الاستخبارات الأميركية تلحظ طموحا للزرقاوي لقيادة التفجيرات والهجمات في العراق وبلدان اخرى

TT

يطمح الاصولي المتطرف الأردني المولد ابو مصعب الزرقاوي الذي أصبح المشتبه فيه في التفجيرات التي وقعت أول من أمس في العراق، الى أن يستأنف في المستقبل دورا قياديا مستقلا في إدارة العمليات الإرهابية في بلدان أخرى، حسبما قال مسؤولون كبار في دوائر الاستخبارات الأميركية.

وحتى الآن اعلن الزرقاوي مسؤوليته عما يقدر بعشرين هجوماً بالقنابل في الأشهر الأخيرة، وكان اسمه على القائمة ضمن المهددين بهجمات جديدة ضد الشيعة العراقيين قبل هجمات اول من امس. لكن مسؤولين أميركيين أصبحوا قلقين أكثر فأكثر حول طموح الزرقاوي خارج العراق أيضا. فبالرغم من أنه قد عمل مع تنظيم «القاعدة» في الماضي فان المسؤولين الأميركيين ويقولون إن عمله أصبح مستقلا عن تنظيم أسامة بن لادن بعدما طوّر تنظيمه الخاص من العناصر المحلية.

ووصف مسؤول استخبارات رفيع طلب عدم الكشف عن اسمه الزرقاوي بانه «مفكر ومنظم جيد»، ينظر الى «العراق كنقطة انطلاق لعمليات انتحارية أوسع في المنطقة».

لذلك جاء إعلان الولايات المتحدة في الشهر الماضي انعكاسا لهذه القناعة حينما ضاعفت المكافأة المعروضة لمن يساعد في القبض عليه أو قتله من 5 ملايين دولار إلى 10 ملايين.

والتركيز على الزرقاوي وشبكته وخططه الطويلة الأمد قد تكثف قبل هجمات اول من امس. وهي تأتي مع إعادة تقييم مسؤولي الاستخبارات لتكتيكاتهم في محاربة الإرهابيين، حيث أصبحوا أكثر اهتماما بظهور تنظيمات إرهابية صغيرة تتمتع باستقلال ذاتي بدرجة كبيرة.

وأخبر جورج تينيت مدير وكالة المخابرات المركزية (سي آي إيه) لجنة الاستخبارات التابعة لمجلس الشيوخ الاميركي في 24 الشهر الماضي بان ضرب قيادة «القاعدة» قد حول التنظيم إلى كيان أكثر تفككا من الناحية التنظيمية في المنطقة حيث أصبح هناك الكثير من الشبكات التي تتابع أهدافا ليست دائمة هي نفسها. وقال تينيت إن هذه المجموعات «هي التي تختار أهدافها وهي التي تقوم بالتخطيط لتنفيذها».

وعلى الرغم من أن «القاعدة» قد تكون مصابة بجرح حاليا فإن محللا استخباراتيا رفيعا يرى ان ضعف «القاعدة» ليس اكثر من الضعف الذي حل بالحركة «الجهادية» في مختلف الانحاء. ويعتبر مسؤولو الاستخبارات الأميركيون ان الزرقاوي هو التهديد الأكثر مباشرة بسبب وجوده في العراق «الذي يستخدمه كمركز تعبئة»، حسبما قال محلل استخبارات كبير. ويسود اعتقاد أن أسامة بن لادن ونائبه أيمن الظواهري في حالة تنقل على الحدود الأفغانية ـ الباكستانية بسبب المطاردة التي يتعرضان لها هناك وهذا ما جعل الزرقاوي «القائد المظلة» لمجاميع المقاومة الاصولية المتطرفة في العراق. وظل الزرقاوي يستخدم مقاتلين أجانب وأعضاء سابقين من حزب البعث، ويزعم أنه نفذ سلسلة من التفجيرات هناك.

وفي بداية يناير (كانون الثاني) الماضي التقى الزرقاوي حسن غول أحد مبعوثي أسامة بن لادن لمناقشة ما إذا كانت «القاعدة» تريد الاشتراك في عمليات أخرى مستقبلا داخل العراق حسبما قال مسؤولو استخبارات رفيعون.

