المحافظون بعدما أحكموا سيطرتهم: قبضة حديدية أم قفاز حريري؟

TT

بدا امس ان المحافظين الايرانيين استعادوا مجددا السيطرة على مجلس الشورى بعد اربعة اعوام بدت مريرة بالنسبة لهم حكمت خلالها اغلبية اصلاحية المجلس الذي يعد «العصب الديمقراطي» للنظام الاسلامي، ومع استعادة السيطرة يتبادر الى اذهان الايرانيين والمراقبين السؤال الاساسي: وماذا بعد؟ لا يتوقع المحللون ان تؤدي سيطرة المحافظين على مجلس الشورى الى تغيير كبير في سياسة ايران الخارجية ولا في تعهداتها النووية، مشيرين الى ان التيار المحافظ هو الذي بدأ الانفتاح على الغرب والولايات المتحدة منذ نهاية الثمانينات على يد رئيس الجمهورية المحافظ في ذلك الوقت هاشمي رفسنجاني. ويقول المحللون ان المحافظين يرغبون في تعزيز العلاقات مع الغرب، غير انهم عارضوا دوما مبادرات الاصلاحيين في هذا الاطار لانهم ارادوا ان يقوموا هم بالخطوة. وعلى العكس من العلاقات مع الغرب، فان الحريات الثقافية والاجتماعية والشخصية وحرية التعبير والصحافة في ايران ستكون مستهدفة من قبل المحافظين الذين سيعملون على تمرير قوانين اكثر شدة فيما يتعلق بهذه الحريات. ويقول المراقبون ان مصادر قوة التيار الاصلاحي المرتبطة بالجامعات والصحف والتجمعات المدنية ستتم محاصرتها، كما لا يستبعدون ان تشن السلطات بعد انتهاء اعلان النتائج حملة اعتقالات تستهدف كبار الاصلاحيين. لكن المعلق المحافظ أمير محبيان وهو مستشار سياسي في ايران يشير الى أن المحافظين سيستخدمون «قفازا حريريا بدلا من القبضة الحديدية». وقال ان الاغلبية الجديدة ستدشن مرحلة ثانية من الاصلاحات تنفذ بمزيد من الفاعلية نظرا لان محاولات فرض اجراءات سياسية واجتماعية صارمة لن تولد سوى حركة مرتدة»، غير ان المحلل السياسي حسين رسام يتوقع تصاعد الصراع بين الفصائل. وقال «الاصلاحيون يدركون أن المحافظين سيسعون لعقد اتفاقات مع الاتحاد الاوروبي وسيحاولون عرقلة هذا بالحديث عن حالة الديمقراطية في ايران». وأضاف «سيؤدي هذا الى خصومة مع المتشددين وسيؤدي الى اعتقالات واغلاق المزيد من الصحف وغيره». وعلى صعيد السياسات الاقتصادية لن يتغير الكثير ايضا لأن المحافظين يدعمون سياسات تحرير الاقتصاد التي بدأت منذ عهد رفسنجاني. ويبقى التحدي امام الاصلاحيين هو كيف يستمرون كتيار قادر على نيل دعم الشارع الايراني الذي اظهر في الانتخابات الحالية يأسا غير مسبوق من اداء التيار الاصلاحي في السلطة. ويقول عدد من قادة الاصلاحيين انهم سينقلون نشاطهم الاساسي الى مؤسسات المجتمع المدني الايراني لضمان استمرار تأثيرهم على المجتمع، الا ان المعضلة الاساسية امام هذا الطرح هي ان الشارع الايراني «اكثر راديكالية» في ميوله الاصلاحية من كل القادة الاصلاحيين في السلطة. وعمل الاصلاحيون «باجندتهم المعتدلة» وسط مناخ اجتماعي راديكالي لا يوفر لهم امكانيات كسب التأييد. فهل تتغير ملامح وسمات التيار الاصلاحي بعد خروجه من ردهات مجلس الشورى ليصبح اكثر قدرة على مواجهة المحافظين ام يفقد زخمه وينتهي تأثيره حتى اشعار اخر؟