سكان «بدو» لا يعولون على المحكمة العليا الإسرائيلية لإنقاذ حقول زيتونهم من مسار الجدار الفاصل

TT

بدو (الضفة الغربية) ـ أ.ف.ب: كان عبد احمد سعادة، 70 عاما، يتكئ على عصاه يعتصر قلبه الأسى والهم، يشير الى ارضه المزروعة بالزيتون في قرية بدو شما غرب مدينة القدس المحتلة، حيث تنوي اسرائيل بناء الجدار الفاصل، مشككا في ان المحكمة العليا الاسرائيلية التي ستعقد بعد غد ستوقف بناء الجدار.

وقال سعادة وقلبه ينفطر وهو ينظر الى ارضه «انها مزروعة بالزيتون وسيجوها ومنعوني من الدخول اليها، ان يدي تلونتا بلون الارض، فانا ازرع قسما بالخضر والقسم الثاني باشجار الزيتون، لن تحكم محكمة العدل الاسرائيلية لمصلحتنا».

وتقرر تعليق بناء الجدار في شمال غربي القدس بأمر احترازي مؤقت من محكمة العدل العليا لتتمكن من النظر في شكوى رفعها سكان ثماني قرى فلسطينية في الضفة الغربية ضد بناء الجدار على اراضيهم.

ورفع ثلاثون اسرائيلياً من سكان بلدة ميفاسيريت تسيون المجاورة ايضا دعوى ضد بناء الجدار في هذه المنطقة بدعوى ان بناءه «سيسبب توترا يعرض أمن الاسرائيليين للخطر في المنطقة». وستعاود المحكمة البت في قضية الجدار بعد غد. وتابع سعادة: «لقد صادروا قبل ذلك ثلاثة الاف من دونم من ارضنا، ولم تقم محكمة العدل العليا بإنصافنا وبنيت المستوطنات على اراضينا فما الجديد الذي سيطرأ على المحكمة لتغيير سياستها».

واعلن الجنرال في الاحتياط عوزي دايان الذي يرأس «اللجنة العامة للجدار الأمني» يوم الاثنين الماضي ان «الحكومة مسؤولة عن التأخير في بناء الجدار وليست المحكمة العليا التي لا يتعلق قرارها باكثر من واحد في المائة من الجدار». اما جواهر اياد سمارة، 21 عاما، فقالت لوكالة الصحافة الفرنسية «نحن نأمل في ان توقف محكمة العدل الاسرائيلية بناء الجدار نهائيا، نحن لا نريد مجازر. بلدتنا هادئة ولكن اهل البلدة سيدافعون عن ارضهم». واضافت جواهر «لقد صادروا لنا خمسة من دونمات للجدار وقبل ذلك صادروا لنا 25 دونما لبناء مستوطنة رادار، يحدونا الأمل في ان تساندنا المحكمة العليا لان اسرائيليين قاموا برفع دعوى قضائية لمساندتنا ولعل في ذلك عونا لنا».

وقال ابو احمد، 50 عاما، «طبعا سيوقف الاسرائيليون بناء الجدار في بلدنا، فنحن لا نعول على محكمة العدل العليا بل على انفسنا، اذا رفضت المحكمة الاسرائيلية طلبنا، فسندافع عن ارضنا باجسادنا».

ويتحدث اهل بدو باعتزاز بان قريتهم كانت اول قرية يسقط فيها «شهداء» بسبب الجدار. وكان ثلاثة فلسطينين قتلوا واصيب 27 اخرون يوم الخميس الماضي برصاص الجنود الاسرائيليين خلال مظاهرة ضد الجدار الفاصل في قرية بدو، وهو اول حادث من نوعه منذ ان بدأت اسرائيل بناء الجدار.

وقال عبد الحميد بدوان ويعمل مدرسا ان المحكمة الاسرائيلية لن تغير شيئا من قرار بناء الجدار او مساره، لدينا تجارب مريرة مع المحاكم الاسرائيلية ودوما كنا نخسر اراضينا، ثمة مخطط موجود منذ عام 1970 لضم اراضينا ونحن على اطلاع عليه، بحجة انها اراض حدودية». وقرى شمال غربي القدس وهي بيت سوريك وقطنة والقبيبة وبيت دقو وبيت اجزا وبيت اكسا وبيت لقيا والجيب، كان الجيش الاسرائيلي سلم اهاليها في مطلع العام الجاري اوامر مصادرة لما يربو عن 7000 دونم من اراضيهم وقام بوضع العلامات لبناء الجدار.

وهذه القرى كانت عام 1967 تابعة اداريا لمنطقة القدس اعتبرتها اسرائيل اراضي ضفة غربية، وتعتبرها السلطة الفلسطينية تابعة لمحافظة القدس الفلسطينية لقربها الشديد من المدينة. يشار الى ان هذه القرى ستحاصر بجدارين فاصلين; احدهما يفصلها عن القدس والاخر عن مدينة رام الله، الامر الذي يجعلها جزرا متباعدة بين المدينتين.

وذكرت اذاعة الجيش الاسرائيلي ان هذا القسم الجديد من الجدار يبلغ طوله 42 كيلومترا وهو الجزء الاول من 96 كيلومترا مقررة تمتد بين مستوطنة الكانا ومعسكر الاعتقال في عوفر، القرية المجاورة لبيت سوريك بشمال الضفة. وتعتزم وزارة الدفاع الاسرائيلية انجاز 200 كيلومتر اضافي هذه السنة لتضاف الى حوالي 180 كيلومترا تم بناؤها. ومن المفترض ان يبلغ الطول الاجمالي لهذا الجدار بحسب القرارات الحالية للحكومة الاسرائيلية 730 كلم بعد الانتهاء من اشغال بنائه.