لجنة برلمانية بريطانية تحث حكومة بلير على استخدام الضغوط الاقتصادية على إسرائيل ردا على إلاجراءات التعسفية ضد الفلسطينيين

تل أبيب ترفض تقرير اللجنة البرلمانية المختارة للتنمية الدولية في مجلس العموم وتصفه بالمنحاز

TT

اوصت اللجنة البرلمانية المختارة للتنمية الدولية في مجلس العموم البريطاني، حكومة توني بلير والاتحاد الاوروبي، باتخاذ موقف اكثر تشددا من الاجراءات الاسرائيلية التعسفية ضد الشعب الفلسطيني واستخدام الضغط الاقتصادي على اسرائيل لحملها على تخفيف القيود التي تفرضها على حركة المواطنين والتي تشل الاقتصاد الفلسطيني وتسبب ارتفاعا في نسبة الفقر. وجاءت هذه التوصية في تقرير للجنة تقيم فيه الوضع الانساني في الاراضي الفلسطينية المحتلة.

ورفضت السفارة الاسرائيلية النتائج التي توصلت اليها اللجنة في تقريرها ووصفتها بالمنحازة والظالمة، رغم تعاطف اللجنة في تقريرها مع المخاوف الامنية الاسرائيلية. وقالت السفارة في بيان لها «اصبنا بالصدمة لفشل اللجنة في التعامل مع القضية المركزية وهي حملة الارهاب التي يشنها الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات ومنظمات الارهاب». واضافت «ان اسرائيل لن تقبل بتقرير اللجنة الذي نعتبره منحازا وظالما».

واعتبرت مصادر سياسية اخرى في اسرائيل التقرير، احادي الجانب. ونقلت صحيفة «يديعوت احرونوت» في عددها الالكتروني باللغة العربية عن تلك المصادر قولها «حان الوقت كي يعرف هؤلاء النواب العدائيون أن الانتداب البريطاني في إسرائيل انتهى». وتساءلت المصادر الاسرائيلية التي لم تسمها الصحيفة «ماذا كان سيكون رد بريطانيا لو أن إرهابا كالذي يحدث في إسرائيل يحدث في شوارعها». وأضافت «هذا التقرير هو تقرير أحادي الجانب وغير عادل، ولا يشتمل على ربع كلمة عن الإرهاب. إنها محاولة لمعاقبة الضحية وليس المهاجم».

وكان التقرير قد وزع اول من امس مع تحذير بعد نشره قبل الساعة الواحدة حسب توقيت غرينتش. وتضم اللجنة 13 عضوا من مختلف الاحزاب في مجلس العموم وهم: توني بولدري (رئيسا من المحافظين) وجون باريت (من الديمقراطيين الاحرار) وجون باتل (من حزب العمال) وهيو بيلي (العمال) وان كلويد (العمال) وتوني كولمان (العمال) وكوينيتن ديفيز (المحافظين) وبيارا خابرا (العمال) وكريس مكافيرتي (العمال) واندرو روباثان (المحافظين) وتوني ويرذنغتون (العمال) واليستير بيرت (المحافظين) وروبرت وولتر (المحافظين).

واعتمدت اللجنة في تقريرها الذي استغرق اعداده 6 اشهر، حسب قول رئيس اللجنة النائب توني بولدري، على نتائج زيارات تقصي حقائق الى الاراضي المحتلة، وعدد من شهود العيان الذين مثلوا امامها من بينهم وزراء ونواب ورؤساء مؤسسات خيرية وحقوقية ومسؤولون في وكالة غوث اللاجئين في الامم المتحدة «الانروا» وغيرها. كذلك ارتكزت اللجنة في النتائج التي توصلت اليها في تقريرها على اكثر من 50 افادة مكتوبة من منظمات حقوق وانسانية واقتصادية بما فيها منظمات اسرائيلية وبريطانية واميركية واوروبية. يضاف الى ذلك اكثر من 50 افادة غير مطبوعة وافادات شفوية. وخرجت اللجنة بتقرير مكون من 289 صفحة، يعبر عن القلق العميق والجدي، ازاء عدد من السياسات التي تمارسها الحكومة الاسرائيلية والتأثير السلبي لهذه السياسات في الظروف المعيشية للشعب الفلسطيني في الاراضي المحتلة.

ويرسم التقرير صورة قاتمة للحياة في الاراضي المحتلة. ويشير الى ان سوء التغذية في قطاع غزة وبعض اجزاء الضفة الغربية يعادل سوء التغذية في شبه الصحراء الافريقية. بينما تتراوح نسبة البطالة ما بين 60 ـ 70%. وضاعفت الصعوبات والعراقيل التي تضعها اسرائيل في وجه حركة البضائع والمواد الغذائية من والى الاراضي المحتلة وبين مناطقها المختلفة، نسبة الفقر وشدته، وأوشكت هذه المناطق على الافلاس.

وقالت اللجنة في تقريرها، رغم تعاطفها الشديد مع المخاوف الامنية الاسرائيلية، انه من الصعب تجاهل حقيقة ان هناك اسلوبا اسرائيليا متعمدا، لمضاعفة الضغوط النفسية على الفلسطينيين العاديين، وذلك كجزء من استراتيجيتها لتركيعهم. واضاف التقرير ان بعض الاجراءات الامنية على وجه الخصوص بما في ذلك الحواجز الامنية والقيود المفروضة على حركة تنقل المواطنين، تقتل امكانية قيام دولة فلسطينية في المستقبل.

وقالت اللجنة في اطار التوصيات التي وضعتها في تقريرها «على الدول المانحة والمنظومة الدولية يجب الا تتردد في العمل الدؤوب لاحداث تغيير في السياسات الاسرائيلية». واضافت ان من مصلحة اسرائيل ان يكون على حدودها جار مستقر وقادر على العيش اقتصاديا.

وقال بولدري «ان تقريرنا هو تقييم متوازن للوضع الانساني في الاراضي الفلسطينية المحتلة. ويبين ان السياسة الامنية الاسرائيلية تترك اثرا واضحا في الحياة اليومية للناس». واضاف «ان اجراءات اساسية مثل الجدار الامني الذي يفوق طوله جدار برلين، قد يعطي الامن الفوري للاسرائيليين، لكن مستوى اليأس والاحباط في اوساط الفلسطينيين العاديين يمكن ان يعزز امدادات الانتحاريين. كما انها من المستعبد ان تأتي بتنازلات جديدة من قبل المسؤولين الفلسطينيين».

واعرب التقرير عن تفهمه للاسباب التي تدفع اسرائيل القلقة على امنها، لبناء الجدار، لكن مثل هذا الجدار لا بد ان يقام على الارض الاسرائيلية وليس الفلسطينية. ان سياسة اسرائيل الحالية تخلق حالة من اليأس والاحباط وزعزعة الاستقرار. وهذه الظروف تشكل ارضا خصبة للتطرف وتسهل تجنيد الانتحاريين، حسب ما جاء في التقرير.

ويسلط التقرير ايضا الاضواء على المصاعب التي تواجهها المنظمات الانسانية ومنظمات التنمية، خلال عملها في غزة والضفة بسبب القيود الاسرائيلية. وترى اللجنة ان على الدول المانحة ان تسعى للحصول على ضمانات اسرائيلية، بأن لا تقدم على تدمير اي مرافق تقام بهدف التنمية.