تننباوم يوافق على الكشف عن قصته مع «حزب الله» في إطار صفقة مع النيابة العامة

TT

بدأ الحنان تننباوم، المعتقل في اسرائيل منذ اطلاق سراحه في اطار صفقة تبادل الاسرى مع «حزب الله»، قبل اكثر من شهر امس يروي قصته، «لاول مرة بصراحة».

وجاء هذا التغيير، بعد ان وقعت صفقة بينه وبين النيابة العامة في اسرائيل، تفتح الباب عمليا امام اطلاق سراحه وحصوله على عفو عام واغلاق ملفه حتى قبل ان يصل الى المحكمة.

وكان تننباوم قد روى للمحققين، حال اطلاق سراحه، انه وصل الى لبنان بطريق الخداع، وذلك عندما اقنعه احد رجالات «حزب الله» الذي يعرفه من قبل (قيس عبيد وهو من فلسطينيي 48)، بأن يصل الى لبنان. ووعده باعطائه معلومات عن الطيار الاسرائيلي الاسير، رون أراد، يستطيع بيعها للحكومة الاسرائيلية بأموال طائلة، فوافق على ذلك، لكنه وجد نفسه في اسر «حزب الله». وقال تننباوم، حتى الآن، انه لم يفش اسرارا عسكرية حساسة الى «حزب الله» او غيره (السوريين والايرانيين).

لكن هذه الرواية لم تقنع المؤسسة الامنية والعسكرية الاسرائيلية. وهناك من يعتقد ان تننباوم لم يخطف ولم يرغم على الوصول الى لبنان. بل سافر من اسرائيل الى بلجيكا ثم الى الامارات العربية ولبنان بارادته الحرة وهو يعرف ان لديه ما يبيعه من معلومات بأموال طائلة، كان وما زال بحاجة ماسة لها، وان الحديث عن خطفه لم يكن سوى تمثيلية نفذها بالاتشراك مع «حزب الله» وانه في الحقيقة افشى بكل ما يعرفه من اسرار، بوصفه قائدا كبيرا لاحدى وحدات المدرعات في الشمال العاملة في مواجهة سورية والمقاومة اللبنانية. ثم اصبح جاسوسا لصالح «حزب الله» وربما لصالح سورية وايران. وامضى السنوات الثلاث الماضية مرفها، وليس داخل اسر كما هو معروف. وانه عاد الى اسرائيل في اطار الصفقة مع «حزب الله»، ليواصل عمله التجسسي، علما بأنه ما زال حتى الآن يحتفظ بدرجته العسكرية ومهماته في جيش الاحتياط ويقبض راتبا عاليا من الجيش.

وفي كل الاحوال، ادى الانشغال في الموضوع الى اضرار جدية معنويا، ان لم يكن عسكريا. ولذلك عمل شارون، والمقربون منه في اجهزة المخابرات ومكتب المستشار القضائي للحكومة، على الاسراع في لفلفة الموضوع. وجاءت الترجمة العملية لهذا الموقف بتوقيع صفقة بين النيابة وتننباوم، هذا مضمونها:

> تننباوم يظل في معتقل مرفه (هو المنتجع الخاص برجال الشرطة على شاطئ البحر شمال تل ابيب)، في ظروف مريحة، حتى انتهاء التحقيق معه ولا ينقل الى معتقل عادي.

> تننباوم يروي قصته الحقيقية مع «حزب الله»، منذ ان تلقى العرض من قيس عبيد، الفلسطيني الاسرائيلي وحتى اطلاق سراحه، وهل بدأ التعاون هناك بينهما؟ وهل اقتصر التعاون على تجارة المخدرات ولعب القمار ام تعدى ذلك الى تجارة السلاح؟

> تننباوم يوضح بالتفصيل ما هي الاقوال التي ادلى بها خلال التحقيق.

> تننباوم يروي كل هذه الامور شفهيا، ثم يبدأ بكتابتها بشكل مفصل.

> محققو المخابرات الاسرائيلية يخضعونه الى جهاز كشف الكذب، فاذا تبين انه صادق، ولم يخالف القانون الى حد التجسس والخيانة، فانه سيفرج عنه ويغلق ملفه وتكتفي الدولة بالفترة التي امضاها في اسر «حزب الله» (وتحسب له عقابا في السجن) وفي المعتقل الحالي. اما اذا تبين انه ارتكب تلك المخالفة الخطيرة، فان الصفقة المذكورة ستلغى، وسينتقل الى معتقل عادي ويقدم الى المحاكمة بالتهمة التي ترسو عليه من خلال التحقيق.

ويقدر المراقبون ان هذه الصفقة جاءت مقدمة لدفن هذه القضية ولفلفتها وانزالها بسرعة عن جدول البحث، خصوصا في اسرائيل وفي العالم العربي. فقد تلاقت المصالح، الشخصية والعامة، لدى اصحاب القرار في الموضوع خصوصا شارون، الذي يعتبر اكبر المتحمسين لاطلاق سراح تننباوم من اسر «حزب الله»، والمخابرات التي تعتبر المتضرر الأساس من النشر حول فشلها.

ولهذا، فان خصوصم شارون السياسيين يعارضون هذه الصفقة. ويعتبرونها عملية خداع للرأي العام في اسرائيل، ويطالبون باستكمال التحقيق بشكل طبيعي حتى تتضح الصورة.

واما رجال القانون، من الباحثين الاكاديميين بشكل خاص، فيعتبرون الصفقة، غير قانونية وغير اخلاقية ومحاولة لتجيير القانون لمصالح خاصة عند شارون وقادة الجيش والمخابرات. ويشكك هؤلاء في نجاعة جهاز الكذب الذي سيعرض عليه تننباوم. ويرون ان النتيجة معروفة سلفا، «فهم يسعون للفلفة الموضوع وطمسه بأي شكل، غير آبهين بالأبعاد القانونين والامنية لذلك».

الى ذلك سلمت اسرائيل امس جثة محمد بيرو التي اخطأتها بجثة عامل اجنبي وحاولت مجموعة من الاكراد الهاربين من العراق والمطرودين من اسرائيل والمرابطين على الحدود الاسرائيلية ـ اللبنانية، منع تنفيذ هذا التبادل.