وزراء الخارجية العرب يتبنون «وثيقة مشتركة» بنقاط الاتفاق حول الإصلاحات تعرض على قمة تونس

الأردن يطرح مبادرة للإصلاح واستبعاد الأفكار المثيرة للجدل مثل البرلمان العربي ومجلس الأمن ومحكمة العدل

TT

أعد وزراء خارجية الدول العربية المجتمعون في القاهرة لمناقشة اصلاحات هيكلية على مؤسسات جامعة الدول العربية، «وثيقة مشتركة» لم ينشر مضمونها سيعرضونها في قمة تونس في 29 و30 من الشهر الحالي.

وبحسب مصادر دبلوماسية عربية، فان «هذه الوثيقة المشتركة» التي اعدت مساء اول من امس تشكل كشفا يتضمن الحد الادنى من نقاط الاتفاق التي تم التوصل اليها خلال يومين من المباحثات الشاقة. وبحسب المصادر، فان الوثيقة استبعدت الاصلاحات الاكثر اثارة للجدل مثل انشاء برلمان ومجلس امن ومجلس ثقافي ومحكمة عدل ومصرف للاستثمار. وستتشكل لجان لمتابعة دراسة هذه الاصلاحات التي قد تعرض عام 2005 على قمة الجزائر، وفقا لهذه المصادر.

الا ان الوزراء اتفقوا على عرض اصلاح لحق التصويت بهدف الحد من الاجماع المطلوب والذي اعتبر انه «يشل» عمل الجامعة. من جهة اخرى، توصي «الوثيقة المشتركة» جامعة الدول العربية، وللمرة الاولى، باعتماد «عقوبات» تدريجية ضد اعضائها الذين لا يطبقون قراراتها المشتركة، وبتعزيز دور المجلس الاقتصادي والاجتماعي الذي سيكلف تمهيد الطريق امام قيام سوق عربية مشتركة بحلول عام 2020. لكن رفض نشر مضمون هذه «الوثيقة المشتركة» أثار غضب الصحافيين الذين انتظروا حتى وقت متأخر من مساء اول من امس نتائج الاجتماع المفتوح منذ صباح الاثنين. ونددوا بغياب الشفافية لدى المسؤولين في الجامعة، بينما اكتفى وزير الخارجية المصري احمد ماهر، بتوضيح وحيد عندما قال ان ما يجري بحثه هو وثيقة ستقدم الى القادة والرؤساء والملوك العرب في قمة تونس المقبلة.

وسعى الوزراء طيلة النهار لتذليل خلافاتهم حول محتوى الوثيقة ووتيرة اصلاحات مؤسسات الجامعة العربية. وعلى الرغم من ان احمد ماهر وعمرو موسى الأمين العام للجامعة العربية حرصا خلال المؤتمر الصحافي المشترك الذي عقداه مساء أول من أمس على تأكيد عدم وجود خلافات أو تحفظات على مشروع الوثيقة السرية، الا ان عبد العزيز بلخادم وزير الخارجية الجزائري استبق هذا التأكيد بكشفه النقاب عن وجود خلافات عربية حول بعض القضايا الخاصة بتطوير منظومة العمل العربي وخاصة انشاء مصرف عربي للاستثمار ومحكمة العدل العربية ومجلس الأمن العربي.

واختتم وزراء الخارجية العرب اجتماعهم الاستثنائي لبحث تطوير منظومة العمل العربي المشترك بعقد جلسة مغلقة صباح أمس اقتصرت على رؤساء وأعضاء الوفود وعمرو موسى الأمين العام للجامعة العربية، وذلك قبيل بدء أعمال الدورة العادية الحادية والعشرين بعد المائة لمجلسهم للتحضير للقمة العربية المقرر عقدها في تونس قبيل نهاية الشهر الحالي.

وقالت مصادر عربية ان الوزراء راجعوا في هذه الجلسة المغلقة، الصيغة النهائية لوثيقة تطوير الجامعة العربية وتطوير منظومة العمل العربي المشترك التي سترفع للقمة العربية المقبلة في تونس نهاية الشهر الحالي، مشيرة الى ان الوزراء قرروا عقد هذه الجلسة الخامسة لهم بعد يومين من المناقشات وذلك لبلورة الوثيقة الختامية حول تطوير الجامعة ومراجعة التقرير الختامي الذي يرفع للقادة والذي يتضمن أهم الآليات التي تم الاتفاق على تنفيذها.

