مصطفى الديراني لـ«الشرق الأوسط»: سأتابع دعواي القضائية على إسرائيل بالطريقة المناسبة

TT

لم يستطع مصطفى الديراني استقبال المهنئين بعيد الاضحى المبارك عام 1994، اذ اختطفته عشية العيد قوة «كوماندوز» اسرائيلية من منزله في قرية قصرنبا في عمق البقاع اللبناني. وشاءت الصدف ان يكون اطلاقه الذي تم بموجب صفقة بين «حزب الله» واسرائيل، في الموعد نفسه بعد عشر سنوات.

لا يحب «أبو علي»، كما هو معروف في أوساط مؤيديه، ان يتحدث عن «الماضي» قاصداً بذلك فترة الاسر التي ذاق فيها عذابات واهانات بالغة. وعندما نسأله يحاول ان يختصر ويجتزئ فيقول «نحن ابناء اليوم، انها لحظة تاريخية من حياتي. سأبدأ من جديد وبحرية».

وكما لم يستطع الاسرائيليون أخذ معلومات مفيدة منه عن مصير رون اراد الطيار الاسرائيلي الذي كان بعهدته، لم تستطع اسئلتنا حول هذا الموضوع أن تحصل إلا على تمنٍ بأنه «اذا كانت حياة رون اراد تخرج المزيد من الاسرى فأتمنى ان يكون حياً».

وكانت «الشرق الأوسط» قد التقت الديراني في منزله الذي اختطف منه عام 1994. والسؤال الاول كان عن وسائل التعذيب التي استخدمها الاسرائيليون بحقه والتي دفعته الى رفع شكوى امام القضاء الاسرائيلي، فقال: «التعذيب الذي تعرضت له تناولته وسائل الاعلام. ولا اريد الخوض في التفاصيل، فالجرح له آثاره. وسأترك هذا الموضوع لوقت آخر. وسأتابع الدعوى بالطريقة التي أراها مناسبة، فهذا حق لنا».

وفي ما يأتي نص الحوار:

* هل ستتابع موضوع الدعوى ضد اسرائيل؟

ـ رغم عدم قناعتي بالقضاء الاسرائيلي وبأنه يوصل اي موقوف الى حقه، فكما قلت بالمحكمة سأحاول متابعة وملاحقة الموضوع من موقع مبدئي لأقول ان هذا حقي ولن اتنازل عنه. اما ان يتحقق او لا يتحقق فهذا الامر لا يعنيني.

* ما الوسيلة الاعلامية التي كنتم تتابعونها في السجن؟

ـ لم يأتوا بلوائح، بل فرضوا علينا محطة الـ LBCولم نعط اي خيار آخر.

* كيف تنظر الى مستقبل الاسرى المحررين الجدد مستقبلاً لناحية واجبات الدولة؟

ـ اتمنى ان لا يثير احد الجانب المادي، فالانسان عندما اتخذ قراره بمواجهة العدو اتخذ قراراً مبدئياً وانا اخشى اي مطالبة مادية بهذا المجال فهذا انتقاص من العمل الجهادي. وانا لا ادخل في هذه المسألة واتمنى على اخواني ان لا يقفوا على اي باب بخصوص هذه المسألة. ومن اعتاد الاسر والتعذيب والاهانة لو بذل جهداً بسيطاً واقل لاستغنى عن اي مساعدة تقدم له.

* كيف خطفت من منزلك؟

ـ هناك امور اخفيت. تمت مواجهة وتركوا بعض الامتعة على الارض لحظة المواجهة. وعملية الاختطاف كانت وحشية. وهددوا واطلقوا النار على البيت. وهم ينقلونني سمعت اطلاق نار.

* هل كان بين الخاطفين لبنانيون؟

ـ عادة لا اميّز بين العربي العميل والصهيوني. عندما يكونون في عملية مشتركة، فأنا لا اميّز من الناحية المنطقية فالعميل عميل وهو عند اسرائيل بدون ثمن ورخيص جداً عندما ينتهي دوره، فالهدف الاساسي هو الكيان الصهيوني.

* هل عصبوا عينيك لحظة الاختطاف؟

ـ هناك بعض الامور النفسية، وكانت بعض الامور التي لا اريد الخوض بتفاصيلها ولم يستقر الوقت لاتذكرها أو اتحدث عنها.

* لحظة فك العصبة عن عينيك، ماذا شاهدت؟ هل عدد الذين قاموا بالاختطاف كان كبيراً؟

ـ طبعاً كان كبيراً. لم ار الجميع طبعاً، هناك تقدير للعدد. وهذا ما سنتحدث عنه لاحقاً.

* هل تنقلت كثيراً بين السجون الاسرائيلية؟

ـ نقلنا عام 2002 الى سجن وبعدها نقلنا الى زنزانة العزل حتى اليومين الأخيرين.

