تشكيل آلية تنسيق «ضيقة ومحصورة» بين لبنان وإيران حول مفاوضات تبادل الأسرى

خرازي يؤكد أن الدبلوماسيين المفقودين نقلوا من قبل القوات اللبنانية بواسطة باخرة الى اسرائيل وأن لا مفاوضات مباشرة معها

TT

اتفق لبنان وايران امس على «آلية» للتنسيق بينهما في ما يتعلق بقضية الدبلوماسيين الايرانيين الذين فقدوا في لبنان عام 1982 وتؤكد طهران انهم موجودون في اسرائيل، بالاضافة الى متابعة «المرحلة الثانية» من مفاوضات تبادل الاسرى بين «حزب الله» واسرائيل. وفي معلومات لـ«الشرق الأوسط» ان الاتفاق لحظ «دائرة محصورة للتنسيق» لعدم تسريب اي معلومات. وافادت المعلومات نفسها ان لبنان سمى المدير العام للأمن العام اللواء الركن جميل السيد ممثلاً له في هذه الآلية، فيما ستسمي ايران ممثلاً لها في وقت لاحق.

وأكد رئيس الجمهورية اللبنانية اميل لحود لوزير الخارجية الايراني كمال خرازي الذي زار بيروت امس للبحث في قضية الدبلوماسيين الاربعة، جدية لبنان في حسم مصير هؤلاء. فيما شدد خرازي على ان المعلومات المتوفرة لدى ايران تؤكد ان الدبلوماسيين نقلوا من قبل ميليشيا «القوات اللبنانية» التي اختطفتهم على احد حواجزها «بواسطة باخرة الى اسرائيل».

وأعلن وزير التنمية الادارية اللبناني كريم بقرادوني انه يمتلك «معلومات حساسة» تتعلق بهؤلاء الدبلوماسيين، رافضاً كشفها الا للمسؤولين الايرانيين، فيما نفى رئيس كتلة نواب حزب الله، محمد رعد، بشدة ما ذكر على لسانه في صحيفة لبنانية عن انه توقع ان يزور الوفد الايراني قائد القوات اللبنانية المحظورة، سمير جعجع، في سجنه في وزارة الدفاع لاستيضاح مصير الدبلوماسيين.

وأفاد مصدر رسمي لبناني انه تم الاتفاق، خلال المحادثات التي اجراها الوزير خرازي مع الرئيس اميل لحود، على آلية لمتابعة المرحلة الثانية من المفاوضات التي تتم عبر الوسيط الالماني بين لبنان واسرائيل. واشار المصدر الى ان هذه الآلية تقوم على التنسيق والتشاور وتبادل المعلومات بين جهة تحددها ايران ولبنان من خلال المدير العام للأمن العام اللواء الركن جميل السيد، بحيث تكون الدائرة محصورة وضيقة حرصاً على دقة هذا الملف ومنعاً لتسرب اي معلومات من شأنها ان تؤثر على الموقف اللبناني والايراني في عملية التفاوض.

وقال المصدر ان الوزير خرازي ابلغ الرئيس لحود ان القيادة الايرانية تضع كل ثقتها بشخصه لمتابعة مسألة الدبلوماسيين الايرانيين الاربعة وتمنى ان تكثف السلطات اللبنانية تحقيقاتها، عبر سؤال الناس المعنيين في هذه القضية لا سيما من كان في موقع المسؤولية من القوى التي كانت مسيطرة في المنطقة التي خطف فيها الدبلوماسيون.

ولوحظ ان خرازي واعضاء الوفد المرافق لم يأتوا على ذكر اسم الطيار الاسرائيلي رون آراد خلال المحادثات، حتى ان الوزير الايراني تجنب لفظ اسمه خلال المؤتمر الصحافي. واكتفى بالقول «ان الشخص المذكور غير موجود في ايران».

وقد اكد الرئيس اللبناني اميل لحود للوزير الايراني عزم الدولة اللبنانية على «متابعة التحقيقات وجمع المعلومات اللازمة للمساعدة في كشف مصير الدبلوماسيين الايرانيين الاربعة»، معرباً عن امله في «ان يتم قريباً ايجاد حل لهذه المسألة التي تحظى باهتمام لبناني واسع».

وشرح خرازي للرئيس لحود المعلومات المتوفرة لدى الدولة الايرانية حول هذا الموضوع، مؤكداً ان بلاده «تعلق اهمية كبرى على هذا الموضوع بهدف الوصول الى أدلة قاطعة ودامغة تنهي الغموض الذي يكتنفه لطمأنة ذوي الدبلوماسيين المفقودين».

وافاد خرازي انه طلب من الرئيس اللبناني «بذل الجهود بهدف تحديد مصير الدبلوماسيين الايرانيين الاربعة»، وقال: «ان فخامة الرئيس اكد اعطاءنا كل الدعم، مشدداً على الاستمرار في بذل جهوده في هذا الخصوص. ونحن نأمل ان يتحدد مصيرهم، حيث ان معلومات كثيرة موجودة تؤكد انهم نقلوا الى اسرائيل آنذاك».

