اليمين المتطرف يتهم الجيش الإسرائيلي بالتصرف مع المستوطنين كالجيش النازي

77% من الإسرائيليين يؤيدون انسحابا كاملا وفوريا من غزة

TT

مقابل التأييد الجارف للجمهور الاسرائيلي لرئيس الوزراء، ارييل شاون، في موضوع الانسحاب من قطاع غزة وازالة المستوطنات بالكامل (77% يؤيدون)، يتصاعد القلق في اوساط المواطنين جراء سياسته الاقتصادية، فقال 73% ان اسرائيل تنهار اجتماعيا، و65% قالوا انها تنهار اقتصاديا، بينما يصعد اليمين المتطرف العداء للحكومة، لدرجة ظهور اعلانات في الشوارع امس، تشبه الجيش الاسرائيلي بالجيش البولندي الذي عمل في خدمة النازيين الالمان. وحذر عدد من علماء الاجتماع في اسرائيل امس، من هذه «التطورات الخطيرة». وطالبوا الحكومة باعادة النظر في سياستها واجراءاتها حتى لا يتحقق ما يخشاه الاسرائيليون من انهيارات. ووجهوا «دعوة استغاثة» الى كل القوى السياسية والاجتماعية ان تتخلى عن العنف والتطرف وتبدي الاستعداد لسماع الطرف الآخر واخذه في الاعتبار في لغة الخطاب في جميع مجالات الحياة، وخصوصا في المجال السياسي وفي السياسة الاجتماعية والاقتصادية.

وكانت وسائل الاعلام الاسرائيلية قد لمست ان الجمهور الاسرائيلي يفتش عن الاستقرار ودعت «يديعوت احرونوت»، الصحيفة الاكثر انتشارا بين الصحف الاسرائيلية امس شارون لتنفيذ خطة للانسحاب التام من قطاع غزة فورا. وقالت ان استطلاعا للرأي اجرته في الاسبوع الماضي، ونشرت نتائجه امس، يؤكد ان هناك 77% من المواطنين يؤيدون الانسحاب. وهذا اعلى نسبة تأييد يحظى بها مشروع حكومي منذ قيام اسرائيل قبل 56 سنة. وهذا بدوره سينعكس اثره في الهدوء والامان وفي المجال الاقتصادي، فحسب الاستطلاع فان الجمهور يريد تحركا ما. يريد مبادة سياسية اسرائيلية. يريد الخروج من دوامة القتل وإراقة الدماء. ضجر من حكومة تتكلم ولا تفعل. مل الشلل في سياسة الحكومة.« يعتقد ان الاحتلال ليس كنزا استراتيجيا بل عبء امني ثقيل، يقود الى اعباء اكبر في الحياة الاجتماعية والاقتصادية. لذلك يبعث برسالة واضحة الى الحكومة «خلصونا من هذا العبء. لا تخيفونا بحركة «حماس». ولا تشغلونا برد فعل الفلسطينيين. اهتموا بمصلحة اسرائيل. اخرجوا من غزة فوراً. اخلوا المستوطنات فهذه مصلحة اولادنا».

وكان الاستطلاع في الصحيفة قد اشار الى ان 38% من الاسرائيليين باتوا يشعرون بأن انتماءهم للمجتمع الاسرائيلي قد انخفض، من جراء احداث الانتفاضة الفلسطينية ورد فعل اسرائيل عليها. وقال 51% انهم لم يعودوا يثقون برئيس الوزراء، شارون (مقابل 42% يثقون به). وقال 61% انهم لا يثقون بوزير المالية، بنيامين نتنياهو، وقال 81% انهم لا يرون ان نتنياهو سينجح في وقف الركود الاقتصادي.

وقال 76% من الاسرائيليين ان المجتمع الاسرائيلي بات عنيفا. و79% ان الحكومة الاسرائيلية تتصرف بوحشية مع الشرائح الضعيفة للمجتمع. وقال 65% ان اسرائيل آخذة في الانهيار من الناحية الاقتصادية و73% انها تنهار من الناحية الاجتماعية.

وحذر العلماء المذكورون من انهيار آخر في الديمقراطية الاسرائيلية نفسها. وقال احدهم، انه في الانظمة الديمقراطية يكون اليأس من الديمقراطية بقدر الخطر على الديمقراطية. وحذر من ان تؤدي في نهاية المطاف الى قيام ثلة من الجنرالات بأخذ زمام الامور بأيديهم، تحت ستار «انقاذ البلاد والشعب من السياسيين الفاشلين».

ويبدو هذا الخوف شرعيا ليس فقط من تجارب التاريخ الحديث، حيث قام الجنرالات بتنفيذ انقلابات عسكرية في عدة دول ديمقراطية على خلفية الصراع الاجتماعي او السياسي الداخلي (اليونان، الارجنتين، تشيلي وغيرها)، بل بالاساس من تنامي قوى اليمين المتطرف والتشدد في خطابها السياسي. فالكثيرون في اسرائيل، يرون ان اليمين الاسرائيلي يقود نحو صراع داخلي دام. فهو الذي اطلق الرصاص على مظاهرة لحركة «سلام الآن» (سنة 1978). وهو الذي انطلق من بين صفوفه قاتل رئيس الحكومة الاسبق، اسحق رابين (1995). وهو الذي يطلق نشطاؤه صفة «الخائن» على شارون.

وفي يوم امس، ظهرت شعارات في شوارع القدس وغيرها تنطوي على اخطار اكبر، بالمقاييس اليهودية. اذ انها اجرت مقارنة بين الجيش الاسرائيلي والنازيين. فقد ظهرت ملصقات تحت عنوان: «من الذي اعطى الاوامر؟! ملزمون باسقاط حكومة شارون قبل ان تقع الكارثة!!». وبداخلها صورة لكنيس يهودي قام جنود بولندا بإحراقه في 11 اكتوبر(تشرين الاول) 1938 وصورة اخرى للمبنى الذي هدمته قوة من الجيش الاسرائيلي في 20 يناير (كانون الثاني) الفائت في مستوطنة «تبواح» في الضفة الغربية، والذي كان المستوطنون المتدينون يستخدمونه كنيسا للصلاة.