القضاء الألماني يبرئ المزودي من تهمة «التواطؤ» في تفجيرات 11 سبتمبر لـ«عدم كفاية الادلة».. والادعاء يأمل في استئناف الحكم استنادا إلى أدلة جديدة

قاضي محكمة جزاء هامبورغ خاطب المتهم المغربي قائلا «الحكم يقضي ببراءتك لكنه ليس مدعاة للسرور»

TT

أصدر قاضي محكمة جزاء هامبورغ كلاوس روله حكما ببراءة الشاب المغربي عبد الغني المزودي المتهم بالإرهاب والتواطؤ في قتل 3066 شخصا هم ضحايا هجمات 11 سبتمبر (ايلول) 2001. وعبر القاضي عن اضطراره لإصدار حكم البراءة لعدم كفاية الأدلة أمس وقال مخاطبا المتهم «الحكم يقضي ببراءتك، لكن هذا ليس مدعاة للسرور». وذكر القاضي في نص قرار الحكم «أن القرار لم يصدر بسبب قناعة المحكمة ببراءة المتهم وإنما بسبب عدم كفاية الأدلة» وحسب مبدأ «الحكم لصالح المتهم في حالة وجود شك».

وكادت محكمة القاعدة ـ 2 الخاصة بالمزودي أن تشهد انعطافا مفاجئا آخر أمس عندما حاول ممثل الدفاع عن حقوق ضحايا 11 سبتمبر المحامي اندرياس شولز عرقلة صدور حكم البراءة المتوقع في قضية المزودي، 31 سنة، وتقدم بمعلومات تشي باستعداد محكمة فرجينيا في أميركا السماح لرمزي بن الشيبة أو لمتهم آخر بقضايا 11 سبتمبر بالشهادة شخصيا، أو التقدم بشهادة خطية تدين المزودي، إلى المحكمة. وأكد شولز أنه تلقى رسالة من أحد أهالي ضحايا 11 سبتمبر، وهو ستيفن بش، تخبره بوجود تغير في موقف القضاء الاميركي من قضية شهادة بن الشيبة في هامبورغ. والظاهر أن القاضي لم يقتنع بجدوى هذه التطورات الجديدة وشكك في إمكانية الحصول على هذه الشهادات بعد أن رفض المحامي شولز الكشف عن مصدر معلوماته وقال انه غير مخول بالكشف عنها. وقرر القاضي، بعد فترة استراحة «تشاورية» قصيرة، رفض التماس شولز بتأجيل النطق بالحكم رغم تأكيد المحامي بأنه يمتلك نسخة أصلية من قرار محكمة فرجينيا «لكنه لا يملك تخويلا بعرضه على المحكمة».

وكان قرار الحكم ببراءة المزودي متوقعا بحكم قرار محكمة هامبورغ الذي رفع عنه الحجز الاجباري في ديسمبر(كانون الاول) الماضي. وجاء القرار آنذاك اثر كشف شرطة الجنايات الألمانية عن شهادة خطية، لم تكشف مصدرها والمعتقد أنها تعود إلى رمزي بن الشيبة، تبرئ المغربي الشاب من الانتماء إلى خلية هامبورغ المتهمة بتنفيذ عمليات 11 سبتمبر. ودفعت هذه الشهادة رئيس دائرة حماية الدستور (الأمن العامة) هاينز فرومة إلى التصريح بما يؤكد براءة المزودي مجددا حينما قال «ان تخطيط عمليات 11 سبتمبر تم في أفغانستان لا في هامبورغ». ورغم قرار رفع الحجز الاجبارى عن المزودي آنذاك إلا أن قناعة النيابة العامة بتورط المزودي في عمليات 11 سبمتبر لم تهتز وطالب النائب فالتر هيمبرغر بالحكم 15 سنة على المغربي الذي يدرس تقنية المعلومات في جامعة هامبورغ. وفجر هيمبرغر مفاجآة جديدة في القضية في جلسة 22/1/2004، حينما قدم شهادة ايراني يدعي أنه كان عميلا مزدوجا لايران والولايات المتحدة، زعم انه علم من مصادر الاستخبارات الإيرانية أن المزودي كلف الاتصالات الالكترونية بين خلية محمد عطا في هامبورغ وتنظيم القاعدة في أفغانستان. كما اتهم الشاهد ايران بالوقوف وراء عمليات 11 سبتمبر وقال انه حذر سلطات الولايات المتحدة من العمليات «إلا أنهم لم يحملوا تحذيره محمل الجد». ولم يقتنع القاضي روله بهذه الشهادة أيضا وشكك في مصداقية الشاهد وبدوافعه.

ويفتح قرار البراءة الصادر بحق المزودي باب الأمل أمام زميله منير المتصدق، 29 سنة ، الذي يقضي فترة حكم أمدها 15 سنة مع الأشغال الشاقة وفق قرار صدر عن محكمة القاعدة ـ1 يدينه بالإرهاب والتواطؤ في قتل ضحايا 11 سبتمبر. وسبق لدفاع المتصدق أن تقدم الاسبوع الماضي بطلب استئناف الحكم الصادر ضد موكله بعد توفر معلومات تفيد بأن الشهادة المنسوبة إلى بن الشيبة تبرئ المتصدق أيضا من التهم المنسوبة إليه. وكانت وزارة العدل الاميركية رفضت التماس محكمة هامبورغ بالسماح لبن الشيبة بالمثول للشهادة في قضية المتصدق. وكرر وزير العدل الاميركي جون اشكروفت اكثر من مرة رفض السلطات الاميركية الاستجابة لطلب محكمة هامبورغ «لأسباب أمنية».

وإذ كان ما كشفه شولز عن استعداد القضاء الاميركي السماح لرمزي بن الشيبة بالشهادة في محكمة هامبورغ صحيحا، فهذا يعني ان محكمة القاعدة ـ 2 قد تعود إلى الانعقاد بعد فترة على أساس طعن ستتقدم به النيابة العامة. وعبر النائب هيمبرغر بعد صدور الحكم عن قناعته بأن عجلة المحكمة ستدور مجددا على أساس معلومات جديدة. وتعول النيابة العامة على رد الفعل الاميركي الغاضب من نتائج محكمة المزودي، ويعتقد هيمبرغر أن حكم البراءة الذي صدر أمس، سيدفع السلطات الأميركية لكشف المزيد من الشهادات والأدلة التي تدين المزودي.

يذكر أن المزودي عبر مرارا عن رغبته في مواصلة دراسته في جامعة هامبورغ بعد تبرئته من قبل محكمة هامبورغ. إلا أن وزير داخلية هامبورغ درك نوكمان عبر عن رغبته في تسليم المزودي إلى سلطات بلاده في أقرب فرصة. وسبق أن دارت شائعات، لم تؤكدها سفارة المغرب ببرلين، عن إمكانية تسليم المزودي من قبل سلطات المغرب إلى الولايات المتحدة لتعاد محاكمته ثانية بتهمة الإرهاب.