واشنطن ترجئ رفع الحظر على سفر الأميركيين لليبيا بعد نفي رئيس الوزراء الليبي مسؤولية بلاده عن لوكربي

شكري غانم: لسنا مسؤولين جنائيا عن الكارثة والتعويضات كانت لـ«شراء السلام»

TT

أرجأ البيت الأبيض أمس خطة لتخفيف الحظر المفروض على سفر الاميركيين الى ليبيا وذلك بعد تصريحات لرئيس الوزراء الليبي شكري غانم قال فيها ان ليبيا «غير مسؤولة جنائيا» عن اعتداء لوكربي.

وكان مسؤولون بالبيت الابيض قد أعلنوا في وقت سابق أمس ان الرئيس جورج بوش اتخذ قرارا بتخفيف الحظر المفروض على سفر الاميركيين الى ليبيا بعدما وافقت الحكومة الليبية على كل «طلبات» الوكالة الدولية للطاقة الذرية ومن بينها تفكيك محطة نووية ارادت طرابلس الاحتفاظ بها غير ان واشنطن اصرت على تفكيكها وارسالها للخارج.

وفي تصريحات بدت متناقضة مع خطوات المصالحة التي اقدمت عليها طرابلس مؤخرا قال رئيس الوزراء الليبي شكري غانم ان ليبيا «غير مسؤولة جنائيا» عن اعتداء لوكربي وانها لم تقبل دفع تعويضات لعائلات الضحايا الا «لشراء السلام» مع الدول الغربية، كما شكك في مسؤولية بلاده عن مقتل ضابطة بريطانية اطلق عليها الرصاص من داخل السفارة الليبية في لندن عام 1984 .

وقال مسؤولون اميركيون ان قرار الرئيس بوش رفع قيود السفر الى ليبيا كانت ستكون خطوة اولية لمكافأة طرابلس على التخلص من برامجها للاسلحة النووية. واضافت المصادر ان بوش كان سيرفع القيود على استخدام جوازات سفر اميركية للسفر الى ليبيا، كما ستخفف واشنطن العقوبات بحيث يمكن السماح للمواطنين الاميركيين بانفاق اموال اذا ما زاروا ليبيا. وتابعت ان بوش يسعى ايضا لفتح الطريق امام عمل دبلوماسيين ليبيين في واشنطن. وكانت الولايات المتحدة قد اعادت بالفعل وجودا دبلوماسيا في طرابلس بعد اكثر من 20 عاما.

وذكرت المصادر انه بالاضافة الى الخطوات التي كان مقررا اتخاذها امس يمكن للادارة ان تمهد السبيل امام تصدير معدات طبية الى ليبيا لرفع مستوى المستشفيات في البلاد. كما قالت مصادر في الكونغرس ان مسؤولي الادارة بدأوا مناقشات مع لجان مهمة في الكونغرس بشان امكانية تقديم مساعدات مباشرة الى ليبيا. وامتنع سكوت مكليلان المتحدث باسم البيت الابيض عن التعليق على اي بيانات محددة الا انه قال «ما زلنا نلاحظ تقدما من جانب الحكومة الليبية وقد قلنا ان احراز ذلك التقدم سيقود الى علاقات افضل».

وبالرغم من اهمية الخطوات الاميركية، الا ان طرابلس تريد رفع العقوبات التجارية ورفع اسمها من قائمة الدول الراعية للارهاب. وما لم تسقط واشنطن ليبيا من هذه القائمة وتنهي العقوبات بحلول ابريل (نيسان) سيكون من حق طرابلس اجراء خفض بنسبة 50 في المائة في تعويضات قدرها عشرة ملايين دولار كانت قد اتفقت على دفعها لأقارب ضحايا طائرة «بان اميركان» التي تحطمت فوق لوكربي في اسكتلندا عام 1988، الا انه يمكن تمديد المهلة اذا ابرم اتفاق بين ليبيا واقارب الضحايا بهذا الشأن.

وفي مؤشر على ان رفع الحظر التجاري ليس بعيدا، قال وزير الخارجية الليبي عبد الرحمن شلقم امس ان من المتوقع أن يزور ممثلون عن شركات نفط أميركية ليبيا في نهاية الشهر الجاري. وقال في مؤتمر صحافي انه عندما يحضر الاميركيون الى ليبيا سيتحسن انتاجها وستحصل على التكنولوجيا الاميركية، دون ان يذكر تفاصيل اخرى. وقال رئيس الوزراء الليبي شكري غانم امس ان ليبيا لا علاقة لها باعتداء لوكربي ولم تقبل دفع تعويضات لعائلات الضحايا الا «لشراء السلام» مع الدول الغربية. واضاف غانم في مقابلة مع هيئة الاذاعة البريطانية «بي بي سي» «اعتقدنا أنه سيكون من الأسهل لنا ان نشتري السلام وهذا ما جعلنا نوافق على دفع التعويضات». وتابع «قلنا لأنفسنا: لنشتر السلام وننهي هذه القضية ونتطلع الى المستقبل».

وعلل غانم رفض ليبيا الاعتذار عن الهجوم بأن مثل هذا الاعتذار غير متضمن في الاتفاق. الذي على ضوئه قرر مجلس الامن في سبتمبر (ايلول) رفع العقوبات الدولية التي فرضت على ليبيا عام 1992 ، وصرح غانم بان ضغط سنوات من العقوبات الاميركية وعقوبات الامم المتحدة ورغبة في «ان نضع القضية برمتها وراءنا» اجبرت ليبيا على الموافقة على التعويضات. وقال «بعد المشاكل التي واجهناها بسبب العقوبات... فكرنا انه من الاسهل لنا ان نشتري السلام».

وسئل غانم عما اذا كانت ليبيا لا ترى في اتفاق التعويض اقرارا بالذنب في حادث تفجير الطائرة، فأجاب: «نعم اتفق مع هذا. وهذا الذي يجعلني اقول اننا اشترينا السلام»، وقال المتحدث باسم الخارجية الاميركية ريتشارد باوتشر ان الادارة الاميركية تنتظر من طرابلس تراجعا عن تصريحات غانم.

كما رفض غانم الاعتراف بمسؤولية ليبيا عن مقتل الشرطية البريطانية ايفون فلتشر التي توفيت عام 1984 بعدما اطلق عليها شخص مجهول رصاصة قالت الشرطة انها اطلقت من داخل السفارة الليبية في لندن خلال مظاهرة امام السفارة، وهي الحادثة التي تحملت طرابلس المسؤولية العامة عنها عام 1999 وقبلت دفع تعويضات الى اسرة فلتشر. واكد غانم امس انه لم يكن هناك دليل يدعم الإدعاء القائل بان العيار الناري الذي اسفر عن مقتل الشرطية اطلقه شخص ليبي. وحين سئل رئيس الوزراء الليبي عما اذا كان يتفق مع المحامين الذين نفوا وجود اي دليل على وقوف طرابلس وراء حادث اطلاق الرصاص على الشرطية البريطانية قال غانم «ما من سبب لمعارضة هذا الرأي» ووصف الرأي بانه رأي مستنير.

وحول موعد زيارة رئيس الوزراء البريطاني توني بلير الى طرابلس، قال غانم انه لا يعرف بعد موعد زيارة بلير لكنه اعرب عن امله في ان تتم قريبا قائلا انه سيلقى ترحيبا كبيرا وسيجد اصدقاء بانتظاره.