وكشف خرازي ان بلاده طلبت من المانيا التوسط مع اسرائيل من اجل معرفة مصير الدبلوماسيين الايرانيين، مؤكداً في هذا الاطار «ان للحكومة اللبنانية دوراً مؤثراً في جمع المعلومات والمساعدة في تحديد مصير هؤلاء الاسرى».

وقال رداً على سؤال عما اذا كان لايران دور مباشر في المرحلة الاولى من مفاوضات تبادل الاسرى: «نحن دعمنا المباحثات التي جرت، وسعداء ان لبنان حقق هذا الانتصار. وطبعاً، اننا على اتصال مع الجهات المعنية في هذا الخصوص حتى تتم المرحلة الثانية من هذا الامر بنجاح، خاصة انه يؤمل ان يتحدد مصير الدبلوماسيين الاربعة في المرحلة الثانية».

وذكر خرازي ان ايران «تتوقع من بعض الوزراء اللبنانيين الذين كانوا معنيين خلال فترة اختطاف الدبلوماسيين كما من اي شخص آخر في لبنان، تقديم المعلومات عن الدبلوماسيين الايرانيين الاربعة، اذا كانت لديه، لأن هذا الامر سيساعدنا كثيراً في معرفة مصيرهم».

ونفى بشدة وجود اي دور لايران في تحديد مصير الطيار الاسرائيلي رون آراد، مؤكداً انه «غير موجود في ايران. لكننا نأمل ان نحدد مصيره، لأنه يؤثر في تحديد مصير الآخرين».

ثم انتقل الوزير الايراني الى مقر وزارة الخارجية اللبنانية والتقى الوزير جان عبيد. وعقدا عقب اللقاء مؤتمراً صحافياً مشتركاً استهله الوزير عبيد بالتأكيد ان «ما يشغل معالي الوزير خرازي واخواننا في موضوع المخطوفين الايرانيين الاربعة يشغلنا ايضاً. وقد كان لذلك ايضاً بحث للتوصل الى جلاء هذا الموضوع على نحو دقيق وواضح فكانت جلسة ايضاح واستيضاح».

اما خرازي فقال: «نحن نأمل في ما يتعلق بالدبلوماسيين الاربعة الذين اسروا عام 1982 في تلك المنطقة اللبنانية التي كانت تحت النفوذ والاحتلال الاسرائيليين ونقلوا الى اسرائيل. وان ذوي الدبلوماسيين الاربعة الذين اسروا في لبنان وممثلين عن اسرهم كانوا معي في الاجتماع الذي تم مع الوزير عبيد وحضروا اللقاء. ونحن نأمل عبر الدعم والمساندة للحكومة اللبنانية ان يتحدد مصير الاسرى الاربعة».

وعما اذا كان تلقى معلومات من المسؤولين اللبنانيين الذين التقاهم قال خرازي: «نحن عندنا معلومات وكذلك نحصل عليها. ولكن في هذا المسار ونظراً للقبول الذي حصل من جانب رئيس الجمهورية اللبنانية، والذي حدد اجهزة خاصة لكي نتعاون معها في هذا الخصوص من اجل جمع المعلومات بما يتعلق بالاسرى الايرانيين، نحن نأمل ان تزداد المعلومات ونتمكن من خلالها ان نحصل على معلومات كبيرة تعطى لاسرائيل بهذا الخصوص»، مشدداً على انه «لا توجد اتصالات بيننا وبين اسرائيل. واي معلومات سيتم تبادلها ستتم عبر الفريق الالماني».

يذكر ان الوفد الذي رافق الوزير خرازي الى بيروت ضم رائد الموسوي نجل محسن الموسوي الذي كان يشغل منصب القائم بأعمال السفارة الايرانية في بيروت عام 1982، ومحمد متوسليان شقيق الدبلوماسي احمد متوسليان الذي كان في السفارة ايضاً، وحسين اخوان شقيق مصور السفارة في حينه كاظم اخوان وغلام رضا رستكار مقدم شقيق سائق السفارة في حينه تقي رستكار مقدم. وقد زار خرازي والوفد المرافق رئيس مجلس النواب نبيه بري ومساء التقى مجموعة من الاسرى اللبنانيين الذين اطلقوا خلال عملية التبادل الاخيرة.

وكان الوزير بقرادوني اعلن لوكالة الانباء الايرانية عن امتلاكه «معلومات حساسة» تتعلق بالدبلوماسيين الايرانيين الاربعة. ورفض كشف طبيعة هذه «المعلومات الحساسة»، موضحاً انه سيقدم «كل ما لدى حزب الكتائب من معلومات ومعطيات تتعلق باختطاف الدبلوماسيين الايرانيين الاربعة ومصيرهم الى كل من الدولتين الايرانية واللبنانية». وقال بقرادوني: «ان المعلومات التي بحوزة حزب الكتائب لن اكشفها بأي شكل لوسائل الاعلام لأنها تدخل في الدبلوماسية السرية، ولها علاقة بالمرحلة الثانية من المفاوضات والاتصالات المتعلقة باتفاق تبادل الاسرى بين حزب الله واسرائيل».