زعيم المحافظين الإيرانيين: لن ننتقم من المعتدلين وسنصلح «ساعة الإصلاح» بحيث لا تقدم ولا تؤخر

طهران تنصح الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة «ألا يتدخلوا فيما لا يعنيهم» وتصف تعليقاتهم بأنها «غير مقبولة»

TT

أكد غلام علي حداد عادل زعيم التحالف الرئيسي للمحافظين الذى اكتسح الانتخابات التشريعية الايرانية أمام مؤتمر صحافي امس ان الفائزين «لن ينتقموا» من الاصلاحيين ولن يلجأوا للعنف لفرض التقاليد الاجتماعية الايرانية الصارمة التي قلت حدتها خلال فترة حكم الرئيس الاصلاحى محمد خاتمي. وقال حداد «لا نريد الرجوع للوراء.. نريد أن نصلح ساعة الاصلاح بحيث لا تقدم ولا تؤخر». مشددا فى الوقت ذاته على أن القيم الاسلامية لا بد أن تحترم، ويأتي ذلك فيما اعلنت وكالة انباء الجمهورية الاسلامية الايرانية ان المحافظين «اكتسحوا» منافسيهم الاصلاحيين وازاحوهم من البرلمان وحققوا اغلبية واضحة في المجلس المكون من 290 مقعدا، ولكن متحدثا باسم وزارة الداخلية وصف هذا التقرير بأنه سابق لأوانه نظرا لأن الاحصاءات النهائية لن تظهر قبل اليوم، وأصبح بذلك الرئيس الايراني محمد خاتمي واعضاء حكومته الاصلاحيون الباقيون في السلطة في مواجهة برلمان معارض شكس، وبقي النذر القليل من البرنامج الاصلاحي الذي سمي يوما «ربيع طهران» والذي جاهد طوال سبع سنوات من اجل التغيير في الجمهورية الاسلامية. وذكرت وكالة الانباء الايرانية ان 20 مرشحا محافظا في طهران حصلوا حتى الان على اصوات تمكنهم من دخول البرلمان بالاضافة الى 129 مقعدا حصل عليها المحافظون بالفعل من شتى انحاء البلاد الغنية بالنفط التي يقطنها 66 مليونا. ونقلت الوكالة عن غلام رضا جوديني مسؤول اللجنة الانتخابية في طهران قوله «فيما يخص الاصوات التي فرزت حقق 20 مرشحا من «التحالف من اجل تقدم ايران الاسلامية» ما يكفى من الاصوات لتأمين دخول البرلمان». ولكن المتحدث باسم وزارة الداخلية ذكر أن ثلثي أصوات طهران فقط هي التي جرى احصاؤها الى الان ولم يتضح بعد عدد المرشحين الذين سينتخبون من الجولة الاولى.

ومن مفاجآت نتائج الانتخابات الايرانية، فوز المتشددين بالمقاعد الخمسة للعاصمة الايرانية السابقة اصفهان والتي كانت معقلا للاصلاحيين. وحتى الآن فاز الاصلاحيون بنحو 40 مقعدا فقط بعد ان كانوا يشغلون 190 مقعدا في البرلمان الحالي. وفاز المستقلون بـ30 مقعدا كما تحجز خمسة مقاعد للأقلية المسيحية واليهودية والزرادشتية. وتجري انتخابات اعادة على 55 مقعدا لعدم فوز اي من المرشحين بالنسبة المطلوبة من الاصوات وهي 25 في المائة. وفازت حتى الآن خمس مرشحات بينما يوجد في البرلمان الحالي 13 نائبة. وعلى النواب الذين هزموا في الانتخابات تسليم مقاعدهم بنهاية مايو (ايار).

الى ذلك، ردت وزارة الداخلية الايرانية بحدة امس على المحافظين الذين اتهموها بأنها تلاعبت بنسبة المشاركة في الانتخابات معتبرة ان موقفهم يتسم بالتجني والافتقار الى المعلومات. وجاء في تعقيب نشرته الداخلية، الوزارة المكلفة تنظيم الانتخابات في موقعها على الانترنت ان البيان الذي صدر عن مجلس صيانة الدستور، اهم هيئات المحافظين في الجمهورية الاسلامية «يعكس التجني ويدل على افتقار للمعلومات». وكانت وزارة الداخلية قد اعلنت الاحد ان نسبة المشاركة في الانتخابات التشريعية لغت 50.57 فى المئة وهى ادنى نسبة تصويت في تاريخ الجمهورية الاسلامية، وذلك بعد يومين فقط من الانتخابات التي كرست انتصار المحافظين في غياب الشخصيات الاصلاحية الرئيسية التي منعت من خوض الانتخابات.

