عملية تفجيرية في القدس عشية بدء جلسات محكمة لاهاي توقع 8 قتلى وستين جريحا

«كتائب الأقصى» تعلن مسؤوليتها والسلطة تدينها وتعتبرها استهتارا بالمصالح الفلسطينية

TT

بعد اقل من شهر على اخر عملية تفجيرية تقع في القدس، قتل صباح امس 8 اسرائيليين وجرح اكثر من 60 اخرين، في عملية تفجيرية استهدفت حافلة لنقل الركاب في القدس الغربية. وجاءت العملية عشية بدء جلسات محكمة العدل الدولية في لاهاي بشأن شرعية الجدار الذي تبنيه اسرائيل في الضفة الغربية وتقول انه يهدف الى الوقاية من مثل هذه الهجمات. واعلنت كتائب شهداء الاقصى التابعة لحركة فتح مسؤوليتها عن العملية التي ادانتها في المقابل السلطة الفلسطينية. لكن وزير الخارجية الاسرائيلي سيلفان شالوم اكد ان «هذا الاعتداء يثبت مدى ضرورة بناء السياج الأمني». واضاف «لذلك سنواصل بناء هذا السياج لانه ينقذ ارواحا». وقال وزير العدل الاسرائيلي يوسف لابيد «ان كان هناك سياج حول القدس لم يكن هجوم اليوم (امس) سيحدث». وقد وقع الانفجار على بعد مئات الامتار من اسوار المدينة القديمة في حافلة ركاب مكتظة تعمل على الخط 14 الذي يربط بين حي هار حوما الاستيطاني الواقع على مشارف بيت لحم في الضفة الغربية وبين وسط المدينة. وحول الانفجار الحافلة الى حطام محترق عند تقاطع مزدحم قرب فندق اينبال حيث يجتمع زعماء منظمات يهودية أميركية. وقال ميكي ليفي رئيس شرطة القدس ان مهاجما فجر نفسه في وسط الحافلة أثناء ساعة الذروة الصباحية في أول يوم عمل باسرائيل بعد عطلة نهاية الاسبوع مما أسفر عن ثمانية قتلى على الاقل واصابة نحو 60 اخرين. وذكرت الشرطة ان القنبلة كانت مليئة بقطع معدنية لتكون أكثر فتكا. واثر العملية طوق الجيش الاسرائيلي مدينة بيت لحم حيث فرض حظر التجول.

وذكر الجنرال ميكي ليفي، قائد شرطة الاحتلال في القدس المحتلة انه «في تمام الساعة الثامنة وخمس وعشرين دقيقة من صباح امس وقع انفجار في حافلة تتبع شركة ايغد لنقل الركاب، عندما كانت تمر بالقرب من حديقة الجرس، المتاخمة لفندق لاروم». وحسب اقوال ليفي، فان الانفجار الذي سمع في جميع ارجاء المدينة نتج عن قيام شخص بتفجير نفسه في وسط الحافلة التي كانت مزحمة بالركاب في ذلك الوقت. واشار الى أن الحافلة كانت قد انطلقت قبل عشر دقائق من مستوطنة «جبل ابو غنيم»، الواقعة للشرق من المدينة، وموضحا ان التحقيقات الاولية تدل على ان الحزام الناسف الذي استخدم في العملية يشتمل على عبوة ناسفة متوسطة الحجم، لكنها محشوة بالمسامير وقطع الحديد الصغيرة التي تزيد من عدد المصابين في حال تم الانفجار.

وقال مصدر طبي اسرائيلي في مستشفى «شعاري تسيدك»، الذي نقل اليه معظم المصابين ان عشرة على الاقل في حالة الخطر الشديد، من بينهم مصاب في حالة ميئوس منها. من ناحيته اقر الجنرال شلومو اهارونشكي ان العملية وقعت دون ان يتوفر لدى الشرطة واجهزة المخابرات أي تحذيرات استخبارية حول نية الفلسطينيين تنفيذ عملية في القدس. واثر وقوع العملية نشرت قوات الاحتلال المئات من عناصر حرس الحدود والجيش والشرطة في محيط القدس، وبالذات في المناطق الجنوبية. واستعانت قوات الاحتلال بمروحيات «اباتشي»، اميركية الصنع، للمساهمة في تمشيط المنطقة.

