البنتاغون يخطط لإبقاء معظم سجناء غوانتانامو محتجزين لمدد طويلة ويعتبرهم «أسوأ السيئين»

مسؤول: بينهم حارس بن لادن وآخرون شاركوا في هجمات بالخليج وأفريقيا

TT

دافع دونالد رامسفليد وزير الدفاع الأميركي عن سياسة بلاده تجاه الاعتقال المفتوح الأجل لأسرى الحرب على الارهاب في خليج غوانتانامو بكوبا، اذ اكد أمس انه سيتم اطلاق سراح ما يزيد عن عشرة من المعتقلين بينما يواجه البقية منهم سجنا غير محدد بفترة زمنية معينة. وتأتي تعليقات رامسفيلد وسط انتقادات متصاعدة من منظمات حقوق الانسان حول الشكل الجديد من الاعتقال الذي شرعت ادارة بوش بتطبيقه مع بدء الحرب في أفغانستان وهو يدخل الآن عامه الثالث. وقال مسؤول أميركي رفيع المستوى ان رامسفيلد سيتحدث بشكل عام في ميامي (امس) حول المعتقلين ومعاملتهم في قاعدة غوانتانامو، مشيرا الى اطلاق سراح ما يقرب من 85 الى 90 من المعتقلين، وان عشرة الى عشرين منهم سينقلون في المستقبل القريب. بالمقابل سيبقى هناك أكثر من 600 معتقل لفترة غير محدودة.

في الوقت ذاته، قال مسؤولون في وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) انهم يخططون لابقاء جزء كبير من المعتقلين في غوانتانامو لسنوات كثيرة وربما بشكل مؤبد. وأشاروا الى انه سيتم قريبا تشكيل لجنة لمراجعة حالات المحتجزين سنويا لتحديد ما اذا كان هؤلاء ما زالوا يُعتبرون تهديدا للولايات المتحدة أو ان بالامكان اطلاق سراحهم.

وقال المسؤولون ان اللجنة لديها صلاحية العفو وانها ستتكون من ثلاثة أعضاء يستطيع السجناء ان يقدموا لها التماساتهم باطلاق سراحهم. في الوقت نفسه قال المسؤولون انهم سيواصلون اطلاق سراح عدد من المعتقلين واعادتهم الى بلدانهم في حالة الوصول الى قناعة بأنهم لم يعودوا يشكلون خطرا مستمرا.

وردا على انتقادات منظمات حقوق الانسان وحكومات اجنبية قال مسؤول رفيع في البنتاغون طلب عدم كشف اسمه ان المنتقدين داخل الولايات المتحدة وفي الخارج لم يفهموا الوضع في غوانتانامو والحاجة الى احتجاز هذا العدد الكبير بدون توجيه تهمة ضدهم. وأضاف هذا المسؤول: «نحن نشعر كاننا في خضم حرب فعلية»، مؤكدا ان القانون المدني المخصص لمحاكمة الناس على الجرائم التي اتهموا بالقيام بها لا ينطبق «على ما نقوم به في غوانتانامو وهو يمكن فهمه ضمن سياق الحرب».

وقال هذا المسؤول انه في الوقت الذي يشعر المنتقدون بالقلق على حقوق المعتقلين فان البنتاغون قلق أكثر تجاه «حقوق الجنود في منع هؤلاء من الذهاب مجددا الى ساحات القتال» وحق عائلات الجنود بألا يلتقي أبناؤهم بنفس الرجال في معارك قادمة.

وقال مسؤول عسكري رفيع آخر ان أغلب السجناء ما زالوا ملتزمين بالقتل العشوائي للمدنيين والجنود الأميركيين وسيكونون خطرين ان أطلِق سراحهم.

مع ذلك فان الحجة المقدمة للاعتقال بانه يجب رؤيته ضمن سياق زمن الحرب، لم تقنع الكثير من المنتقدين. وقال مايكل باتنر رئيس «مركز الحقوق الدستورية» ان «فكرة ابقاء شخص في السجن الى الأبد تحت هذه الظروف يستحق الشجب»، وكانت منظمة باتنر قد تحدت اعتقالات غوانتانامو وقال انه استغرب كثيرا لما قال عنه، موقف الحكومة الصفيق. وأضاف انه ليس لهذا الاجراء «أي علاقة بالقانون مثلما يفهمه أي انسان على الأقل منذ صدور ميثاق الماغنا كارتا» الذي صدر سنة 1215 في بريطانيا الذي يضمن الحقوق المدنية والسياسية للفرد. وقال باتنر: «كيف يمكنك ان تعرف ان هؤلاء الأفراد خطرون بدون ان تجري محاكمات لهم؟ كل ذلك يعتمد على كلمة المسؤول العسكري فقط».