واتهم مجلس صيانة الدستور الذي يعتبر مصفاة المحافظين لاستبعاد من لا يرغبون في ترشيحه وزارة الداخلية بأنها زادت عدد المسجلين على اللوائح الانتخابية لكي تتراجع نسبة المشاركة وهي النسبة التي يعتمد عليها النظام ككل للتدليل على بعده الشعبي.

واعتبر المجلس ان نسبة المشاركة بلغت ستين في المائة مشيرا الى ان عدد الناخبين لا يمكن ان يرتفع اكثر من 5.8 مليون بين الانتخابات البلدية في فبراير (شباط) 2003 والانتخابات التشريعية في فبراير 2004. وردت الداخلية مشيرة الى ان التشبيه «لا يقوم على اي اساس» لأن الانتخابات البلدية لا يشارك فيها سوى سكان المدن والقرى وليس البدو الرحل. وقارنت الوزارة بين عدد المسجلين على اللوائح الانتخابية عام 2000 وهو 38 مليوناً و726 الفاً وبين عددهم في انتخابات 2004 وهو 46 مليوناً و351 الفا.

وقالت ان عدد الناخبين يزداد سنويا قرابة مليون ونصف المليون ناخب في ايران حيث يتزايد السكان بمعدلات عالية. الى ذلك فإن سن الانتخاب التي كانت 16 عاما في 2000 عادت الى 15 في العام 2004. وكانت وزارة الداخلية قد ذكرت ان النسبة الادنى من المشاركة في الانتخابات سجلت في العاصمة طهران حيث بلغت28.11 في المائة في العاصمة مقابل 55.91 في المائة قبل اربع سنوات. على صعيد ردود الفعل الدولية على الانتخابات، رفضت وزارة الخارجية الايرانية «التعليقات المتدخلة وغير المقبولة» من جانب الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة في الانتخابات التشريعية مشيرة الى المشاركة «الكثيفة» للناخبين في الانتخابات. وقال المتحدث باسم الخارجية الايرانية حميد رضا آصفي «انها تعليقات متدخلة وغير مقبولة ومتناقضة تظهر انهم غير مطلعين على الواقع وعلى تعقيدات التطورات الجارية في ايران». واضاف ان «انتخابات مجلس الشورى هي قضية داخلية ايرانية» قائلا «يفترض ان يولي اولئك، في الخارج الذين يعبرون عن مواقف حول هذا الموضوع، بعض الانتباه للمشاركة الكثيفة للشعب في هذه الانتخابات وان يحترموا افكاره وتصويته».

من ناحيته، طلب أحمد توكلي وهو زعيم بارز اخر للمحافظين من الاتحاد الاوروبي ألا يتدخل فيما لا يعنيه بعد أن أعرب وزراء خارجية الاتحاد الاوروبي اول من امس عن «بالغ الاسف والاحباط لمنع أعداد كبيرة من المرشحين من خوض الانتخابات البرلمانية هذا العام. وقال «نعتقد أن ما حدث في ايران قضية داخلية ونقترح على الاتحاد الاوروبي الا يعتبر نفسه طرفا في هذه المنافسة الانتخابية. يجب ألا ينزل الميدان ويتحيز لأي جانب». وكانت الولايات المتحدة بدورها قد انتقدت اول من امس الانتخابات الايرانية، مؤكدة انها «لم تستوف المعايير الدولية». وقال المتحدث باسم الخارجية الاميركية ريتشارد باوتشر ان «هذه العملية الانتخابية لم تستوف المعايير الدولية»، مؤكدا انه على الرغم من هذه «النكسة»، فإن الضغوط ستتواصل على هذا البلد من اجل احلال الديمقراطية. وقال باوتشر «سبق ان عبرنا عن مخاوفنا قبل الانتخابات واوضحنا ان الطريقة المعتمدة للاعداد لها تنطوي على خطأ جوهري، وقد جرت على هذا النحو». واكد «ما زلنا نعتقد ان الشعب الايراني يستحق حكومة تستجيب الى تطلعاته ونعتقد ان الايرانيين سيستمرون في التعبير عن رغباتهم بطرق شتى». واضاف باوتشر «اعتقد ان هذه الانتخابات جزء من لائحة الاسئلة المتعلقة بحقوق الانسان والمواضيع الاخرى المثيرة للقلق التي نشعر بها حيال ايران». واشار الى ان الولايات المتحدة ما زالت ترغب في اجراء مناقشات مع ايران التي لا تقيم معها علاقات دبلوماسية منذ 1980 لمعالجة المواضيع المثيرة للقلق وابرزها البرنامج النووي.