* الوسيط الالماني يتحدث عن متابعة المفاوضات، كيف تتطلع الى حرية سمير القنطار؟

ـ الأخ سمير القنطار وكل الاسرى نتعاطف معهم عملياً. ونوجه تحية لكل الاسرى، للأخ سمير القنطار وكل السجناء داخل الارض المحتلة. ومظلومية الاسرى الفلسطينيين لا تقل عن مظلومية سمير. هناك تحديات وآلام في السجون لكل المسجونين ونحن نتعاطف معهم ونحييهم ونحيي صبرهم وصمودهم. ونقول لهم لا تيأسوا ابقوا ثابتين. والايمان بالقضية الحقة والمحقة يقوي عزيمتنا.

* الاسرائيليون قاموا، كما قلت، بارتكابات بحقك؟ هل بدأت هذه الارتكابات منذ الاختطاف؟

ـ نحن اليوم في اجواء عيد الاضحى المبارك. ولا اريد الدخول بتفاصيل ما جرى وما قلته بمواجهتهم وجهاً لوجه. هناك محام يهودي اسرائيلي كان يتبنى قضيتي ويدافع عني. وقال انه مستعد للدفاع حتى لو لم اكن داخل سجون اسرائيل.

* هل ابدى استعداده للدفاع عنك بعد خروجك؟

ـ هو قال انه سيدافع عني وهذا شيء جيد. وطبعاً اذا كان يهودياً ينطلق من منطلق انساني فهذا جيد. ومشكلتنا ليست مع اليهود، نحن نقول لكل يهودي او لكل الناس ان يتعاطوا مع اي سجين من منطلق انساني. وأنا احيي كل انسان تعاطى من موقع انساني بحق هذا، لأنه يرى في التصرف الخطأ خطأ ويدينه. هذا الانسان انا اقول له شكراً واحيي فيه هذه الروحية التي اتمنى ان تعمم. وسمعت في اسرائيل من يتحدث بالانتقاد مثل ان يقول دولة اسرائيل دولة ارهابية. وهذا ان دل على شيء فهو يدل على حقيقة ما يجري على ارض الواقع. وقد تكون المواقف فردية او جماعية، ولكن هؤلاء الناس لا يبخسون حقهم ولو كان دورهم محدوداً.

* كيف تصف المعاملة معك؟

ـ في القرآن الكريم آيات واضحة. قال القرآن الكريم «يد اليهود مغلولة» فاليهود تجرأوا على الله قبل ان يتجرأوا على الانبياء.

* هل تجرأوا عليك؟

ـ بعد ان تجرأوا على الله وحاولوا هتك وقتل الانبياء واستمروا، وما ناله الرسول وما ناله عيسى عليهما السلام فما عانيناه قليل بالنسبة لما عاناه الانبياء منهم.

* هل واجهتهم بما فعلوه من ارتكابات؟

ـ ليس هناك من حوار. عندما يكون هناك حوار تكون قاعدة مشتركة بين المتحاورين. اذا اردت ان تحاورني وان احاورك فهذا يقوم على قاعدة مشتركة وتعادل. اما بوجود محاور موقوف وآخر يده طويلة يستطيع ان يفعل ما يشاء فتنعدم عندها مسألة الحوار.

* تقدمت بدعوى كيف ستتابعها؟

ـ مسألة تحركنا في الموضوع الاسرائيلي: كان هناك سجين وسجان. وانتهت مرحلة وبدأت مرحلة اخرى. ووفق المرحلة الجديدة طبعاً سأحاول بكل الوسائل ادانة هذا العدو في ما ارتكبه. وقلت ذلك سابقاً في المحكمة، فالهدف من الوصول الى حقي طبعاً ليس على المستوى الشخصي، لأن هذا الموضوع ليس مسألة شخصية وانما معنوية وتتعلق بالمستوى المعنوي العام والخاص.

* هل اعتبرت رهينة ام اسيراً؟

ـ في الواقع الذي كنت فيه كنت رهينة. ونحن كنا رهائن وكانوا يعتبروننا رهائن. ولم يحاكمونا ولم تكن لديهم حجة في المحاكمة. هددوا مرات كثيرة بالمحاكمة. ورغم اننا لا نؤمن بالمحاكمة وبمحكمتهم، كنا نقول لهم حاكموا ولا تتهربوا من هذا الموضوع.

* كيف هو شعوركم بعد عشر سنوات؟

ـ بعد عشر سنوات نحاول ان نتعرف الى العالم من جديد.

* بماذا تتوجه الى سمير القنطار في سجنه؟

ـ أحيي صموده وابارك له في عيد الاضحى. واي واحد لا يتمنى ان يكون مكانه.

* هل تعتقد ان رون اراد حي؟

ـ اذا كانت حياته تخرج المزيد من الاسرى فأتمنى ان يكون حياً. ولا مزيد من المعلومات عندي.