لكن المسؤولين الأميركيين يصرون على ان الكثير من هؤلاء المعتقلين هم «أسوأ السيئين». وظل هؤلاء المسؤولون يكررون ذلك خلال كل الأشهر التي استغرقتها عمليات التحقيق وما تم الحصول عليه من معلومات استخباراتية، اذ انهم توصلوا الى استنتاج يرى ان الكثير من الأفراد المعتقلين في غوانتانامو هم شخصيات ميدانية بارزة في «القاعدة» وهم مشتركون في صياغة مكائد فعالة ضد الأميركيين. وعلى الرغم من استحالة التوثق من صحة هذه الاستنتاجات بشكل مستقل فان مسؤولا في البنتاغون قال ان هناك العديد من القضايا بضمنها قضية رجل وُصف بانه الحارس الشخصي لأسامة بن لادن وآخر شارك في التخطيط للهجوم على سفن في الخليج وثالث قال عنه المسؤولون انه مشترك في الهجمات ضد سفارتي الولايات المتحدة في أفريقيا سنة 1998 واثنان كانا مشتركين في عمليات تمويل «القاعدة».

وقال مسؤولون في البنتاغون ان الجهود التي بذلت للحصول على معلومات استخباراتية عن السجناء كانت ضخمة جدا وهم وجدوا أحد السجناء لديه 13 اسما مستعارا. وقال المسؤول العسكري انه يمكن محاكمة أولئك الذين يُعتقد بأنهم متواطئون مع «القاعدة» محاكمةً عسكرية، حيث تمت صياغة قواعد متقنة لكن لم يتم تنفيذها لحد الآن. لكن هذا المسؤول أضاف: «بغض النظر عما اذا كان الشخص ستوجه له التهمة أمام لجنة عسكرية فان ذلك لا يشكل سببا كي لا نقوم باعتقاله». وأضاف هذا المسؤول انه قد يكون ممكنا للشخص ان يصدر ضده حكم بالسجن لمدة خمس سنوات ثم يبقى في السجن بعد انتهاء محكوميته اذا بقي اطلاق سراحه يعتبَر خطرا.

وستقوم اللجنة المعنية بمراجعة قضايا السجناء سنويا بالاستماع لحكومة البلد الذي ينتمي اليه المعتقل اضافة الى السجين نفسه لاحتمال اجراء محاكمة له على أرض وطنه وهذا يساعد في الأخير على غربلة السجناء لابقاء فقط المجموعة الأكثر خطورة وتشددا.

وقال هذا المسؤول العسكري الذي تحدث أول من أمس ان عدد أولئك الذين يمكن ان يعادوا الى بلدانهم في نهاية المطاف قد يصل الى ما بين 100 و300 سجين. وكان الجيش قد أطلق حتى الآن سراح ما يقرب من 80 سجينا في قاعدة غوانتانامو، حيث سلموا الى حكوماتهم بعدما اعتبر ان هؤلاء لا يشكلون تهديدا. وقال المسؤول نفسه ان عددا أكبر من السجناء سيسلمون الى حكومات بلدانهم خلال الأشهر القليلة المقبلة.

وأجرت الادارة الأميركية مفاوضات مع العديد من الحكومات التي قد تقبل بعودة عدد من مواطنيها. ويتم الآن بناء سجن تقليدي بجدران سميكة الى جانب الوحدات المبنية من معدن متموج ظلت تستخدم لاحتجاز المعتقلين لمدة تزيد عن العامين في قاعدة غوانتانامو البحرية الواقعة عند الحافة الجنوبية من جزيرة كوبا. وسيكون السجن الذي ينتهي العمل فيه في الصيف المقبل قادرا على استيعاب ما يقرب من 100 شخص حسبما قال المسؤولون العسكريون.

وعلى الرغم من ان المحاكم العسكرية لها الحق في اصدار أحكام بالاعدام فان المسؤولين يقولون انهم لا يمتلكون أي خطط لبناء غرفة اعدام في السجن الجديد.

وظلت الحكومة تجادل في ان المعتقلين غير مؤهلين لكي تشملهم حماية الدستور الأميركي لهم لأن قاعدة غوانتانامو تقع خارج الولايات المتحدة. وقد أيدت محكمتان اميركيتان هذه الرؤية ومن المقرر ان تستمع المحكمة العليا الى الحجج المتعلقة بهذه القضية في أبريل (نيسان) المقبل.

* خدمة «لوس انجليس تايمز» و«نيويورك تايمز» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»