القذافي: الولايات المتحدة أمة متقدمة لم تكن قط عدوة لنا.. ولن نكون عرفاتيين أكثر من عرفات نفسه

TT

وصف الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي الولايات المتحدة بأنها «امة متقدمة»، وقال إنها لم تكن قط عدوة لبلاده، وكذلك الشأن مع اوروبا. واردف قائلا: «هذه الدول لم تكن عدوة لنا الا من اجل الاخرين»، مشيرا الى انه «ليس هناك عداوة دائمة ولا صداقة دائمة». ودعا القذافي الذي كان يتحدث اول من امس خلال الدورة السنوية لمؤتمر الشعب العام (البرلمان الليبي) في مدينة سرت (جنوب ليبيا) بحضور وفد اميركي، الليبيين الى التعاون مع الولايات المتحدة. واكد القذافي ان بلاده «لم يعزلها العالم ولكنها عزلت وعاقبت نفسها من اجل الاخرين بمعاداتها لقوى الاستعمار»، موضحا ان «الاخرين الذين ساعدتهم ليبيا تجاوزوها، ورتبوا امورهم مع الذين قاطعتهم ليبيا».

وتساءل القذافي «لماذا عادينا اميركا؟ اليس من اجل الفلسطينيين وابو عمار؟». واضاف ان «ابو عمار يدخل الى البيت الابيض. فلماذا العداوة مستمرة بيننا وبين الاميركان؟ لن نكون عرفاتيين اكثر من عرفات نفسه».

واوضح القذافي «لقد قاطعنا الدول التي تعترف باسرائيل ولكن ها هو رئيس الوزراء الفلسطيني، ورئيس الوزراء الاسرائيلي يسكران مع بعضهما ويتبادلان الانخاب وبطلبون منا الاعتراف بدولة اسرائيل، وان نعترف بان حدود فلسطين هي 42% من الضفة الغربية».

وجدد الزعيم الليبي دعوته لاقامة دولة مشتركة بين اسرائيل وفلسطين تحت اسم «اسراطين»، مضيفا «ليأت عرفات او ارييل شارون لحكمها سيان لدينا».

ودعا القذافي الولايات المتحدة والصين وكل دول العالم الى التخلص من اسلحة الدمار الشامل. وقال «اي دولة مشكوك في امتلاكها مثل هذه الاسلحة يجب محاصرتها والتفتيش عليها».

واشار الى ان بلاده «راجعت اوضاعها بعد ان ظلمت نفسها بمقاطعتها لدول العالم من اجل قضايا التحرر في العالم»، مشيرا الى ان ليبيا «دفعت الثمن غاليا من اجل قول الحق والوقوف في وجه الظلم».

وقال القذافي ايضا ان «اعمالا كثيرة نسبت الى ليبيا وهي لم تقم بها وكذلك تفجيرات لم تقم بها ولكن لا يستطيع احد ان ينسب اليها مثل ذلك الان بعد وقوف كل العالم معها عقب الاجراءات الاخيرة التي اتخذتها بمحض ارادتها».

وقال القذافي ان حضور وفود برلمانية ورسمية من كافة قارات العالم، بما فيها وفد من الكونغرس الأميركي لأول مرة منذ قيام الثورة الليبية عام 1969، اجتماع مؤتمر الشعب العام، خاصة من دول كانت تحارب وتقاتل ليبيا، يبعث على السعادة في نفوس الليبيين، الا انه يؤكد ان تغييرا حقيقيا قد حصل.

وقال القذافي «ان الذين كانوا يحاربوننا بالأمس جاءوا اليوم يصافحوننا ويبدون الاستعداد لصداقتنا». وأعرب القذافي عن أسفه لكون العالم لا يزال يتعامل بقوالب قديمة لا تستطيع ان تستوعب عصر الجماهير، واصفا انظمة الحكم التقليدية بـ«الوثنية السياسية»، مثل وثنية الأصنام التي كانت الوسيط بين الانسان وبين الله، وقال ان الأديان جاءت لتسقطها وتنهيها. وأضاف ان البشرية تطورت الا ان العالم لا يزال يعيش أزمة بسبب التمسك بالنظريات والقوالب القديمة، وقال ان عصر النيابة عن الشعوب وعصر الحكومة قد انتهى، ويجب ان توضع في متاحف التاريخ مثل الديناصورات التي انقرضت.

ولفت القذافي الانتباه الى ان الفقير لا يستطيع ان يكون رئيسا، ولا عضوا في البرلمان، ولا ان يصدر صحيفة يعبر فيها عن رأيه، ولا ان يملك اذاعة أو تلفزيونا لإسماع كلمته، فهو متروك له الشارع يتظاهر فيه حتى يجهد ومن ثم يعود الى بيته أو الى ناصية احدى الطرق غير مسموع الكلمة وغير مأسوف عليه.

ووجه القذافي انتقادات غير مباشرة الى الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين بتأكيده على ان القيادة المخلصة هي التي لا تدخل شعبها في مجازفات تؤدي به الى الكارثة، موضحا ان ليبيا قررت بارادتها ومن دون طلب من أحد إلغاء برامج أسلحة الدمار الشامل، وطلبت من الوكالة الدولية للطاقة الذرية مساعدتها على ذلك، واستحقت بذلك احترام العالم الذي جاء يمد يده طالبا صداقتها، على حد تعبيره.

وشدد على ان أمن ليبيا يتحقق ليس بالقنبلة الذرية، مشيرا الى ان القنبلة الذرية تشكل خطرا على صاحبها. ولكن الضمان هو دعم وتأييد الشعوب وموقف المجتمع الدولي من ليبيا، الذي يعتبرها الآن قدوة، ويطلب من الآخرين ان يحذوا حذوها.

ومن ناحيته، قال النائب الاميركي كورت ولدن (جمهوري) في كلمة امام البرلمان الليبي ان «اميركا ستفتح فصلا جديدا في العلاقات مع ليبيا بعد الخطوة التي اتخذها القذافي» والتي وصفها «بالشجاعة والجريئة».

واضاف ان «الشركات الاميركية بدأت التفاوض مع ليبيا من اجل عودتها للعمل في الاسواق الليبية»، داعيا الى «استمرار التعاون بشفافية حول المواضيع الاكثر صعوبة».

وكان ولدن وصل الاثنين الى طرابلس على رأس وفد برلماني اميركي يتكون من سبعة اعضاء في زيارة تتركز على العلاقات الثنائية بين الولايات المتحدة وليبيا.

واشار ولدن الى ان «العلاقات بين البلدين قد تستأنف قبل نهاية هذا العام».