البرلمان الفرنسي يبدأ مناقشة قانون منع الحجاب والشارات الدينية في المدارس

لجنة (ستازي) انزعجت من أوضاع المهاجرين في هولندا وانتشار الأصولية

TT

افتتح بعد ظهر أمس رئيس الوزراء الفرنسي جان بيار رافاران مناقشات الجمعية الوطنية لمشروع القانون الجديد الخاص بمنع الشارات الدينية في المدارس العامة، واولها الحجاب فيما تتحضر باريس والمدن الكبرى لمجموعة من المظاهرات الإحتجاجية التي دعت إليها جمعيات وشخصيات إسلامية وغير إسلامية. وبعد مداخلات ومناقشات يتوقع لها أن تكون حامية إذ طلب الكلام ما يزيد على 150 نائبا من كل الطيف السياسي الفرنسي لمناقشة مشروع قانون من ثلاث مواد، فإن التصويت على المشروع المذكور سيتم في العاشر من الشهر الجاري قبل أن تنتقل المناقشات الى مجلس الشيوخ. وبحسب ما طلبه رئيس الجمهورية جاك شيراك في خطابه في 17 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، فإن البند الثالث من المشروع ينص على ان القانون الجديد سيطبق ابتداء من العام الدراسي المقبل الذي يبدأ في شهر سبتمبر (أيلول) من العام الحالي.

وتظهر المواقف المعلنة للأحزاب والنواب أن القانون سيحظى بدعم أكثرية واسعة من النواب، بمن فيهم نواب الحزب الاشتراكي المعارض الذي هو أحد أقوى دعاة العلمنة في فرنسا، فيما ستعارضه غالبية نواب الحزب الشيوعي.

وبالمقابل، فإن نواب حزب الاتحاد من أجل الحركة الشعبية الداعم للرئيس شيراك ولحكومة جان بيار رافاران سيقف في غالبيته الى جانب المشروع مع وجود مجموعة من نوابه، بينهم رئيس الحكومة الأسبق ادوار بالادور، يميلون الى الامتناع عن التصويت أو حتى المعارضة. أما الحزب اليميني الآخر وهو الاتحاد من أجل الديمقراطية الفرنسية فإن رئيسه فرنسوا بيرو اعلن معارضته للمشروع وينتظر أن تلحق به غالبية نوابه. لكن جميع أصوات المعارضين والممتنعين عن التصويت، يمينا ويسارا، ورغم ان الجدل الذي احتد حول فائدة تشريع قانون لن يحل بأي حال مشكلة الشارات الدينية وتحديدا الحجاب، فلن تشكل سوى اقلية ضئيلة في مجلس النواب.

واذا كانت مقترحات تعديل نص القانون عديدة وجاءت من اليمين واليسار على السواء، فإن التعديل الوحيد الذي سيؤخذ بالاعتبار هو ما أقرته لجنة القوانين والمتمثل بإضافة مادة وحيدة تدعو الى الحوار بين ادارة المدرسة والتلميذ أو التلميذة ذات العلاقة قبل اتخاذ الإدارة قرارا بالفصل. اما الجدل حول اختيار الكلمة التي تصف الرمز الديني الممنوع في المدرسة العامة وهو الحجاب الإسلامي والصلبان المسيحية الكبيرة والقلنسوة اليهودية، فيبدو انه محسوم سلفا لأن الحكومة متمسكة بكلمة «ظاهر» التي تفضلها على «مرئي» لما تتضمنه من رغبة في إبراز الهوية والانتماء الدينيين.

وتشدد الحكومة ومعها كل الداعمين للقانون الجديد على أن الغرض المتوخى منه هو التأكيد على حياد المدرسة وعلى قيمة العلمانية التي يتعين عليها الترويج لها وممارستها. لكن المعارضين للقانون الجديد يشددون على انه يستهدف بالدرجة الأولى المسلمين الذين سيزدادون انطواء على أنفسهم ما سيدفع ببعضهم الى إيجاد مدارس خاصة تتيح ارتداء الحجاب. أما الاخرون، فإنهم يتهمون الحكومة إما بالتحرك لدواع سياسية داخلية وانتخابية أو بالفهم الخاطئ وبالمعالجة المجزوءة لأن ارتداء الحجاب ظاهرة والأجدى معالجة العوامل التي تؤدي الى ظهورها. في أي حال، فإن ثمة رأياً متنامياً يرى أن الجدل حول الرموز الدينية والحجاب أسفر عن ثلاث نتائج متوازية اولاها نسف المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية الذي رأى النور العام الماضي والذي انفجر من الداخل لاختلاف اطرافه حول الحجاب ولعجزهم عن تغيير أي شيء في نص القانون وخصوصا عجزهم عن إقناع السياسيين بتليين القانون والقبول بأن ترتدي الطالبات المسلمات غطاء خفيفا للرأس يكون بديلا عن الحجاب.

أما النتيجة الثانية فتتمثل في تقوية الجناح المتشدد داخل الجالية الإسلامية في فرنسا إن داخل المجلس الإسلامي أو خارجه مثل حزب المسلمين في فرنسا وأجنحة وتيارات في الاتجاه عينه. أما النتيجة الأخيرة فهي توفير مناسبة لليمين الفرنسي المتطرف للعودة بقوة مستفيدا من مسألة الحجاب والهجرة والمخاطر التي تهدد فرنسا وذلك قبل شهرين من الانتخابات الإقليمية في فرنسا. من ناحية اخرى كشف امس عن تأثر اعضاء لجنة ستازي التي اوصت في تقريرها بضرورة حظر الحجاب والرموز الديينة الاخرى في المدارس والمصالح الحكومية الفرنسية، بوضعية الاجانب المقيمين في هولندا وفشل سياسة ادماجهم في المجتمع الهولندي، وكان لذلك اثره على التقرير الذي قدمه اعضاء اللجنة الى الحكومة الفرنسية. ونقلت صحيفة «هاندلز بلاد» الهولندية امس عن اثنين من اعضاء اللجنة (ستازي) قولهما بأنهما تأثرا بما رأياه في هولندا عن كتابة التقرير الذي حمل عنوان (الجميع.. اما .. البعض) وهو التقرير الذي بناء عليه قرر الرئيس الفرنسي جاك شيراك ضرورة وجود قانون يحظر الرموز الدينية بما فيها الحجاب من المصالح الحكومية والمدارس في فرنسا.

وقالت الصحيفة ان احد اعضاء اللجنة (جاك كوستا لاكوز) صرح بان اعضاء اللجنة انزعجوا بسبب الوضع في هولندا الذي يعود الى زيادة الحضور والتأثير الذي يشكله الاجانب من المتطرفين الاصوليين وخاصة ما يتعلق بما وصفوه بـ«المدارس السوداء» والنمو الجغرافي للاجانب.