الإمارات: مجالس العيد تتداول تكهنات تعديل وزاري وشيك

TT

كان الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان وزير الاعلام بدولة الامارات الحاضر الغائب في اجازة العيد. فرغم وجوده في الولايات المتحدة خلال الاجازة فان اسمه كان متداولا في معظم الديوانيات والمجالس خلال فترة العيد باعتباره ابرز مفاجآت التغيير الحكومي المنتظر، حيث رشحته اوساط عديدة لتولي حقيبة النفط والثروة المعدنية، على ان يكون في نفس الوقت أمين عام المجلس الأعلى للبترول في امارة أبوظبي كبرى الامارات الأعضاء في اتحاد دولة الامارات العربية والتي يقارب انتاجها من النفط حوالي مليوني برميل يوميا.

ومع ان أحدا لا يستطيع المجازفة في المدى الذي ستأخذه عملية التغيير فان هناك اتفاقا عاما على ان اعادة النظر في التشكيل الحكومي الحالي الذي مضى عليه قرابة 7 سنوات يمثل استحقاقا للخروج من حالة الركود الذي تعيشه الاجهزة الاتحادية منذ سنوات خاصة وان هناك شعورا عاما بأن هذا التشكيل استنفد اغراضه اما بسبب طول المدة التي قضاها بعض اعضاء الفريق الوزاري في الحكومة والتي زادت في بعض الاحيان على ربع قرن او بسبب وجود مستجدات سياسية واقتصادية اقليمية ودولية تتطلب روحا جديدة للتعاطي معها.

وقالت مصادر وزارية اماراتية رفيعة لـ«الشرق الأوسط» عن حقيقة ما يتردد عن تشكيل وزاري وشيك «ان التشكيل مطروح من حيث المبدأ من فترة، لكن آليات التغيير الحكومي في الامارات تختلف عن الدول الاخرى من حيث انه لا توجد ظروف سياسية او اجتماعية ضاغطة في هذا الاتجاه». وتضيف المصادر «انه بالرغم من ارتفاع حرارة التوقعات وازدياد الحديث عن التغيير فانها لا تتوقع ان يتم ذلك قبل عدة اسابيع او ربما عدة شهور». وتحدثت اعلامية اماراتية عن اتجاه لتعيين امرأة ضمن التشكيل الحكومي المقبل تكون مسؤولة عن شؤون المرأة وتحت مسمى وزيرة دولة لشؤون المرأة. ومع ان المصادرامتنعت عن اعطاء توقعات حول من ستشغل هذه الحقيبة فان الاسماء المطروحة هي السيدة نورة السويدي التي تشغل منصب الأمين العام للاتحاد النسائي العام او الدكتورة رفيعة غباش. وقالت مصادر نسائية لـ«الشرق الأوسط» انها ترفض مبدأ تعيين امرأة وزيرة لشؤون المرأة لأن ذلك يعطي ايحاء بأن المرأة الاماراتية لها كيان اجتماعي واقتصادي وسياسي منفصل عن الرجل فضلا عن انه يوحي بأن الدور الذي تلعبه المرأة في الحياة الاماراتية دور هامشي بحاجة الى وزارة للنهوض به، وهو امر غير صحيح لأن المرأة موجودة في كل مرافق الحياة، واضافت هذه المصادر ان اشراك المرأة في الوزارة المقبلة يجب ان يكون مكافئا لمشاركة الرجل من حيث اعطاؤها الفرصة لتولي منصب وزاري بغض النظر عن اسم الوزارة واختصاصاتها. وتطرح المصادر النسائية امكانية تولي المرأة الاماراتية أية حقيبة بما في ذلك الحقائب التي تبدو لدى البعض حكرا على الرجال، وتشير الى ان مشاركة المرأة يجب ألا تكون مشاركة شكلية بل اساسية وقد لا تقتصر على وزارة واحدة بل اكثر من حقيبة وزارية.

