الإبراهيمي مع إعلان ترشحه للرئاسة الجزائرية: الانهزام خير من الانسحاب من المعركة

TT

اعترف وزير الخارجية الجزائري الأسبق أحمد طالب الإبراهيمي أمس أن بلاده في مأزق وأن الانتخابات الرئاسية القادمة لن تكون بالضرورة فرصة لتعافيها بعد أن ساد الاعتقاد أن نتائجها صارت محسومة، مثلما حدث قبل خمس سنوات لصالح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة الذي يسعى إلى الفوز بعهدة ثانية، لكنه أكد أنه قرر هذه المرة خوض المعترك متسلحا بأقوى سلاحين: «التوكل على الله والاعتماد على ثقة الشعب».

وأوضح الإبراهيمي، في خطاب ألقاه بمناسبة إعلانه الرسمي للترشح لانتخابات 8 أبريل (نيسان) القادم، أنه فكر طويلا وكثف مشاوراته بخصوص تقدمه لهذه الانتخابات «بقواعد اللعبة التي حددها الطرف الآخر» او اعتزال السياسة والعودة إلى حياة عائلية عادية. وقال انه: «أمام خيار صعب، بل ربما كان الخيار الأصعب في حياتي»، و«في النهاية قررت وضع واجب خدمة الوطن فوق كل اعتبار بالرغم من حقي المشروع في البحث عن الراحة الشخصية، والتمتع بحياتي العائلية»، وغايتى من ذلك هو «الإسهام مرة أخرى في إخراج البلاد من الأزمة، وبناء مجتمع ديمقراطي تصان فيه الحريات العامة».

وعاد الابراهيمي مطولا إلى الظروف التي دفعته، قبل خمس سنوات، مع خمسة مرشحين آخرين إلى الانسحاب قبل يوم واحد من موعد الاقتراع الرئاسي وترك بوتفليقة وحيدا في المضمار، وأوضح أنه فعل ذلك بعد أن اكتشف أن «الوعود بالتزام السلطة تنظيم انتخابات ديمقراطية تناقضت مع الممارسة في الميدان»، وأيضا «حتى لا نكون شهود زور في مسرحية انتخابية، وحتى لا نكون شركاء في عملية مفضوحة لمصادرة الإرادة الشعبية». وكان من نتائج الظروف التي جرت فيها الانتخابات السابقة أن «أزمة شرعية الحكم ظلت قائمة، بل تفاقمت في السنوات الخمس الماضية، حتى فقدت الدولة كامل مصداقيتها». وأكد أن ذلك الانسحاب الجماعي كان قرارا صائبا «سيحفظه التاريخ كلبنة قوية في بناء صرح الديمقراطية وكشف أساليب التلاعب بالإرادة الشعبية». ورغم تركيز المرشح المحسوب على التيار الإسلامي الا أن الأجواء السائدة عشية انتخابات هذا العام لا تختلف كثيرا عن تلك عاشتها الجزائر قبل خمسة أعوام، من خلال «استحواذ الرئيس المترشح، بوتفليقة، على كافة وسائل الدولة»، وهو أمر يدل على أن «القوم لم يتعظوا، بل هم ماضون في الدوس على الإرادة الشعبية وإطفاء بصيص الأمل في نفوس الملايين، غير مبالين بما قد ينجم عن ذلك من عواقب خطيرة على مصير الأمة والبلاد»، إلا أنه اعترف أن الاستسلام للأمر الواقع لم يعد مجديا، بل لا بد دخول المعركة لأن الجزائريين لا يريدون هذه المرة أن يتركوا «الفرصة تمر دون أن يتعاملوا معها بالشكل المناسب وقد بلغ السيل الزبى».

وشدد الإبراهيمي، في تصريح للصحافة عقب إعلان ترشحه، أنه قرر هذه المرة أن يبقى منافسا جادا لبوتفليقة رغم مؤشرات التزوير القائمة، لأنه صار يؤمن أن «الانهزام في المعركة أفضل من الانسحاب».

وأشار المتحدث إلى أن الجيش عندما أعلن على لسان رئيس الأركان الفريق محمد العمّاري أنه سيبقى على الحياد بمناسبة الانتخابات الرئاسية القادمة فإن «ثمار هذا الموقف استفاد منها شخص واحد هو الرئيس بوتفليقة ولم يستفد منها الشعب بينما الجميع كان يتمنى عكس ذلك».

ولخص الإبراهيمي برنامجه الانتخابي في عشر نقاط أهمها «استرجاع حقوق كل المواطنين في الحرية والعدالة والمشاركة في الحياة السياسية، ورفع المظالم عن عائلات المفقودين والمبعدين والمهمشين وإنصاف ضحايا المأساة الوطنية»، وأيضا «ترسيخ أسس الوحدة الوطنية التي ضعفت في السنوات الأخيرة حتى كادت تهتز، وما حدث في منطقة القبائل مؤشر على خطورة ما ينتظر البلاد من تمزق وتناحر»، إذ «لم يسبق للوحدة الوطنية أن اهتزت بالشكل الذي هي عليه الآن».