مجموعة مجهولة تطلب 5 ملايين دولار من السلطات الفرنسية وتهدد بتفجير قطارات

TT

تعيش فرنسا منذ أواسط الشهر الماضي مسلسلا إرهابيا ـ بوليسيا جديرا بفيلم العميل البريطاني الشهير جيمس بوند «007». فمن منظمة مجهولة الهوية تكتفي بالتعريف عن نفسها بحروف ثلاثة هي «اي. زد. اف» الى ست رسائل تهديد وجهتها منذ 11 ديسمبر (كانون الأول) الماضي الى رئاسة الجمهورية ووزارة الداخلية، الى طلب فدية تصاعدت قيمتها من أربعة ملايين يورو أصلا الى أربعة ملايين دولار ومليون يورو، في الرسالة المؤرخة في العشرين من فبراير (شباط)، ثم الى اكتشاف قنبلة مزودة بجهاز توقيت جاهز للتشغيل موضوعة على خط للسكك الحديدية، قرب مدينة ليموج، في وسط فرنسا، للدلالة على صدقية هذه المجموعة.

وأمس، أعلن نيكولا سركوزي، وزير الداخلية أن الحكومة الفرنسية «لا تعرف شيئا» عن هذه المجموعة لكنها «تأخذ تهديداتها على محمل الجد»، مطالبا الصحافة بترك الأجهزة الأمنية تعمل بهدوء «لغرض المحافظة على أمن الفرنسيين». واصدرت الداخلية بيانا أكدت فيه صحة التهديدات «الإرهابية» ومطالبة مجموعة إرهابية بمبلغ مالي كبير مقابل تفكيك القنابل التي تدعي المجموعة زرعها. وكان مقدرا لهذه القصة أن تبقى بعيدا عن الأضواء، وفق ما طلبته وزارة الداخلية الفرنسية من خلال تعميم يندر اللجوء إليه في الأحوال العادية وتم توجيهه الى المؤسسات الصحافية، لولا أن خرقت صحيفة «لا ديباش دو ميدي» الصادرة في جنوب فرنسا الأمر الوزاري وكشفت عن المسلسل في عددها أمس، الأمر الذي أجبر وزارتي الداخلية والعدل وكذلك إدارة السكك الحديدية على الخروج عن صمتها والكشف عن تفاصيل المسألة.

من هذه التفاصيل أن هذه المجموعة التي لم تصل بعد أجهزة الأمن الى سبر غورها تؤكد أنها زرعت عشر قنابل، من طراز القنبلة التي أرشدت رجال الأمن إليها، في مواضع مختلفة من شبكة السكك الحديدية الفرنسية ومنها على الجسور التي تمر فوقها القطارات. وكان يفترض بإحدى هذه القنابل ان تنفجر في 18 فبراير الماضي لكنها لحسن الحظ لم تنفجر. وتجد الأجهزة الأمنية نفسها ملزمة لاخذ الامر محمل الجد لان هذه المجموعة تحمل اسم مصنع كيماوي تملكه شركة توتال النفطية في مدينة تولوز (جنوب).

وترى الأجهزة الأمنية أن كشف المجموعة عن قنبلة قرب «ليموج» على الخط الواصل بين باريس وتولوز طوعا كان غرضه دعوتها الى أخذها على محمل الجد خصوصا أن القنبلة المكتشفة كانت مصنوعة من مزيج من النيترات والفيول. وعمدت الأجهزة الأمنية لاحقا الى تفجيرها لتختبر مدى قوتها. وبحسب مصادرها، فإن الانفجار أدى إلى اقتلاع قطعة من الخط الحديدي بطول 35 مترا مما يدل على حجم الخسائر المنتظرة إذا ما انفجرت إحدى القنابل تحت قطار مليء بالركاب.

وتفيد المعلومات المتوافرة أن السلطات الفرنسية نزلت عند مطالب المجموعة التي يستبعد انتماؤها الى التيارات الاصولية المتطرفة. وعمدت بداية، نزولا عند طلب المجموعة الى نشر «إعلان مبوب» في صحيفة «ليبراسيون» أعقب ذلك الانتقال من الاتصالات عبر الرسائل الى الاتصال الهاتفي. ولمرتين، حددت المجموعة موعدين لدفع الفدية آخرهما بداية هذا الشهر. وطلبت امرأة من الأجهزة الأمنية نقل الفدية ليلا بطائرة هليكوبتر الى منطقة قريبة من مدينة مونتارجيس، الواقعة في منطقة لواريه، على أن تستهدي بعد ذلك الى مكان التسليم من خلال مؤشر تجده ميدانيا. لكن العملية فشلت كما فشلت عملية سابقة مماثلة انطلاقا من برج مونبارناس في باريس. وأمس، أخرج وزير الداخلية هذه القضية الى العلن. وعلم أن الادعاء العام في باريس، الذي أعلم بها من قبل الحكومة، أمر بفتح تحقيق قضائي عهد به الى قاضيي التحقيق المتخصصين في المسائل الإرهابية وهما جان لوي بروغيير وفيليب كوار.