أصدقاء صدام القدامى لا يحصلون على هبات ولا كوبونات

صيدلي مصري يعرف الرئيس المخلوع منذ عام 1959 ولكن لم يجن منه سوى ساعة يد

TT

على الرغم من أن الوثائق الخاصة بنظام حكم الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين تظهر اهتمامه بدفع ملايين الدولارات كهبات ورشاوى مقنعة إلى عدد من السياسيين والفنانين والإعلاميين العرب على هيئة كوبونات نفط من أجل الحصول على دعمهم في مواجهة أعدائه السابقين, إلا أن أيا من هذه الوثائق لم تظهر اسم صديقه المصري الدكتور لويس نجيب صاحب ومدير صيدلية سميراميس بحي الدقي بالعاصمة المصرية.

فقد كان فر صدام حسين إلى القاهرة عام 1959 بعد تورطه في محاولة اغتيال فاشلة ضد الرئيس العراقي الراحل عبد الكريم قاسم, حيث جمعته الصداقة مع الدكتور لويس الذي تجاور صيدليته المقر القديم لبيت الطلبة العراقيين الذي أقام فيه صدام حسين خلال وجوده في القاهرة. وقال الصيدلي الذي ارتبط بعلاقة حميمة ووثيقة للغاية مع الرئيس العراقي المخلوع خلال السنوات الثلاث التي أمضاها ما بين عامي 1959 و1963 كلاجئ سياسي في القاهرة ابان حكم الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر, انه لم يتلق أي هبات شخصية أو رسمية من الرئيس العراقي الذي التقاه لآخر مرة خلال زيارة سريعة قام بها إلى العاصمة العراقية بغداد عام 1985 بناء على دعوة رسمية من صدام حسين شخصيا وبموافقة السلطات المصرية. وابلغ الدكتور لويس نجيب «الشرق الأوسط» أن موظف الجمارك في مطار بغداد انتابته الدهشة وهو يسأله عن عدد الحقائب التي بحوزته لدى عودته إلى القاهرة قبل أن يجيبه أنها واحدة فقط لا تضم سوى بعض الأغراض الشخصية. وأضاف «لم اذهب هناك للحصول على هدايا كما لم يعرض عليّ صدام حسين نفسه أي هبات مالية أو غيرها لعلمه أن ذلك مرفوض وقد يؤثر على الصداقة المتينة التي جمعتنا في الماضي. ولكن الدكتور لويس ما زال يحتفظ حتى الآن بهدية صديقه وهي ساعة يد تحمل صورة الرئيس العراقي المخلوع, مشيرا إلا أنه يحتفظ بها كذكرى للأيام الخوالي وقد يتوارثها أبناؤه من بعده.

ورفض الدكتور لويس التعليق على وجهة نظره حيال الوثائق التي تؤكد أن صدام حسين قدم ملايين الدولارات من أموال الشعب العراقي لبعض الأشخاص في العالم العربي وخارجه لتبني وجهة نظره السياسية عندما كان في الحكم, معتبرا أن هذا الموضوع خاص بآخرين لا صلة له بهم كما انهم الأقدر على نفي أو تأكيد مدى صحة ما تضمنته هذه الوثائق المثيرة للجدل.

ولا يبدو الدكتور لويس نادما على الصداقة التي ربطته مع الشاب صدام حسين قبل أن يتولى السلطة في العراق على مدى السنوات الثلاثين الماضية, غير انه قال انه يشعر بالندم لعدم تلبيته دعوة رسمية تلقاها من عدي النجل الأكبر للرئيس المخلوع للقائه خلال زيارة قام بها إلى القاهرة نهاية الثمانينات بمناسبة إعادة افتتاح دار الأوبرا المصرية. يتذكر الدكتور لويس هذه الواقعة بالقول: نقل إلي الدكتور سمير نجم سفير العراق في القاهرة آنذاك هذه الدعوة على أن أقوم بزيارة عدي بمقر إقامته الرسمي في القاهرة لكني رفضت الذهاب إليه وطلبت منه في المقابل الحضور إلي في مكان عملي بالصيدلية أو لزيارتي في المنزل إذا أراد.

وغادر عدي القاهرة من دون أن يلتقي صديق والده الحميم, تاركا غصة في حلقه وشعورا بالندم تزايد مع مصرع عدي وأخيه قصي خلال مواجهة دامية مع قوات الاحتلال الأميركية التي تحتل بغداد منذ التاسع من شهر أبريل ( نيسان) الماضي.

وقال الدكتور نجيب لـ«الشرق الأوسط»: حاليا أشعر بالندم لأنني لم أستجب لدعوته ولقائه لكني كنت حريصا أيضا على أن لا يقال إنني أسعى إلى الاستفادة على أي نحو بصداقتي القديمة بوالده.

ويعتقد الدكتور نجيب أن صديقه الذي اعتقلته القوات الأميركية في الثالث عشر من شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي وأظهرته الصور على نحو مغاير تماما لهيئته المعهودة, يمثل مشكلة حقيقة لادارة الرئيس الأميركي جورج بوش حتى وهو قيد الاعتقال.

واعتبر أن العالم كله ينتظر مشاهدة محاكمة صدام كما وعد الأميركيون لإتاحة الفرصة امامه للحديث عن حقيقة ما جرى وطبيعة السياسة الأميركية والغربية ضد نظام حكمه المخلوع.

وأشار إلى أن لديه شكوكاً قوية فيما إذا كانت قوات الاحتلال الأميركية ستوفر للرئيس العراقي محاكمة عادلة ونزيهة وفرصة حقيقة للدفاع عن نفسه..

وسبق للدكتور نجيب أن أعرب لـ «الشرق الوسط» عن اعتقاده بأن صدام حسين تعرض للخيانة اكثر من مرة في الفترة الأخيرة التي سبقت انهيار نظام حكمه, لكنه ينفي بشكل قاطع أن يكون صدام حسين قد عمل لصالح وكالة المخابرات المركزية الأميركية (السي .آي .ايه) التي زعم بعض العاملين السابقين بها انهم تمكنوا من تجنيده خلال تردده على مقر السفارة الأميركية بالقاهرة خلال لجوئه السياسي في مصر.