متسولون بكراس وطاولات في موسم حج العام الحالي والتذكرة وقيمة السكن قصص جديدة لاقناع المحسنين

TT

طاولات وكراس واشخاص يجلسون عليها، بالطبع تلك الادوات توحي للجميع بأن الحديث ربما سيكون عن مكاتب موظفين، ولكن هذا المنظر كان منتشرا في المشاعر المقدسة وبالتحديد في منى أمام جسر الجمرات، فالجالسون على الكراسي امام الطاولات ليسوا هم سوى متسولين، وجدوا ان تغيير نمط التسول بمقاعد وطاولات، ربما يقنع المحسنين في دفع تكاليف الموقع.

الا ان الشيء الملاحظ هذا العام بالنسبة للمتسولين هو ان جميع من كانوا يجلسون على تلك الكراسي كانوا من المكفوفين، وهو الامر الذي حير الكثير من الحجاج في معرفة كيف اهتدى هؤلاء المكفوفين الى الموقع واستطاعوا ان يجلسوا صفا واحدا مع انهم لا يرون وبطريقة يخيل للمشاهد انه امام دائرة موظفين منتظمين في الجلوس وطريقة التسول.

وقضية التسول في الحج مسألة عادية مثل الافتراش على الطرقات وسفوح الجبال وانتشار الباعة الجائلين والمطاعم التي يقيمها اشخاص بطريقة غير نظامية لا تتوفر فيها اي عناصر للنظافة، وقد بدت طوابير المتسولين بالعشرات جنبا الى جنب لا يفصل بينهم شيء وبطريقة تكاد تكون غريبة بكل المقاييس. في منى بجوار جسر الجمرات كان هناك اكثر من 12 متسولا جميعهم على ما يبدو فاقدو البصر من جنسيات افريقية يجلسون على كراس مكتبية احضروها معهم وكأنهم موظفون في دائرة خدمية وجميع هؤلاء يبسطون ايديهم من اولهم وحتى آخرهم ينتظرون المساعدات التي يحصلون عليها من الحجاج. وما يزيد الدهشة هو ان اكثر الحجاج يقومون بمساعدتهم رغم ان ذلك الحضور يكشف عملية الاحتيال التي يمارسها هؤلاء مستغلين رغبة الحجاج في فعل الخير والتقرب الى الله بمختلف الطاعات خاصة اثناء وجودهم في المشاعر المقدسة. في مكان آخر كانت مجموعة من السيدات والاطفال المنتشرين في مناطق مختلفة في منى تواصل عملها ليل نهار مستخدمين عاهات جديدة تكاد تكون هي المرة الاولى، ففي شارع الجوهرة كان ذلك الطفل المتسول متمدداً على الارض في حالة مخيفة اكثر من كونها تدعو للشفقة والمساعدة، فقد كان منظرة وهو متمددا ووجهه يخلو من الانف والشفتين وانت تشاهد اسنانه ولسانه امامك.. منظر لم يسبق ان شوهد وهذا المشهد ليس الاخير بل هناك الكثير منتشرون.

وطرق التسول في منى مختلفة ولكل من هؤلاء المتسولين قصة يبتكرها ويجيد حبكتها الدرامية حتى يستطيع اقناع الآخرين. يقول احدهم «فقدت تذكرتي ومالي وانا لا اريد منك شي سوى قيمة التذكرة وبعض المصاريف». ولكن سرعان من تنكشف الحقيقة حينما تطلب منه ان يدلك على مخيمه أو يقول لك «اذا كنت تريد مساعدتي فساعدني والا لا اريد منك شيئا».

مكتب مكافحة التسول الذي يعد اكثر الجهات الحكومية المعنية بمتابعة المتسولين، يقول مديره في مكة المكرمة منصور الحازمي «المكتب قام ببرامج مبكرة موجهة للمواطنين والمقيمين والوافدين الى المملكة بقصد الحج والعمرة عبر الاشرطة والمنشورات التوعوية بالتعاون مع وزارة الحج ووزارة الاعلام وعدد من الاجهزة ذات الصلة»، مبينا ان هذا العام تقوم عشر فرق على مدار الساعة بالعمل داخل المشاعر، وايقاف المتسولين.

واضاف الحازمي انه تم في يوم عرفه ضبط 75 متسولا عبر اربع فرق ميدانية، كما قام رجال مكافحة التسول صباح الاربعاء الماضي بايقاف 21 متسولا في منى، مفيدا بأن البلاغات تصل الى مشرف ميداني لكل فرقة ويتم التنسيق معه لتأكيد واقعة التسول ومن ثم يتم اتخاذ الاجراء المناسب معه، حيث يحول الوافدون الى الجهات الأمنية ويتم اتخاذ الاجراءات المتعارف عليها في مثل هذه الحالات، اما السعوديون فيتم تحويلهم الى متخصصين اجتماعيين تابعين لوزارة العمل والشؤون الاجتماعية يقومون بدراسة حالاتهم، واذا ثبت انه محتاج ولا يستطيع كسب قوته يحول الى الجمعيات الخيرية، واذا كان عكس ذلك يتخذ اجراء منصوصاً عليه نظاما.