شارون: مشروعي للانسحاب من غزة هو الخيار الأقل سوءا لإسرائيل

شعارات تملأ مدينة القدس المحتلة تصف رئيس الوزراء بالخائن وتذكر باغتيال اسحق رابين

TT

اعترف رئيس الوزراء الاسرائيلي، ارييل شارون، بأن مشروعه المعروف باسم «خطة الفصل» ومرحلته الاولى الانسحاب الكامل من قطاع غزة، هو بالنسبة اليه «أهون الشرور» و«الخيار الاقل سوءا بالنسبة لاسرائيل، من مجموع الخيارات المطروحة».

وقال شارون، الذين كان يتحدث مع عدد من اعضاء الكنيست والصحافيين بعد تناوله الطعام في المطعم التابع للبرلمان، ان كل المبادرات والمشاريع المطروحة لتسوية النزاع الاسرائيلي ـ الفلسطيني تتحدث عن الانسحاب الى حدود 1967 وازالة معظم المستوطنات في الضفة الغربية وقطاع غزة. واختار هو ان يخرج بمبادرة اكثر واقعية، «تضمن لاسرائيل اعلى حد من الامن واقل حد من التنازلات المؤلمة وتضمن بقاء اهم المستوطنات واكبرها وتضمن قبل كل شيء بقاء القدس مدينة موحدة تحت السيادة الاسرائيلية». يذكر ان شارون يتعرض لهجمة شرسة من اليمين الاسرائيلي بسبب مشروعه هذا، اذ يعتبرون استعداده لازالة مستوطنات تماديا في التنازل للفلسطينيين وبداية انهيار للمشروع الاستيطاني اليهودي في فلسطين برمته. وبلغت هذه الهجمة حد اطلاق تهمة الخيانة ضده. وامتلأت، امس، شوارع القدس والطرقات من القدس الى ضواحيها، بالشعار الصارخ: «شارون خائن». وهو شعار مفزع بالنسبة للاسرائيليين. حيث انه اطلق اول مرة ضد رئيس حكومة، في زمن اسحق رابين. وبعد مرور شهرين من اطلاقه، اغتيل رابين في الساحة العامة في تل ابيب وهو محاط بالحراس من ضباط المخابرات.

واثر ذلك اعلنت المخابرات العامة (الشاباك) عن تعزيز آخر في قوة الحراسة غير المسبوقة التي يحاط بها شارون، وعن توسيع دائرة اليهود (التي تتابع نشاط المتطرفين اليهود في اقصى اليسار واقصى اليمين) وزيادة عدد العاملين فيها، من اجل السيطرة على نشاط المتطرفين المتعصبين ومنعهم من الوصول الى اغتيال رئيس الحكومة.

من جهة ثانية توجه عشرة اعضاء كنيست من حزب الليكود الحاكم الذي يتزعمه شارون، برسالة اليه يحذرونه فيها من مغبة الاقدام على ازالة مستوطنات من غزة او غيرها. ويقولون فيها انهم انتخبوه رئيسا للحزب ومرشحا باسمه لرئاسة الحكومة ليكون ذلك القائد القوي الراسخ لحماية امن اسرائيل والمستوطنات. ولم يكن واردا في الحساب ان ينسحب مهرولا من غزة، ويقوي بذلك حركة حماس وغيرها.

ويطلب هؤلاء من شارون ان لا يتقدم خطوة واحدة في مشروعه ولا حتى طرحه على الرئيس الاميركي، جورج بوش، قبل اقراره في مؤسسات حزب الليكود نفسه.

واستخف شارون، بهذه الرسالة، ورفض فكرة «التمرد» التي تنطوي عليها. وقال: «الليكود حزب ديمقراطي. يحق للجميع ان يعترضوا لكنه لن يحصل انقسام ابدا». واضاف «هؤلاء النواب وغيرهم ينسون في بعض الاحيان انني انتخبت رئيسا للحزب ورئيسا للحكومة. وفي مثل هذا الموقع تكمن مسؤولية عالية. وانا اتصرف بحكم مسؤوليتي. وما افعله هو افضل لامن اسرائيل واقتصادها».

واعلن شارون قبوله الاقتراح بتنظيم استفتاء شعبي لمعرفة رأي الشعب في مشروعه. وقال: «مع ان اسرائيل لم تعرف في الماضي الاستفتاء الشعبي، فلا بأس من تجربة ذلك، خصوصا ان الاستفتاء ليس ملزما».

وخرج انصار اليمين الاسرائيلي، على الفور، بطرح اقتراح عنصري يقول ان نسبة هذا الاستفتاء الايجابية يجب ان تكون 60% فصاعدا وليس 50%. والسبب في هذا انهم يريدونها اكثرية يهودية من دون اصوات الناخبين العرب في اسرائيل (فلسطينيي 48). لكن النواب العرب وعددا من قادة وحزب العمل وحزب ميرتس المعارضين، اعلنوا انهم سيتصدون لذلك وسيرفضون ان تكون الاكثرية غير عادية. وقال النائب احمد الطيبي، رئيس الحركة العربية للتغيير في هذا الصدد «نحن نعارض ان يكون مصير الاراضي الفلسطينية موضوع استفتاء اسرائيلي. فهذه اراض محتلة. وصاحب القرار فيها هو صاحبها الفلسطيني. ولكن، اذا لم يقبل رأينا، وثم اجراء استفتاء، فيجب ان يكون ذلك استفتاء عاديا، مثلما هو الحال في الدول الغربية. اي صوت واحد فوق 50% يكون حاسما، بغض النظر ان كان صاحبه عربيا او يهوديا».