«الشرق الأوسط» تحاور شخصيتين سنية وشيعية حول أزمة الانتخابات في العراق

* محسن عبد الحميد: انتخابات جزئية ميسرة يمكن أن تحل مشكلة التوازن بين الانتخابات ونقل السلطة * بحر العلوم: لا نريد مجلسا انتقاليا معينا بل مجلسا منتخبا بعد استعادة السيادة

TT

يغادر الاخضر الابراهيمي، مبعوث الامين العام للأمم المتحدة كوفي أنان العراق اليوم تاركا الحال على ما كانت عليه قبل مجيئه من حيث عدم الفصل في امكانية اجراء انتخابات مبكرة قبل الموعد المقرر لتسليم السلطة الى العراقيين في الثلاثين من يونيو (حزيران) المقبل.

وحسب رئيس مجلس الحكم العراقي محسن عبد الحميد وعضو المجلس محمد بحر العلوم فان الابراهيمي جلس طويلا واستمع بروح صبورة لكل الاطياف السياسية والدينية والقومية والاكاديمية والاجتماعية والثقافية العراقية وخرج برأي يتفق حوله كل العراقيين وهو اهمية اجراء الانتخابات من غير الاجابة عن السؤال العالق الذي يتعلق بتوقيت هذه الانتخابات.

«الشرق الأوسط» تحدثت أمس عبر الهاتف مع سياسيين من المسلمين السنة والشيعة، الاول محسن عبد الحميد زعيم الحزب الاسلامي العراقي (سني) ورئيس مجلس الحكم لهذه الدورة، والثاني محمد بحر العلوم وهو شخصية سياسية اسلامية (شيعي)، حيث اكد الطرفان على اهمية الانتخابات وعلى انتظار ما سيقرره الامين العام للأمم المتحدة كوفي أنان بعد ما يقرب من اسبوع.

اوضح عبد الحميد ان الابراهيمي قال كلمته وهو يؤيد اجراء انتخابات شاملة، وفي ذات الوقت يؤكد اهمية انتقال السلطة للعراقيين في الموعد المقرر الثلاثين من يونيو، ولا ندري كيف سيتم التوفيق بين الحالتين، مشيرا الى ان مبعوث الامين العام للأمم المتحدة لم ينحز لهذا الطرف او ذاك.

واضاف قائلا: لا بد من طرح حلول بديلة لتوازن بين مشروع اجراء الانتخابات الشاملة وتسليم السلطة «في يوم الاستقلال والسيادة». ويعتقد رئيس مجلس الحكم أن انتخابات جزئية ميسرة يمكن ان تحل المشكلة، وذلك باختيار مجلس انتقالي يمكنه تسلم السلطة من قوات التحالف لأهمية استعادة العراق لسيادته.

وقال «نحن في انتظار قرارات وتوصيات الامين العام للأمم المتحدة، وبالرغم من انها من الناحية القانونية غير ملزمة لنا لكننا ادبيا سنلتزم بها، فنحن من ذهبنا الى نيويورك، ونحن من طلبنا من الامين العام للأمم المتحدة كوفي أنان ارسال هذه البعثة، فكيف لا نلتزم بتوصياتها وقراراتها».

واستبعد عبد الحميد ان تصل الامور الى طريق مسدود ذلك «ان المرجع الشيعي السيد السيستاني لم يحدد موعدا معينا لاجراء الانتخابات، كما اننا لم نقل ان اجراء الانتخابات غير مهمة، بل انها مهمة جدا ولا بد ان هناك بدائل، نحن في مجلس الحكم لم نناقش موضوع البدائل، لكننا سنبقى في انتظار قرارات وتوصيات أنان لننهي المشكلة».

ويرى عضو مجلس الحكم محمد بحر العلوم ان المشاكل الامنية والادارية تعترض اجراء انتخابات شاملة «لكن هذا لا يعني ان هذه المشاكل لا يمكن تذليلها»، بل ويقترح بعض البدائل التي يمكن ان توفر عملية نقل السلطة للعراقيين واجراء انتخابات شرعية.

واضاف ان في مجلس الحكم رأيين; الاول يرجح كفة اجراء الانتخابات، والرأي الآخر يميل الى تعيين مجلس انتقالي يتسلم السلطة لحين اجراء الانتخابات. وأكد الابراهيمي امكانية اجراء الانتخابات، وقال ان الطريقة الصحيحة لانتقال السلطة وحسب غالبية العراقيين هي اجراء انتخابات شاملة.