واذا كان تعيين امرأة ضمن التشكيل الوزاري الاماراتي قد دخل بورصة التوقعات كاحدى المفاجآت غير المتوقعة فان انتقال الشيخ عبد الله بن زايد الى وزارة النفط هو مفاجأة المفاجآت لا بسبب الارتباط العاطفي والأكاديمي بين الشيخ عبد الله والاعلام بل بسبب الاعباء الثقيلة التي سيخلفها والتي تحتاج الى شخصية قادرة على اجراء تغيير هيكلي في الاعلام الاماراتي تستكمل بموجبه الخطوات التي بدأها الشيخ عبد الله والتي اعطت الاعلام الاماراتي قدرة على المنافسة الاقليمية والعربية فضلا عن انه وضع الامارات على رأس قائمة الساحات الاعلامية العربية بسبب انفتاح هذه الساحة واحتضانها لعشرات من المؤسسات الاعلامية العربية والاجنبية.

وقالت مصادر اعلامية اماراتية ان الاعلام الاماراتي هو الآن على طريق الخصخصة «فما دامت الساحة الاماراتية تسمح لعشرات المؤسسات الاعلامية العربية والاجنبية الخاصة بالعمل من الامارات فان من باب أولى ان تتسع التشريعات الحالية للسماح بخصخصة الاعلام الرسمي الذي بات يشكل عبئا على موارد الدولة بدون مبرر، فالدولة لم تعد بحاجة الى اعلام ينطق باسمها خاصة ان تجربة قناة «أبوظبي» الفضائية نجحت في اخراج الاعلام الاماراتي المرئي من قمقم الروتين الرسمي»، وتستطرد المصادر الاماراتية ان خصخصة المؤسسات التابعة للدولة يعني افراغ وزارة الاعلام من المسؤوليات التقليدية التي اعتادت عليها وبالتالي لم تعد تستدعي وجود شخصية بحجم الشيخ عبد الله في هذه الوزارة، بل ان الوزارة نفسها قد لا تكون ضرورية حيث يمكن توزيع ما تبقى من اختصاصاتها بين وزارة الخارجية كجهة تمثيل اعلامي خارجي والمواصلات كجهة اختصاص تقني تنظم الجوانب الفنية لعمل المؤسسات الاعلامية التي تعمل انطلاقا من الامارات. في ضوء هذا التصور المستقبلي لدور الاعلام الاماراتي فان انتقال الشيخ عبد الله بن زايد لوزارة النفط يبدو توقعا منطقيا خاصة ان هناك اتجاها لتفعيل دور هذه الوزارة والجمع بينها وبين منصب الامين العام للمجلس الأعلى للبترول في أبوظبي باعتبار ان وزارة النفط الاماراتية بالرغم من انها وزارة اتحادية تعكس من الناحية العملية الثقل النفطي لامارة أبوظبي في السوق العالمية لأن الانتاج النفطي لبقية الامارات الأعضاء في الاتحاد ليس بالمستوى الذي يؤثر في السياسة النفطية الاماراتية فضلا عن ان جزءا رئيسيا من هذا النفط يباع خارج «الكوتا» الاماراتية والتي يشكل انتاج امارة ابو ظبي عمودها الفقري.

وحسب بعض المصادر فان الجمع بين منصب وزير البترول والأمين العام للمجلس الاعلى للنفط يعني ايضا الاشراف على شركات النفط العاملة في أبوظبي والتي يتولاها حاليا رئيس شركة بترول أبوظبي الوطنية يوسف بن عمير الذي يشغل ايضا منصب الأمين العام للمجلس الاعلى للبترول وكان قبل ذلك وزيرا للنفط.

واذا صحت التوقعات بتولي الشيخ عبد الله منصب وزير النفط فانها ستكون ثالث سابقة خليجية من هذا النوع بعد الشيخ سعود الصباح الذي كان وزيرا للاعلام قبل ان يصبح وزيرا للنفط في الكويت وخلفه الشيخ احمد فهد الأحمد الذي انتقل هو الآخر من الاعلام الى النفط.

وتقول مصادر مطلعة إن التشكيل الحكومي المقبل في الامارات سيتزامن مع تغيير في تشكيلة الدوائر الحكومية في أبوظبي التي دخل اليها اخيرا الشيخ محمد بن زايد آل نهيان نائب ولي عهد أبوظبي ورئيس هيئة الأركان نائبا لرئيس المجلس التنفيذي، وهو الاسم الرسمي للتشكيل الحكومي المحلي لامارة أبوظبي.