وتبنت كتائب شهداء الاقصى، الجناح العسكري لحركة فتح المسؤولية عن العملية. وقالت في بيان، تلقت «الشرق الأوسط»، نسخة منه، ان منفذ العملية هو محمد عمر خليل زعل، 23 عاما، من قرية حوسان، قضاء بيت لحم. واضاف البيان ان زعل ينتمي الى مجموعات الشهيد ايمن سمير جودة، التابعة لها. واضاف البيان ان الكتائب قامت بهذه العملية «لتقول كلمتها بل كلمة كل المقهورين من ابناء الشعب العظيم لتحدث توازنا مستحقا يقلب كل المعادلات التقليدية. فلقد قلنا منذ زمن لن نتألم وحدنا، ولن نحزن وحدنا ولن تخيم اجواء الرعب فوق سمائنا وارضنا وحدنا، واقسمنا الا تمر مجزرة دون عقاب ولا يمر اغتيال غادر دون عقاب والا نصمت على ابتلاع ارضنا». واعتبرت الكتائب، العملية ردا على مجزرة الشجاعية التي قتلت فيها قوات الاحتلال 15 فلسطينيا قبل اسبوعين. واشار البيان الى ان العملية تمثل دعوة للمحتل «الى اعادة التذكير من جديد في سياساته العقيمة في جرائمه التي ترتد عليه بالوبال الهزيمة». وتحسبا لاتهامها بمساعدة اسرائيل في تبرير اقامة الجدار، عبر تنفيذ هذه العملية، اكدت الكتائب أن «الجدار النازي الذي ابتلع الاراضي الفلسطينية لم يمنع ضرباتنا القاسمة، لن يوقف هذا الجدار الصمت الدولي ولا المحاكم الصورية التي لا يلقي لها الكيان الصهيوني بالا فنوقفه بدمائنا الطاهرة». من ناحيتها اصدرت القيادة الفلسطينية بيانا شديد اللهجة ادانت فيه العملية. واعتبرت ان توقيت العملية يمثل مساعدة لاسرائيل لتبرير اقامة الجدار، عشية بحث قضيته امام المحكمة الدولية في لاهاي. واضاف البيان ان اسرائيل ستستغل هذه العملية كما استغلت العمليات التي سبقتها من اجل تبرير تحويل الاراضي الفلسطينية الى كانتونات تدور في فلك الاحتلال. واعتبرت القيادة ان «التوقيت المتعمد» قبل يوم من انعقاد المحكمة في لاهاي وفي ذروة حملة عالمية شاملة ضد جدار الضم والتوسع والفصل العنصري، وبعد الإدانات الدولية الهامة للجدار العنصري، يمثل استخفافا واستهتارا بالمصلحة الوطنية الفلسطينية. واضاف البيان انه لا يمكن «للقيادة الفلسطينية أن تسكت بعد اليوم على هذا الاستخفاف والاستهتار وعدم المسؤولية تجاه قضيتنا وشعبنا والمصالح والحقوق والدماء الفلسطينية». كما استنكر رئيس الوزراء الفلسطيني احمد قريع العملية، واعتبر في بيان صادر عن مكتبه ان العملية تمثل تهديدا للمصالح الفلسطينية العليا.

وترأس الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات في مقر اقامته في مدينة رام الله، اجتماعاً لمجلس الأمن القومي، بمشاركة رئيس الوزراء احمد قريع، وبحضور قادة الاجهزة الامنية. وفي اعقاب الاجتماع اكد المجلس انه قد تقرر كافة غرف العمليات المشتركة للاجهزة الامنية في كافة المناطق الفلسطينية، للبقاء في حالة استنفار قصوى ولاتخاذ جميع الإجراءات، للتصدي لكل ما من شأنه إلحاق الضرر بالمصالح الوطنية العليا للشعب الفلسطيني في الوطن والخارج، وتكريس سيادة القانون.

من جانبه رفض نبيل ابو ردينة مستشار الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات اتهامات اسرائيلية بتحميل السلطة الفلسطينية مسؤولية العملية في القدس كما رفض تصريحات وزير الخارجية الاسرائيلي بشأن تبرير بناء الجدار الفاصل في الضفة الغربية. واعتبر مستشار عرفات ان استمرار بناء الجدار «لا يوفر الأمن ولا الاجواء الضرورية لاحلال السلام»، مشددا على ان «المطلوب من اللجنة الرباعية ضرورة التحرك الفوري والبدء بالعمل الجدي لتنفيذ «خريطة الطريق» وتحمل المسؤولية بدلا من سياسة الانتظار والشلل». وطالب ابو ردينة الحكومة الاسرائيلية «بالجلوس الى طاولة المفاوضات للاتفاق على وقف فوري ومتبادل لاطلاق النار».

وقد أدان موفد الامم المتحدة الخاص الى الشرق الاوسط تيري رود لارسن بشدة هذا الهجوم، وقال في تصريح للاذاعة الاسرائيلية العامة «ان تفكيري يتجه اولا الى الضحايا وعائلاتهم. انها جريمة حرب وندعو السلطة الفلسطينية الى منع مثل هذه الاعمال الارهابية ووقف منفذيها ومحاكمتهم».