تقرير وكالة الطاقة «يشكك» في إعلان إيران كل تفاصيل برنامجها النووي ويكشف أنها أنتجت واختبرت «البولونيوم» سرا

TT

اعربت الوكالة الدولية للطاقة الذرية في تقريرها المرتقب حول برامج التسلح الايرانية والذي نشر امس عن «القلق العميق» من «اغفال» ايران ابلاغ الوكالة بعدد من الامور المتعلقة ببرنامجها النووي، مشيرة بشكل خاص الى ان ايران لم تذكر من تلقاء نفسها «امتلاكها تصميمات خاصة بأجهزة طرد مركزي متطورة من طراز بي 2»، وهى اجهزة قادرة على انتاج اليورانيوم المخصب لأهداف عسكرية، مشددا على ان طهران اخفت عن الوكالة قيامها بإنتاج واختبار البولونيوم وهي مادة يمكن استخدامها في التفجيرات النووية، وتعد محتويات تقرير الوكالة مؤشرا خطيرا بالنسبة لإيران اذ انها تضعها كليا تحت رحمة مجلس أمناء الوكالة لنظر فرض عقوبات عليها. وكشفت مصادر دبلوماسية غربية امس ان الوكالة الدولية اكدت في تقريرها ان العثور على اثار يورانيوم مخصب في معدات نووية ايرانية «يجعل من الصعب تحديد ما اذا كانت طهران كشفت بصورة وافية عن برنامجها النووي العام الماضي». وأضاف انه عثر على خليط من اليورانيوم العالي التخصيب والمنخفض التخصيب في موقعين بايران، مشيرا الى ان طهران «لم تقدم تفسيرا وافيا» حتى الان. ونقل دبلوماسي يتابع عمل الوكالة عن كثب عن التقرير قوله «الى ان يتم حل هذه المسألة بصورة مرضية، فسيكون من الصعوبة بمكان على الوكالة الجزم بأنه لم يكن هناك أي مواد أو أنشطة غير معلنة». وكانت ايران بررت فيما مضى العثور على يورانيوم عالي التخصيب بالقول ان أجزاء استوردتها لأجهزة الطرد المركزي كانت تحمل اثار يورانيوم. لكن الدبلوماسي قال ان هذا المبرر لا يفسر العثور على يورانيوم عالي التخصيب وآخر منخفض التخصيب.

وكانت ايران قدمت في أكتوبر (تشرين الاول) الماضي الى الوكالة الدولية ما قالت طهران انه اعلان كامل عن أنشطتها النووية. وتقول الولايات المتحدة ان برنامج ايران النووي يستهدف انتاج أسلحة نووية. لكن ايران تقول ان البرنامج مخصص فقط لإنتاج الكهرباء.

ومع ان الدبلوماسي قال انه لم يقرأ في التقرير الجديد أي شيء عن رصد اثار يورانيوم جديدة. الا انه اكد ان المعدات الملوثة باليورانيوم التي تم العثور عليها خلال الاشهر الماضية ما زالت محل قلق. تابع «اذا كانت كلها مستوردة من مكان واحد.. فلماذا هناك أنواع مختلفة من اليورانيوم في كالاي وناتانز». وقال الدبلوماسي ان الوكالة ترى ان هذا الامر «يصعب فهمه». وقال التقرير أيضا ان ايران انتجت «بولونيوم» وهو عنصر يمكن استخدامه لبدء التفاعل المتسلسل لتفجير نووي. وأضاف «مسألة الغرض من أنشطة ايران المتعلقة بالإنتاج والنية من استخدام بي.او. 210 البولونيوم ما زالا مصدر قلق في ظل عدم توفر معلومات تؤيد بيانات ايران في هذا الصدد». وذكر تقرير الوكالة ايضا ان ايران وافقت على توسيع وقف عمليات تخصيب اليورانيوم ليشمل «جميع انشطة التخصيب الباقية»، وتابع «ومما نرحب به ايضا قرار ايران توسيع نطاق الحظر ليشمل انشطة التخصيب المتبقية وهو ما ترى الوكالة انه امر سيسهم في بناء الثقة». وكانت صحيفة «واشنطن بوست» الاميركية قد ذكرت نقلا عن تقرير الوكالة ان ايران انتجت واختبرت البولونيوم وهو معدن مشع يستخدم لبدء الاشتعال في الانفجار النووي، لكنها لم تستخدمه لهذا الغرض. ونقلت الصحيفة عن خبير في معهد العلوم والأمن الوطني وهو ديفيد اولبرايت ان هذا الاكتشاف «يزيد من الشكوك» التي تحوم حول ايران. لكن الصحيفة شددت على ان البولونيوم ليس العنصر «المثالي» لإطلاق شرارة الانفجار النووي لأنه «لا يدوم طويلا وبالتالي يجب الاستمرار في انتاجه». والجدير بالذكر أن البولونيوم عنصر معدني مشع، لونه بين الفضي والرمادي. ولكن النظير الطبيعي الأكثر شيوعا هو البولونيوم ـ 210. ومع أن له بعض الاستخدامات الصناعية، إلا أنه يمكن استخدامه مع البريليوم للتأكد من أن سلسلة الانفجارات التي تؤدي إلى الانفجار النووي ستحدث بالضبط في اللحظة المطلوبة. وقال ديفيد اولبرايت: «هذه المسألة تكثف الشكوك لأن البولونيوم ـ 210 مرتبط بنوع معين من القادح النيوتروني. ولكنه ليس قادحا نيوترونيا مثاليا. وهو لا يبقى لفترة طويلة ولذلك عليك أن تعيد إنتاجه باستمرار».

ويعتبر اكتشاف البولونيوم تطورا غير مريح بالنسبة لإيران التي كانت تخطط لوضع قضية الاسلحة النووية وراءها قبل اجتماع الوكالة الدولية للطاقة النووية في فيينا 8 مارس (آذار) المقبل. وبدلا من ذلك قال الخبراء ان المسؤولين الإيرانيين عليهم الاستعداد للرد على انتقادات تقرير الوكالة، وقال أحد الدبلوماسيين: «سيواجهون مشكلة حقيقية لبعض الوقت».