هواة الدراجات الهوائية في بغداد يتباهون بزينتها

سوق على امتداد 300 متر لفوضى التجار وباعة الخردة والمتسوقين

TT

بغداد ـ أ.ف.ب: يتجمع المئات من التجار والهواة والعاملين، الذين يكسبون رزقهم من تصليح الدراجات الهوائية، كل يوم جمعة بين اكوام من قطع الغيار المستعملة في «السوق» المخصص لها للتباهي في عرض آخر مبتكرات هذا النوع من وسائل النقل قديمها وحديثها وخصوصا تلك الخاضعة لعملية «تزيين» لافتة للنظر. وتمتد «السوق» في منطقة باب الشرقي التي تتسم بالفوضى وتعج بالأصوات المزعجة مسافة 300 متر قرب ساحة التحرير بمحاذاة حديقة الامة، حيث تعرض جميع انواع الدراجات الصينية والهندية والسورية، للكبار والصغار، ويتدافع الناس من مختلف الاعمار اما للشراء او البيع او مجرد الفضول. وقال مثنى علي حميد، 28 عاما، ان «السوق» بدأت نشاطها عام 1980 ببطء لأنها قبل هذا التاريخ كانت متمركزة في منطقة الصدرية، احد احياء بغداد، وقد انتقل الناس الى هنا لان المكان اوسع بكثير. وأقدم علي احمد على تزويد دراجته الهوائية التي صنعت في الهند قبل 30 عاما جهازا لقياس السرعة ومسجل وراديو يعمل بواسطة بطارية صغيرة، وضعها تحت مقعده ويجب تعبئتها كل ثلاثة ايام، وأبواق «خاصة» ومرايا جانبية اضافة الى شارات دينية. وقال ان ثمنها يبلغ حوالي 200 الف دينار (145 دولارا) «فهي صينية وللنخبة وليست لمن لا يقدر قيمة هذه الاشياء». ومن جهته قال كاظم خزعل، 30 عاما، انه يقصد السوق لبيع دراجته المزودة بصندوق كبير في مقدمتها لتوصيل الطلبات الى المنازل لكنها «تسير من دون فرامل» اذ يستخدم رجليه حسب قوله، مضيفا انه وجد عملا اخر ولم يعد بحاجة لها. ويطلب اصحاب الدراجات «المزينة» اسعارا مرتفعة ثمنا لبضاعتهم وغالبا ما تكون قديمة لا يقل عمرها عن 30 عاما او اكثر فيضيفون اليها قضبانا حديدية بين الاطارات تتراوح ألوانها بين الأزرق والأصفر وشارات بيضاء كتب عيها باللون الأحمر. وقال التاجر شهاب حسن، بينما كان واقفا امام عشرات الدارجات الجديدة من مختلف الأحجام والأنواع، ان اغلاها ثمنا هي الصينية الصنع (120 دولارا) وأقلها تلك المصنوعة في سورية والهند (35 دولارا). وأضاف ان سوق الدراجات «ازدهر بعد سقوط النظام لان الشراء كان في السابق محصورا بفئة من المستفيدين اما الآن فأصبح الشراء ممكنا بالنسبة للجميع بسبب الانفتاح الاقتصادي» وأكد «انني اعرف ذلك تمام المعرفة لأنني في المهنة منذ 14 عاما». ويتباهى اصحاب الدراجات التايوانية الصنع بأعلى اصواتهم بمصدرها بينما لا يجرؤ على ذلك اصحاب الدراجات الهندية الصنع. وبين بسطات رصفت فوقها جميع ما تحتاجه الدراجة، جلس عصام محمد حسن القرفصاء في بغداد واضعا عجلة دراجة هوائية قديمة بين فكي الملزمة بغية تجليسها، وقال متمتما «الى اين اذهب؟ فلم يتبق لي سوى الرصيف لأمارس مهنتي». وأضاف مطاطأ الرأس وهو يحدق في حاشية العجلة ان «الرائحة النتنة الخانقة تعم الزقاق المقابل حيث كنت اتخذ مكانا لي كل يوم جمعة، وإيجار المحلات مرتفع جدا لكنني اريد ان اكسب لأعيل عائلتي المكونة من خمسة اشخاص». وقال عصام، الاربعيني، واضعا غطاء على الرأس فقد لونه الاصلي بمرور الزمن وشحم الدراجات عليه، انه لا يعمل سوى «ايام الجمعة فقط» ومنذ 12 عاما، موضحا ان« امانة (بلدية) بغداد لا تتدخل لتطلب ترخيصا لمزاولة المهنة ولا يزعجوننا الا اذا نزلنا الى الطريق العام». في هذه الاثناء، دوى صوت رصاصة فتفرق فجاة مئات الموجودين في المكان بعد ظهور شرطي حاملا مسدسا بيده اليمنى ومهددا كل من يقف وسط الطريق بسبب اعاقة حركة المرور بتجمعهم بهذا الشكل. وفتحت الطريق امام السيارات ولكن ما ان غادر الشرطي المكان حتى عاد الذين اختفوا وكأن شيئا لم يكن.