وكانت مهمة غول هي تحديد ما إذا كان التيار قد تحول ضد الجهاديين في العراق أو أن على «القاعدة» أن تشترك في القتال كفرصة لتثبيت دور زعامتها في المنطقة حسبما قال المسؤولون.

واعتقل غول عند الحدود العراقية ـ الايرانية في المنطقة الكردية وكان يحمل معه رسالة متكونة من 17 صفحة تضمنت وجهات نظر الزرقاوي في الوضع داخل العراق لعرضها أمام قادة «القاعدة». وأعطت الرسالة لـ«سي آي ايه» ووكالات الاستخبارات الأخرى فهما أعمق لخطط القائد الإرهابي الأردني للأشهر الثلاثة المقبلة وتنويهات حول خططه الأوسع والأبعد أمدا.

وجاء في رسالة الزرقاوي عبارة «ساعة الصفر» لوصف الهجمات المتمردة في العراق والتي ستزداد كثيرا في نهاية يونيو (حزيران) المقبل حينما تعيد الولايات المتحدة السيادة لحكومة محلية انتقالية ما زال القادة العراقيون ومسؤولو الولايات المتحدة والأمم المتحدة يتدارسون كيفية تشكيلها.

وقال الزرقاوي في رسالته: «آنذاك سنبدأ بالظهور بشكل مكشوف ونبدأ بالسيطرة على الأرض ليلا ثم نبدأ بالتوسع والظهور في النهار». لكن في حالة الفشل فإن «علينا أن نحزم أمتعتنا ونزيل خيامنا للتوجه إلى أرض أخرى حيث يمكننا البدء بالمشوار مرة أخرى».

وفي حديثه الموجه لابن لادن والقادة الآخرين في «القاعدة» قال الزرقاوي: « نحن لا نرى أنفسنا مناسبين لتحديكم» لكن بدلا من ذلك ستكون مجموعته «رأس الرمح والطليعة والجسر الذي عليه تعبر الأمة الإسلامية صوب الانتصار».

وقال الزرقاوي إنه إذا تبنت «القاعدة» أسلوبه في العراق فإنه يقسم بإعلان ولائه لابن لادن «علنا وفي الإعلام». لكن مجموعة بن لادن لم تشارك في القتال حسبما قالت الوثيقة وهذا ما جعل الزرقاوي يقول إن «عدم الاتفاق لن يسيء إلى صداقتنا».

ويقول مسؤولون استخباراتيون إن الزرقاوي يُعتبر خطيرا وهذا يعود جزئيا إلى تاريخه في الأعمال العنيفة لا فقط في العراق.

وسمى الزرقاوي، 37 سنة، الذي تدرب في أفغانستان في فترة الثمانينات، جماعته في الأردن باسم «منظمة التوحيد». وكان هذا قبل عدة سنوات، وحاولت الجماعة عند نهاية القرن الماضي تنفيذ مجموعة من التفجيرات ضد الفنادق. ويسود اعتقاد بأن منظمته كانت وراء اغتيال لورنس فولي المسؤول الأميركي في الوكالة الدولية للتنمية في الاردن عام 2002، وأدين الزرقاوي في الأردن بهذا القتل وصدر حكم غيابي عليه. وجاء ذكر اسمه أولا في أكتوبر 2002 حينما ذكره الرئيس الاميركي جورج بوش كإرهابي يتعاون مع «القاعدة» تلقى علاجا طبيا في بغداد.

كذلك تشير الاستخبارات الأميركية إلى وجود آصرة تجمع الزرقاوي بمنظمة «أنصار الإسلام» الإرهابية التي كانت توجد لها قاعدة في شمال العراق قبل بدء الحرب الأخيرة. وفي الفترة الأخيرة وثق الزرقاوي علاقاته مع أعضاء تنظيم «التوحيد» الاردنيين الذين يحاكمون حاليا في ألمانيا بتهمة التخطيط لهجمات ضد اليهود في هذا البلد.

* خدمة «واشنطن بوست» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»