ورقة طبية تحدد مصير الزواج في السعودية وفتيات يرفضن التنازل عن فارس الأحلام مهما كان الثمن

السعودية: 113 مركزا صحيا يجري فحوصات الزواج والأنيميا والثلاسيميا الأكثر انتشاراً

TT

مصير أي شاب أو فتاة سعودية يقرران الزواج بات مرهونا «بورقة» تقرر مصيرهما وربما لا يتم ذلك الزواج بدون موافقتها. وهذه الورقة لا تعرف العواطف ولا الحب ولا تؤمن بالاحاسيس ولا المشاعر. شعارها الحيادية والمصداقية ولكن برغم ذلك فإنها غير ملزمة بتنفيذ ما بداخلها بل تترك للعريسين حرية الاختيار ولكن بدورها اما ان تبارك هذا الزواج او تحذرهما منه إنها ورقة الفحص الطبي لما قبل الزواج والذي شرعت السعودية في تطبيقه منذ أمس في جميع مناطقها المنتشرة في 14 منطقة ادارية من الشمال الى الجنوب ومن الشرق الى الغرب من خلال 113 مركزا متخصصا. قال لـ«الشرق الأوسط» كمال احمد أحد الراغبين في الزواج «بقدر ما لهذا الفحص من أهمية وذلك للاطمئنان على الأطفال الذين سيولدون ان يكونوا بصحة جيدة إلا انه أحيانا ينقلب الوضع الى أمر مزعج حين تكتشف انك او عروسك مصابان بأي مرض قد ينتج عنه أطفال مرضى ومصابون بأمراض وراثية حينها ستقع في صدام بين رغبتك وخوفك بين تمسكك في الزواج بتلك الانسانة التي تحلم بها وبين خوفك على أطفالك الذين ستنجبهم، واعتقد ان الجهات التي طبقت القرار وقالت انه غير ملزم كانت تعلم سلفا انه سيكون ملزماً ذاتياً لأي شخص فبمجرد ان يعرف الشاب او الفتاة ان أطفالهما لن يكونوا بحالة جيدة فان الأمر سيتغير وسيشعران بالذنب».

أضاف كمال «تلك مشكلة بقدر ما فيها من فوائد صحية واتصور ان أي شاب وفتاة تعلن ورقة الفحص سلامتهما من أي مرض سيدخلان فرحة جديدة ففي السابق كان الشخص يكتفي حين يتقدم بخطبة أي عروس بانتظار رأيها ورأي أسرتها ولكن منذ يوم أمس سيختلف الأمر كثيرا حيث سيصبح عليهما ان ينتظرا قرار الصحة ويجب عليهما ان لا يعلنا ذلك الزواج حتى تسمح لهم تلك الجهة».

آمنة فتاة في السابعة والعشرين من العمر سعودية الجنسية التقيناها اثناء جلوسها في ممر احد المراكز بانتظار اجرائها تلك الفحوصات تقول «اشعر بالحرج بشكل لا تتصوره وانا اجري هذا الفحص وبالنسبة لي مهما كانت النتيجة لن التزم به فالشخص الذي انوي الارتباط به احبه منذ اكثر من سنة كاملة ونحن مخطوبان وقد كنا سنتزوج في الصيف الماضي ولكن ظروفاً حدثت اجلت ذلك».

واضافت «الامر لن يتغير كثيرا بالنسبة لي وانا واثقة ان الامر كذلك بالنسبة لخطيبي ولو وجدنا ان هناك أي مشكلة فلو لزم الامر ان لا انجب أي اطفال مقابل ان اعيش مع من اخترت ان يشاركني حياتي»، مشيرة الى ان الامر بالغ الصعوبة بالنسبة اليها ولن تسمح لورقة صغيرة ان تفرقها عن الشخص الذي تحبه مهما كان الثمن.

عبد الله الازدي مأذون زواج، قال «ان هذا حل لكل المشاكل المرضية التي تفشت أخيرا وبرغم سلبياته تظل ايجابياته هي الاكثر بعيدا عن المشاعر والعواطف والرغبات»، مشيرا الى ان اليوم الاول مر بسلام ولم يصادف أي زواج يتعارض مع التحذير الطبي في الفحص.

خالد العمران هو الاخر شاب مقبل على الزواج، وقال «الامر جديد علينا وايضا غريب وفي نفس الوقت يجب ان نعترف انه في كثير من الاحيان عند ظهور النتائج سلبية سيكون مزعجاً ولكن بالمقابل له ايجابيات ربما لا ندركها الان او لا يدركها الا من وقع في مشاكلها فالامراض الوراثية انتشرت بشكل كبير في جميع مناطق المملكة حتى اصبحت تشكل مرضا خطيرا اصيب به الكثير من الاطفال والسبب هو وجود ذلك المرض بشكل مشترك بين الاب والأم او لدى احدهما مع اشكالية في الاخر وبالتالي فان الامر هنا يختلف وخاصة اننا نشاهد اطفالاً مرضى، وسيتضح مردود مثل هذا القرار خلال فترة حينما نشاهد جيلا قويا يتمتع بالصحة والعافية وعلى احسن حال».

واضاف «اعتقد ان هذا الفحص الالزامي سيغير من اسلوب الزواج المتعارف عليه في السعودية حيث سينهج السعوديون منهجا مختلفا للخروج من هذا المأزق فالبعض سيشعر بالحرج انه سيتفق مع فتاة على الزواج ثم بعد الفحوصات ينسحب وكذلك الامر بالنسبة للفتاة خاصة ان الامر يتعلق باطفالهما وغالبا سيكون هذا الفحص ملزما للاطراف بدافع ذاتي من دون ان يكون هناك تدخل حكومي لمنع زواج أي مصابين بأي من الامراض الوراثية وخاصة ان الحكومة اعلنت ان الفحص الزامي بالنسبة له كاجراء ولكن ليس الزامياً كتنفيذ مع يقيني انه كما اشرت سيكون ملزما ذاتيا».

وقال لـ«الشرق الأوسط» الدكتور يعقوب المزروع وكيل وزارة الصحة للطب الوقائي «حددت 113 مركزاً في كافة المناطق السعودية تتبع لوزارة الصحة مجهزة بأحدث التقنيات لتقديم هذه الفحوصات وسيقتصر الفحص على الانيميا المنجلية والثلاسيميا وهي الامراض الوراثية الاكثر انتشاراً في المملكة».

واضاف «سيتم فحص الطرفين الزوج والزوجة بحضور ولي امرها» مشيرا الى ان الفحص الطبي قبل الزواج سيسهم في الحد من انتشار الامراض الوراثية والتقليل من الاعباء المالية الناتجة عن علاج المصابين بامراض الدم الوراثية».