وعكة تصيب شارون تعيق تحركات السلام وتؤجل لقاءه مع أبو علاء وزيارته للبيت الأبيض

واشنطن تبلغ إسرائيل رفضها القاطع توسيع مستوطنات الضفة مقابل مستوطنات غزة لالتزامات العملية السلمية

TT

رغم ان الناطق بلسان الحكومة الاسرائيلية اكد ان عملية تفتيت الحصى في مجرى البول عند رئيس الوزراء، أرييل شارون، هي عملية بسيطة لا تحتاج الى جراحة ولا الى نوم في المستشفى، فقد تقرر ان يخلد شارون الى الراحة في البيت وان تؤجل كل لقاءاته الخاصة بالحوار مع الفلسطينيين، بما في ذلك اللقاء مع رئيس الوزراء الفلسطيني، أحمد قريع (ابو علاء) وزيارته الى واشنطن المقررة مطلع مارس (اذار) المقبل، وزيارة الوفد الاميركي الرفيع غدا لدراسة آثار الخطة على الارض قي قطاع غزة والحدود الاسرائيلية.

وساد الاجماع بان هناك مبالغة كبيرة في هذه الاجراءات. ورأى البعض ان هناك واحدا من امرين، فاما ان يكون شارون مريضا اكثر بكثير مما يقال، او ان مرضه الذي رفض الاطباء الخوض في تفاصيله، مرض «سياسي».

وقالوا ان اعلان تفاصيل وضع شارون الصحي هو من شأنه وحده فحسب. وبالطبع من جهته لم يحرر اية معلومات، حتى عندما تسرب في الماضي انه يمر في حالات مرضية صعبة، علما بان شارون هو اليوم في السادسة والسبعين من العمر.

ويتوقع بعض المراقبين ان يكون شارون استغل تلك العملية البسيطة التي تتم عادة بواسطة أشعة ليزر لاخذ قسط من الراحة ازاء مستلزمات المسيرة السياسية. واثار الاستغراب بشكل خاص التفكير في تأجل الزيارة الى الولايات المتحدة، حيث انها مقررة بعد ثلاثة، او اربعة اسابيع، وهي فترة كافية للمرء ان يشفى من عملية جراحية في القلب حسب المراقبين. ومن المحتمل ان تكون هناك علاقة بين هذا التأجيل وبين ما كشف عنه النقاب، بعد ظهر أمس، من ان الادارة الاميركية ابلغت اسرائيل رفضها القاطع توسيع بعض المستعمرات في الضفة الغربية لقاء ازالة المستعمرات في غزة.

وكان شارون قد اعلن عن فكرته هذه استكمالا لخطة الفصل الشامل مع الفلسطينيين، التي من المفروض ان تبدأ بالانسحاب من غالبية اراضي قطاع غزة وازالة معظم مستوطناته من غزة الى الضفة، كوحدة واحدة او بنشرهم على المستوطنات القائمة. وقال بعض الوزراء المترددين في حكومة شارون بأن نقل المستوطنين من غزة الى الضفة سيضع حدا لترددهم وسيجعلهم مؤيدين لخطته. وجاء طرح هذه الفكرة كعملية واضحة لجس نبض الاميركيين عشية زيارة شارون لواشنطن.

وقالت مصادر في وزارة الخارجية الاسرائيلية ان هذا الاقتراح زعزع المسؤولين الاميركيين. فبعثوا الى اسرائيل برسالة حازمة يقولون فيها انهم عندما ابدوا بعض التأييد لخطة شارون، انما انطلقوا من كونها جزءا من رؤيا الرئيس بوش لاقامة الدولة الفلسطينية وتطبيق «خريطة الطريق» واحبوا فيها فكرة الانسحاب وازالة مستوطنات. لكنهم لم ولن يوافقوا على نقل مستوطنين الى مستوطنات الضفة ويرون في ذلك خرقا للالتزام الاسرائيلي بالتوقف عن توسيع البناء الاستيطاني.

ونقلت هذه المصادر عن مسؤول اميركي قوله ان واشنطن متمسكة بـ«خريطة الطريق» وترفض تجميدها او اسقاطها وتطلب ان تكون اية مبادرة للتقدم في المسار السياسي جزءا لا يتجزأ من تطبيق «خريطة الطريق».

واكد وزير الخارجية الاسرائيلي، سيلفان شالوم، انه تلقى رسالة كهذه من واشنطن. وابلغها لرئيس وزرائه، خلال لقائهما اول من امس. علما بأن شالوم يعارض خطة شارون للانسحاب الاحادي الجانب. ويعتبرها «جائزة للارهاب الفلسطيني». جدير بالذكر ان وزير البنى التحتية في حكومة شارون، يوسف باريتسكي (وهو من حزب شينوي الليبرالي) تقدم باقتراح يحرج رئيسه وزملاءه اليمينيين في الحكومة. اذ قال ان هناك 13 الف شقة سكنية فارغة في المدن والبلدات الاسرائيلية في النقب، داخل الخط الاخضر على مقربة من قطاع غزة. وهو يقترح نقل المستوطنين اليها. علما بان مجموع مستوطني غزة لا يزيد عن 7500، ولا يحتاجون لاكثر من 3000 شقة سكنية. وقال باريتسكي: هذا حل رخيص وناجح.

واثار هذا الاقتراح ردود فعل غاضبة لدى وزراء اليمين المتطرف في الحكومة. واعتبره وزير الاسكان، ايفي ايتام، بمثابة «وشاية الى العدو». وقال: «لن نرضى بأن يتم تعمير النقب على خرائب الاستيطان في «كتلة رفح» (هكذا تسمى المستوطنات في مشارف رفح). واعلن ان حزبه (المفدال) سينسحب من الحكومة اذا ما وافقت على اقتراح باريتسكي.

يذكر ان كبار الحاخامات اليهود (رجال الدين) في الجناح اليميني المتعصب، سيجتمعون قريبا ليبحثوا في امكانية سحب احزاب اليمين المتطرفة من الحكومة، فورا، وعدم انتظار ان يقدم شارون خطته للرئيس بوش. فمع ان قادة تلك الاحزاب يفضلون البقاء في الحكومة، طالما ان خطة شارون ما زالت حبرا على ورق ولم تترجم بعد الى انسحاب فعلي وازالة حقيقية للمستوطنات، الا ان رجال الدين المتعصبين يرون ان مجرد طرح الفكرة يحتاج الى عقاب. وهم يريدون اسقاط شارون، على امل ان يختار حزب الليكود قائدا آخر مكانه، «يحافظ على ارض اسرائيل والمستوطنات اليهودية».