربين لخان ومحقق خاص حضر التحقيقات معه انه اكد خلال اعترافاته ان بيع معدات وتكنولوجيا نووية لفصل اليورانيوم الى كوريا الشمالية تم بمعرفة الرئيس مشرف وجنرالات كبار بالجيش. وذكر المصدران اللذان رفضا الكشف عن هويتهما ان مشرف وجنرالين آخرين من جنرالات الجيش وهما الجنرال ميرزا اسلام بيغ قائد الجيش الباكستاني في الفترة بين 1988 و1991 والجنرال جيهانجير كرامات، الذي شغل نفس المنصب في الفترة من 1996 الى 1998 كانوا على معرفة بكل تفاصيل التسريبات النووية لكوريا الشمالية وايران وليبيا، وانهم اعطوا عليها موافقتهم. واوضح خان ان الجنرال ميرزا كان على علم بتسريب تكنولوجيا ومعدات نووية الى ايران، بينما كان الآخرون على معرفة بتفاصيل التسريبات لكوريا الشمالية. واضاف المصدران ان خان طلب من المحققين ان يستدعوا مشرف وقادة الجيش السابقين لاستجوابهم، قائلا ان «الاستجواب لن يكون كاملا من دون ان تحضروهم جميعا الى هنا ليتم استجوابنا معا». وكشف المصدران ان خان اعترف كذلك ان رئيسة الوزراء الباكستانية السابقة بي نظير بوتو سافرت الى كوريا الشمالية في ديسمبر (كانون الاول) 1994 بناء على نصيحة من رئيس الجيش الباكستاني في ذلك الوقت الجنرال عبد الواحد وذلك من اجل بحث موضوع مساعدة اسلام آباد لبيونغ يانغ في التكنولوجيا النووية، مقابل الحصول منها على تكنولوجيا الصواريخ البالستية. وبعد ذلك بعدة اشهر ترأس خان وفدا باكستانيا رفيعا من جنرالات بالجيش والعلماء الى كوريا الشمالية.

وكان الجنرال مشرف يشغل في ذلك الوقت منصب القائد العام للعمليات العسكرية. وفي يناير (كانون الثاني) 1996 حل كرامات محل عبد الواحد في رئاسة الجيش وقام في ديسمبر 1997 بزيارة سرية الى كوريا الشمالية، وبعد ذلك بأربعة ايام قامت اسلام آباد بعملية اطلاق ناجحة لأول صاروخ بالستي باكستاني متوسط المدى. وقال خان ان مشرف كان على علم بالتأكيد ببيع اسلام آباد تكنولوجيا نووية الى بيونغ يانغ كون مشرف تولى مسؤولية برنامج الصواريخ الباكستانية عندما اصبح قائدا للجيش في اكتوبر (تشرين الاول) 1998.

وأكد خان في اعترافاته ايضا انه باع الى ايران وليبيا معدات وتكنولوجيا نووية متأخرة نسبيا ولا يمكن ان تساعد على تخصيب اليورانيوم، واضاف بأن الجنرال بيغ كان على علم بالتسريبات، لكنه كان غالبا على اعتقاد بأن المعدات والتكنولوجيا التي بيعت الى طهران عام 1991 كانت تفتقد الى جزء ضروري لتخصيب اليورانيوم، بسبب ادعاء خان انه سحب جزءا حساسا وضروريا من اجهزة تنقية اليورانيوم.

وفي اول رد فعل رسمي على اتهامات خان، قال المتحدث باسم الجيش الباكستاني الجنرال شوكت سلطان انه ليس من سلطات الرئيس مشرف السماح بمثل هذه التسريبات، وانه لا يعلم عن هذه المخالفات اي شيء، حتى قبل ان يصبح رئيسا. وقال ان خان تصرف وحده في قضية التسريبات النووية، وانه لم تحدث تسريبات نووية منذ عام 2000، بعدما تم ابعاد خان عن منصبه.

ومن ناحيتها، نفت بوتو التي خدمت مرتين في منصب رئيس الوزراء، قبل ان تقرر العيش بالخارج بعد اتهامات بالفساد، ان تكون قد عرفت بأمر بيع اسلام آباد للتكنولوجيا النووية خلال سنوات حكمها. واعربت في مقابلة مع صحيفة «لوس انجليس تايمز» امس عن اعتقادها باستحالة قيام خان بالتسريبات من دون معرفة الجيش.

وبناء على اعترافات خان، استجوبت السلطات الباكستانية الجنرال ميرزا والجنرال كرامات، ونفيا معرفتهما المسبقة بالتسريبات النووية التي قام بها خان. وتأتي تأكيدات خان حول تورط كبار جنرالات الجيش وعلى رأسهم مشرف لتلقي مزيدا من الغموض حول احتمالات مثوله للمحاكمة العلنية، خاصة في ضوء التقارير التي ذكرت ان ابنته هرّبت للخارج وثائق سرية تدين مشرف وباقى قادة الجيش. ونفى مشرف ومسؤولون آخرون كبار في الجيش الباكستاني مرارا ان يكونوا على معرفة ببيع خان وعالم نووي باكستاني بارز آخر يدعى محمد فاروق التكنولوجيا النووية الباكستانية للخارج.

وكان خان قد قال في اعترافات من 12 صفحة انه باع ايران وليبيا وكوريا الشمالية تكنولوجيا نووية في الفترة من 1989 الى 1999 لزيادة عدد الدول الاسلامية التي تمتلك قنبلة ذرية، وللفت انتباه العالم بعيدا عن البرنامج النووي الباكستاني. وقال انه اعتمد على شبكة وسطاء من المانيا وهولندا وجنوب افريقيا وماليزيا، واستخدم طائرات تشارتر تابعة لسلاح الجو الباكستاني مصممة بشكل خاص لحمل المواد النووية. واعطى علماء من ليبيا وايران محاضرات خاصة في التقنيات النووية في المغرب وتركيا.