زوجة الرقيب السعودي المطيري الذي قتل في حادثة الفيحاء: اتصلت به صبيحة إصابته فقال لي «إدعي الله أن يعيدني إليكم بالسلامة»

ابنه الأكبر: اتصل يوصيني بإخوتي ووالدتي وسمعت في التلفزيون نبأ مقتله ولم أعلم أحداً

TT

«ادع الله أن يعيدني إليكم بالسلامة».. بهذه العبارة ودع الرقيب نايف بن ملفي المطيري، 34 عاما، زوجته وأبناءه الأربعة صبيحة الثامن من ذي الحجة الماضي، قبل أن يبلغوا بنبأ مقتله بعد ساعات من خروجه من المنزل على أيدي ثلة من المنحرفين والخارجين على القانون.

لم يترك الرقيب المطيري خلفه سوى زوجة وحيدة وأربعة أبناء، أكبرهم في العاشرة من عمره وأصغرهم رضيع في شهوره الأولى، وألم يعتصر قلوبهم الصغيرة على فراق أب لم يرتووا بعد من فيض حنانه، إلى جانب سمعة عطرة عند جميع من عرفه أو التقى به. بحزن شديد ووجوم من هول الصدمة، تروي أم نواف زوجة الرقيب المطيري قصة زوجها الذي اقترنت به قبل 12 عاما، عندما كان وقتها يعمل في قطاع التفتيش بمطار الملك خالد الدولي، وبعد ثلاثة أعوام طلب نقله إلى الإدارة العامة للمباحث، حيث بدأ بالخروج للعمليات الميدانية بعد التحاقه بالعمل الجديد مباشرة. وتضيف أم نواف: «أتذكر أنه في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي كلف بمهمة خاصة، وطلب مني عدم الاتصال به لانه سيكون مشغولا جدا، وبعد مضي أربع ساعات تقريبا، عاد إلى المنزل وهو متعب، وملابسه رثة، فعلمت أن المهمة كانت صعبة لانه كان مرهقا للغاية».

تصمت لحظات، لتعاود تذكر تفاصيل الحادث الأليم بقولها: «قبل المهمة الأخيرة بأيام قليلة طلب مني أن أذهب والأولاد عند أهلي في مدينة حائل (شمال السعودية) لقضاء إجازة عيد الأضحى هناك، حيث سيتفرغ في هذه الأيام للمرابطة بسبب الوضع الامني، على أن يلحق بنا بعد ذلك لقضاء العيد بصحبتنا، وفى يوم الحادث اتصل بي في العاشرة صباحا، وطلب مني على غير عادته أن يكلم الأولاد واحدا تلو الآخر، غير أنه لم يتمكن من ذلك لانهم لم يكونوا موجودين في المنزل، باستثناء الصغيرة عهود (7 أشهر) التي رددت لأول مرة كلمة بابا، وقد فرح كثيرا بهذه المكالمة، بعدها طلب مني أن أغلق الخط ووعدني باتصال آخر، وفي الساعة الواحده ظهرا من نفس اليوم اتصلت به على هاتفه النقال وإذا بأصوات عالية، فرد عليّ وهو على عجل وذكر بأنه سيخرج في مهمة الآن، وطلب مني أن أنتبه للأولاد وأدعو الله أن يعيده لنا بالسلامة، ثم انهى المكالمة».

وتسترسل أم نواف: «عندما حانت الساعة التاسعة مساء ولم يتصل، بادرت بالاتصال به، غير أنني لم أتمكن من محادثته لان هاتفه الجوال كان مغلقاً، فاتصلت على هاتف شقيقته، غير أنه لا مجيب أيضا، فبدأ القلق يتسرب إلى داخلي، خاصة بعد ان تسربت أنباء عن مقتل عدد من رجال الأمن أثناء مهمة عمل خاصة».

تصمت لحظات ثم تقول: «حاولت الاتصال بمقر عمله لمعرفة ما إذا كان زوجي من ضمن هذه الفرقة، فعلمت أنه أصيب في الحادث وتم نقله سريعا إلى المستشفى، وفي اليوم التالي جاءني خبر وفاته، وبالطبع لا يمكن أن أصف حجم التأثر الذي وقعت أنا والأولاد تحته، خاصة أن نواف، 10 أعوام، كان شديد التعلق بوالده، الى جانب اخوانه الذين لم يستوعبوا وفاته حتى الآن، ومتوقعين عودته إلى البيت في أي لحظة». وتضيف زوجة المطيري: «من الاشياء التي خففت عليّ هول المصيبة في زوجي المكرمة الملكية (1.1 مليون ريال) التي خصصتها الحكومة، حيث انني وحتى وفاة زوجي كنا نسكن في بيت للايجار، لذلك بعد انتهاء فترة الحداد سأشتري منزلاً لأبنائي، وأضع باقي المبلغ في البنك كتأمين لهم في المستقبل، فهم لا يزالون صغاراً في السن، ويحتاجون لرعاية واهتمام كبير مني ومن أسرة والدهم».

ببراءة الاطفال ابتسمت نورة، 6 أعوام، وهي تتحدث لـ«الشرق الأوسط» عن والدها قائلة: «والدي ذهب عند ربي، وهو يعيش هناك مبسوطاً سعيداً»، وتقول انها تتمنى ان تقتل «الإرهابي فيصل الدخيل الذي قتل والدها حتى لا يقتل أحداً آخر».

ويشارك نواف شقيقته أمنيتها، فيقول: «قبل وفاة والدي بيوم واحد اتصل بي ليوصيني على إخوتي وأمي، ويطلب مني أن التزم بأخذ علاجي، حيث انني مصاب بـ«الصرع» وفي يوم الحادث سمعت من التلفزيون اسم والدي ضمن الشهداء الستة، وهنا كتمت حزني في صدري ولم أفضه الا لخالي الذي هو في نفس عمري، لكني لم أكن متأكدا بعد إلى أن سمعت الجميع يعزون والدتي في والدي». وببراءة الاطفال يضيف: «انا فخور بوالدي، وسأكمل مشواره، وسأعمل في نفس مجاله، وسأكون مسؤولا عن أخوتي وأمي كما طلب مني».