القذافي يفتتح القمة الأفريقية بدعوة واشنطن لحذو نهج أوروبا فى نبذ «عقلية المستعمر»

القمة تبحث تشكيل قوة تدخل أفريقية في النزاعات تنتشر في خمس مناطق من القارة واستثمار موارد المياه

TT

دعا الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي الولايات المتحدة الى التخلي عن «عقلية المستعمر» في افريقيا وحذو نهج العقلية التي اختارها الاوروبيون، مشددا على ان «افريقيا تخطو خطوات جادة لتثبت انها قارة الاحرار وليست قارة العبيد». وقال القذافي في خطاب مقتضب لدى افتتاح القمة الاستثنائية للاتحاد الافريقي في سرت بليبيا امس ان الاستعمار ليس له زمن معين وان «الفراغ الاستراتيجي» في افريقيا قد يشجع استعماراً جديداً. وافتتح القذافي القمة الاستثناية للاتحاد الافريقي بحضور نحو 40 رئيس جمهورية ورئيس حكومة افريقية على رأسهم رؤساء مصر والجزائر وتونس وجنوب افريقيا ونيجيريا والسنغال، وتبحث القمة موضوعين اساسيين هما منظومة دفاع افريقية موحدة، والاستثمار الامثل للموارد المائية في القارة.

وقال الزعيم الليبى في كلمته ان «الاوروبيين اخذوا درسا قاسيا من الماضي وتأكدوا ان الاستعمار عمل فاشل وغير اخلاقي»، ودعا «اميركا الى ان تتعامل بنفس العقلية الاوروبية والى التفاوض فى العلاقات الدولية». وشدد على ان التعامل الاوروبى مع افريقيا تغير بعد نبذ اوروبا الاستعمار، مستشهدا بحضور رئيس مفوضية الاتحاد الاوروبي رومانو برودي اعمال القمة الافريقية. وأضاف «اننا نسير الآن في طريق التعاون والصداقة والاستثمار المشترك»، وبالرغم من ذلك حذر القذافي من أن الاستعمار ليس له زمن وقد يتكرر في أي وقت اذا توفرت له الشروط وأولها «الفراغ».

واعتبر القذافي ان افريقيا بدأت تخطو خطوات جادة وحقيقية نحو الاندماج واقامة «الولايات المتحدة الافريقية»، مؤكدا انها ستثبت بذلك للعالم أنها قارة للأحرار وليست قارة للعبيد مثلما روج لذلك الاستعمار لعقود طويلة. ووصف الزعيم الليبي تلك المرحلة الاستعمارية التي عانت منها افريقيا «بالمأساة» التي ليس لها ثمن مادي، وقال ان الثمن الوحيد لتلك المأساة هو ما تبذله القارة من عرق وجهد من أجل تحرير القارة ومن أجل توحيدها وبناء قدرتها.

ووصل القذافي الى قاعة المؤتمر على متن سيارة كهربائية صغيرة برفقة الرؤساء الغاني جون كوفور والمصري حسني مبارك والتونسي زين العابدين بن علي ورئيس الوزراء الاثيوبي ملس زيناوي. ويحضر القمة رؤساء الدول الاكثر نفوذا سياسيا واقتصاديا في افريقيا وهي جنوب افريقيا والجزائر ومصر ونيجيريا والسنغال، فيما غاب عنها رؤساء الكاميرون بول بيا، والغابون عمر بونغو، وساحل العاج لوران غباغبو، وكينيا مواي كيباكي، وزيمبابوي روبرت موغابي. ويدرس القادة خلال القمة الاستثنائية مشكلة تقاسم المياه في قارة تشهد مناطق عدة فيها نقصا حادا لتوزيعها على السكان وسيتطرقون ايضا الى مشروع الدفاع المشترك. وتقترح ليبيا مشروعا لتشكيل جيش افريقي موحد، لكن يتوقع ان يرفضه المسؤولون حرصا على سيادتهم الوطنية، غير ان مصادر ذكرت ان المجتمعين قد يتخذون قرارا بتشكيل قوة تدخل افريقية في النزاعات تنتشر في خمس مناطق من القارة.

كما يفترض ان يعتمدوا توصية تقدم بها وزراء الخارجية الافارقة وتقضي باقامة صندوق افريقي للزراعة.

وتعد مشاركة الرئيس المصري دليلا على تحسن العلاقات بين القاهرة وطرابلس، وكانت العلاقات قد شهدت تدهورا نسبيا بسبب هجوم الصحف المصرية على قرار القذافي التخلص من اسلحة الدمار الشامل التي يمتلكها، مما دفع ليبيا لفرض شروط على دخول المصريين الى اراضيها، واتخذت القاهرة اجراءات مماثلة. غير ان كل هذه الاجراءات رفعت بعد زيارة قام بها وفد مصري رفيع المستوى في 21 يناير (كانون الثانى) الماضي الى ليبيا.

وفي واشنطن، قال مساعد وزير الخارجية الاميركي لشؤون الشرق الاوسط وليام بيرنز في الكونغرس ان ليبيا وعدت بأن تكون «بناءة اكثر» في افريقيا. لكن الولايات المتحدة تبقى قلقة من الدور الذي تلعبه طرابلس في هذه المنطقة. وقال بيرنز امام لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ اول من امس ان الليبيين «وعدونا بلعب دور بناء اكثر في افريقيا لكن ما زلنا قلقين من نشاطاتهم».

واكد بيرنز ان «الاجراءات التي تتخذها ليبيا منذ 19 ديسمبر (كانون الاول) الماضي اساسية وجدية وتتطابق مع التزامها التاريخي بتفكيك برامجها لأسلحة الدمار الشامل والتخلي عن الارهاب»، لكنه اشار الى ان «السياسة الاميركية حيال ليبيا ستحدد حسب الاعمال التي تقوم بها طرابلس وليس على اساس الوعود التي تقطعها». وكان وزير الخارجية الاميركي كولن باول قد حذر في 12 فبراير (شباط) الحالي ليبيا مما سماه نشاطاتها الهادفة الى «زعزعة الاستقرار» في القارة الافريقية، وقال ان ذلك سيعيق تطبيع علاقاتها مع واشنطن.