وأشار بحر العلوم الى ضرورة تذليل المشاكل التي تعترض عملية اجراء الانتخابات، وقال «لقد سألت الابراهيمي قبل سفره امس عن امكانية اجراء انتخابات ونحن لا نملك السيادة؟ وأكدت ان على المسؤولين في سلطة التحالف ان تمنحنا السيادة وعند ذاك يمكننا اجراء انتخابات شرعية، ثم هل هذا الظرف يساعد على قيام مجلسين احدهما انتقالي والآخر دائم واجراء انتخابين والعراق تحت الاحتلال؟ انا ارى في ذلك تعسفا، اولا امنحونا السيادة». وأشار الى ان الابراهيمي يؤيد اجراء انتخابات لمجلس وطني دائم وليس انتقالي، وهذا ما سيقترحه على الامين العام للأمم المتحدة.

وقال عضو مجلس الحكم انهم سيناقشون بعد غد في مجلس الحكم ما اذا كانت تجب مناقشة مشروع قانون الدولة العراقية الآن ام ان يتم تأجيل ذلك الى ما بعد الانتخابات وتتم مناقشة الدستور العراقي مرة واحدة؟ وفي تصوري فمن المفيد ان نواصل الحوار في المجلس لتأجيل المناقشة الى ما بعد تسلم السلطة وعودة السيادة للعراقيين واجراء الانتخابات ومن ثم مناقشة مسودة الدستور الدائم.

وأكد انه مع تسليم السلطة اولا، ومن ثم اجراء الانتخابات، وقال «لا نريد مجلسا انتقاليا يتم تعيين اعضائه، بل نريد مجلسا منتخبا شرعيا». واوضح صعوبة حل كل المشاكل العالقة في غضون ثلاثة اشهر وقال «من الخطأ حل كل هذه المشاكل المتراكمة خلال ثلاثة اشهر، والمقترح كان ان يختار مجلس الحكم الـ250 عضوا للمجلس الانتقالي، هذا خطأ كبير، نحن في مجلس الحكم حتى اليوم نعاني من اتهام الناس لنا بأننا اعضاء مجلس معين وغير منتخب فكيف لنا ان نعين اعضاء المجلس الانتقالي!؟ وهذا امر لا يقبل».

واقترح بحر العلوم ان «يبقى مجلس الحكم وعلى علاته ويمنح السيادة مع تطوير المجلس وزيادة اعضائه بعد دراسة المقترح ودراسة آلية هذه الزيادة وكيفيتها، وان يمنح الفترة الكافية لحل المشاكل بين كافة الاطراف ويهيئ للانتخابات». واضاف «لنتحدث بصراحة اذا كانت هناك مشاكل بين السنة والشيعة او بين العرب والاكراد او بين الاكراد والتركمان او بين المسلمين والمسيحيين فيجب ان تحل قبل اجراء الانتخابات وهذا رأي المرجعية ايضا».

ونفى ان تكون في العراق اليوم مشاكل بين الشيعة والسنة وقال «هناك مجاميع تسللت الى العراق هي التي بدأت تشكل نقطة اختلاف بين السنة والشيعة والا فأنا لم اسمع طيلة حياتي ان اهل الاعظمية (سنة) قد هجموا على سكان الكاظمية (شيعة)، وحتى في بداية سقوط النظام لم تكن مثل هذه المشاكل التي نعيشها اليوم، ورسالة الزرقاوي تؤكد ان هؤلاء الذين تسللوا الى العراق هم من يشعلون نار الفتنة في العراق».

وقال بحر العلوم انه يجب ألا يكون حكم العراق على اساس طائفي او ديني او عرقي وان تأخذ جميع الاطياف المكونة للشعب العراقي حقها الكامل «حتى ان سماحة السيد السيستاني قال لي قبل ايام قليلة انه لا يهمه ان يأتي رئيس سني او شيعي كردي او عربي او تركماني او مسيحي شرط ان يصل بواسطة الانتخابات العادلة».

واضاف اننا نطالب بأن يكون دين الدولة الاسلام وهذا لا يعني اننا نريد نظاما دينيا على غرار بعض الدول الاسلامية، وعلينا ان نأخذ بعين الاعتبار خصوصية الواقع العراقي والعربي، فهناك فرق بين الدولة الدينية والدولة التي دينها الاول هو الاسلام، ونحن توافقنا دولة دينها الاول هو الاسلام.