وكشفت النقاب عن ان التقرير يتضمن القرارات والقضايا التي تتعلق بالتكامل الاقتصادي وكذلك الآليات التي عليها ملاحظات من عدد من الدول والتي تحتاج لمزيد من الدراسة ولن تعرض على قمة تونس، وهي حول مجلس الأمن العربي ومحكمة العدل العربية ومصرف الاستثمار العربي والمجلس الأعلى للثقافة والبرلمان العربي، حيث ستدرس بشكل معمق على ان تعرض مرة أخرى على قمة الجزائر العام المقبل. وبدأت ظهر أمس أعمال الدورة العادية لوزراء الخارجية برئاسة وزيرخارجية المغرب محمد بن عيسى خلفا لنظيره المصري احمد ماهر الرئيس السابق للدورة. ويشارك في أعمال الدورة التي من المقرر ان تنتهي اليوم عشرون من وزراء الخارجية العرب ووزير اعلام الكويت وممثل لوزير خارجية ليبيا والأمين العام لجامعة الدول العربية. الى ذلك قال مصدر مسؤول في الجامعة العربية ان الأردن تقدم بمشروع قرار الى وزراء الخارجية العرب أمس حول الاصلاح في العالم العربي يماثل في مضمونه المبادرة المصرية التي قدمت قبل يومين للاصلاح.

وأكد المشروع الأردني على ضرورة الالتزام الدولي بحل الصراع العربي ـ الاسرائيلي وفق قرارات الشرعية الدولية والمبادرة العربية للسلام وقرارات القمم المتتالية لتحقيق الاصلاح الشامل المنشود. كما أكد على السعي بخطى ثابتة نحو ارساء المشاركة الفاعلة في نماء الحضارة الانسانية واطلاق الكامن لدى أفراد الأمة العربية من مقدرات ومواهب وابداع فكري وإرث حضاري حافل بالمنجزات. وشدد على ضرورة الاستمرار في عملية التحديث السياسي والاقتصادي والاجتماعي وفق المعايير المتوافقة وخصوصيات كل دولة، مؤكدة على ان تكون البرامج الخاصة بالاصلاح نابعة من الداخل وفق حاجة الشعوب وقناعاتها وان الخطط يجب ان تتم وفق جرعات مناسبة يتحملها المجتمع لضمان أوسع مشاركة شعبية.

ويناقش وزراء الخارجية مجموعة من الملفات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والمالية والقانونية، والتأكيد على تفعيل واحياء مبادرة السلام العربية التي أقرتها قمة بيروت 2002 وطرحها دوليا وعرضها على مجلس الأمن ليتبناها ويصدرها في شكل قرار. كما يناقش الوزراء بندا حول الأفكار المتداولة والمطروحة حاليا بشأن مستقبل الشرق الأوسط، كما يبحث المجلس الوزاري العربي مشروع قرار خاص بتطورات الأوضاع في العراق ومكافحة الارهاب الدولي.

من جهته ارجع الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى، سبب عقد اجتماعين استثنائيين وعادي في اسبوع واحد إلى الظروف الخطيرة التي تمر بها المنطقة. وقال ان هذا يتطلب اصلاح منظومة العمل العربي المشترك. وأضاف انه سوف يعرض على القمة تقريراً مهماً ومصطلحات واضحة حتى تنطلق عملية الاصلاح على أسس واضحة.

إلى ذلك أعلن وزير الخارجية المصري أحمد ماهر قبل بداية تسلم المغرب لرئاسة الدورة 121، انه تم التوصل لنتائج محددة في الاجتماع الاستثنائي وان وزراء الخارجية العرب انجزوا ما كلفوا به. وقال «لقد كان الاجتماع تاريخياً استطعنا فيه ان نضع أسساً نرفعها لرؤسائنا ولزعمائنا». وقال «استطعنا ان نتفق بالاجماع لتفعيل العمل العربي المشترك». وأفاد أحمد ماهر ان ما تحقق من خطوات يجب ان تتلوها خطوات أخرى لمواجهة التحديات والتعامل معها. وأشار مصدر عربي كبير لـ«الشرق الأوسط» ان ورقة التطوير تقرها قمة تونس، لكن التنفيذ يبدأ مع قمة الجزائر عام 2005 لأن المادة 19 في الميثاق الخاصة بالتعديل تشير الى أن أي تعديل للميثاق لا بد ان يقدم قبل عام حتى يتم اعتماده. ومن المقرر ان تختتم الدورة 121 أعمالها اليوم بالموافقة على قرارات اتخذت بشأن 19 بنداً حول الشرق الأوسط والسلام والعراق ونزع أسلحة الدمار الشامل وتوقيع انشاء المنتدى العربي ـ الصيني.