الناطق باسم هيئة العلماء المسلمين: العراقيون اجتازوا مرحلة المخاوف من فتنة طائفية

محمد بشار الفيضي لـ«الشرق الأوسط»: الثمرة التي تقطف في ظل الاحتلال الأميركي تفتقر إلى الشرعية

TT

اعتبر الناطق باسم هيئة العلماء المسلمين بأن المخاوف من وقوع فتنة طائفية جراء ما وصفه بـ«سياسة هادفة الى تهميش دور السنة» في مراكز القرار السياسي في العراق قد تبددت، مؤكدا انه رغم توفر ظروف مناسبة جدا لوقوع الفتن والاصطدامات الطائفية في السابق، فإن العراقيين اجتازوا تلك الظروف ولن يعودوا اليها في المرحلة القادمة.

وحول موقف الطائفة السنية مما يجري داخل اروقة مجلس الحكم بشأن قانون إدارة الدولة للمرحلة الانتقالية، قال الدكتور محمد بشار الفيضي لـ«الشرق الأوسط»: «ان الأمين العام لهيئة علماء المسلمين الدكتور حارث سليمان الضاري أعلن على لسانه أمس العفو عن قاتل أخيه الشيخ ضامر سليمان الضاري من اجل وحدة العراق وخشية أن يتخذها البعض ذريعة لإشعال الفتن، ولقد أثلج صدورنا بهذه المبادرة، وأكد للجميع ان الوعي الذي يتحلى به ابناء العراق فوق كل الحسابات». واضاف «ان اية وثيقة تكتب في ظل الاحتلال لن تكتسب الثقة والمصداقية، وما فيها من تجاهل لاهل السنة وغيرهم من أطياف الشعب العراقي، فحاله حال الوثيقة نفسها، والأميركيون يفعلون اليوم ما يحلو لهم، وقد يفرضون أشياء كثيرة غير ذلك، لكن لا بد لهذا الامر ان ينتهي، ولا بد للمحتل ان يخرج من بلدنا، وعليه فان اي ثمرة تقطف في ظل الاحتلال هي ثمرة ستفتقر الى الشرعية».

وجدد الفيضي التأكيد على ان هناك «تهميشا واضحا» لأبناء اهل السنة في تقرير مصير بلدهم قائلا «نعم، هناك تجاهل واضح ومتعمد تجاهنا من قبل الأميركيين، وهذا ما نشعر به جيدا، ونتوقع استمراره من قبلهم، وقطعا لهم مصلحة في ذلك، لكن المصلحة شيء والواقع شيء آخر، وفي كل الاحوال نحن لا نخشى من وثيقة تتجاهلنا، هي في الأساس تفتقر الى الشرعية، بقدر ما نخشى من بقاء العراق قلقا، فالعراق بهذه السياسة الخاطئة سيبقى قلقا وفي وضع محرج، وهذه خطيئة يتحملها الاميركيون أنفسهم، وأخشى ان يكون ابقاء العراق بوضع قلق هدفا للاميركيين».

أما عن موقف الهيئة واهل السنة من توسيع مجلس الحكم كما تتطلع الى ذلك بعض القوى العراقية، قال الناطق الرسمي باسم هيئة علماء المسلمين «حتى لو تم توسيع المجلس فلن تشارك فيه فئات كثيرة من أهل السنة، ومن غيرهم، هناك اطياف اخرى غير اهل السنة لها الموقف ذاته، لأنهم يرون بأنه سيكون معينا بدوره من قبل الاميركيين، وستبقى المشكلة، وبالتالي سيفتقد ثقة ابناء الشعب». وأضاف «لقد سئلت من بعض الاخوة الشيعة فيما اذا كنا نرضى بإعطائنا الاكثرية في المجلس القادم وربما رئاسته أيضا، فأجبتهم بانه اذا جاء المجلس بنفس الظروف والملابسات فلن يحظى بثقة اهل السنة حتى لو كانوا فيه أكثرية او كانت الرئاسة لهم، المشكلة ليس في التقسيم الطائفي والعرقي فقط، بل في اصل التشكيل المنبثق من قوات محتلة لا تملك الشرعية في مثل هذه الممارسة، وهذه حقيقة لن يحل تجاهلها المشكلة». وقال الفيضي «في الامس (الخميس الماضي) نشرت صحيفتكم حوارا مع الدكتور محمود عثمان، أحد أعضاء مجلس الحكم، وكان صريحا، هذا الرجل يفرض على الآخرين احترامه بصراحته، الناس ملوا المجاملات واخفاء الحقائق، يريدون ان يعرفوا حقيقة ما يجري وان كان مرا، قال الدكتور عثمان: ان العراقيين الآن يريدون تغييرا ولن يقبلوا الصيغة التي يشعرون أنها فرضت عليهم، وأقول ان توسيع المجلس بنفس الظروف والملابسات سيبقى صيغة مفروضة، وتبقى المشكلة نفسها، أنا لا أعطيك رأيي أو رأي الهيئة فحسب، فهذا رأي الشارع العراقي بمختلف أطيافه، ولا بد من تفهم الواقع، فإن إهماله لن يمنحنا حلا».

وعما اذا كان «التهميش المتعمد» من قبل سلطة التحالف يشكل قنبلة موقوتة قد تنفجر في المستقبل، قال الفيضي «نحن نعلم بأن هناك دوائر خارجية لها مصلحة في وضع العراقيل والعقبات أمام القوى والاطراف العراقية لتحول دون ان تصل سريعا الى حل عادل ومرض، وهذا بالضيط ما يقلقنا، وليس الوجود الاميركي، لأن هذا الوجود سينتهي، في كل الاحوال، والاميركيون سيرحلون اليوم أو غدا، رغم انهم غير صادقين في تصريحاتهم، فاذا كانوا صادقين وحددوا اليوم الذي سيخرجون فيه من العراق فاننا مستعدون لتغيير مواقفنا تجاههم. رغم ذلك فأنا استبعد السقوط في مستنقع الفتنة، فالعراقيون بكل أطيافهم أثبتوا ـ بجدارة اذهلت العالم ـ قدرتهم على التعاطي مع التزاماتهم الوطنية، فبالرغم من تهيئة ظروف مناسبة لوقوع فتنة او حرب طائفية، عند سقوط النظام في بغداد حين ترك الناس بشكل متعمد على ما يبدو ينهبون الاسلحة من مذاخر الجيش، إلا أن العراقيين تجاوزوا هذه الظروف الصعبة، وفي تقديري لن يعودوا اليها مرة اخرى، لأنهم يدركون حجم مسؤولياتهم في هذا الظرف الدقيق، والخطأ الذي سينجم عن السياسة الخاطئة لقوات الاحتلال، لن يعدم حلا ذكيا لدى العراقيين، فضلا عن اننا جميعا أهل بيت واحد، بيننا حسب ونسب، فمن يضر بأخيه فإنما هو بالمحصلة يضر بنفسه».

وأضاف الفيضي «لقد صرح الامين العام لهيئة علماء المسلمين قبل اسبوعين بالقول: لا يهمنا ان يكون رئيس الدولة سنيا أو شيعيا أو عربيا أو كرديا، المهم عندنا ان يكون وطنيا، ينظر الى العراقيين على انهم حالة واحدة، وقبل أيام نقل مثل هذا النص عن سماحة السيد السيستاني، من خلال أحد ممثليه، وحين يكون للمراجع الدينية هذا المستوى المتقدم من الفهم والحكمة، فلن تكون هناك باذن الله قنبلة موقوتة».