تواصلت ردود الفعل على اكتشاف العلاقة العائلية والتجارية بين رئيس الوزراء الاسرائيلي، ارييل شارون، والاسير الاسرائيلي المفرج عنه من سجن حزب الله، الحنان تننباوم، وتصاعدت بشكل بات يقلق شارون ويعرقل نشاطه ويهز كرسي الحكم من تحته. واتضح في استطلاع رأي نشرته صحيفة «معاريف»، امس، ان 47% من الجمهور الاسرائيلي لا يصدق شارون عندما ينكر معرفته للعلاقة العائلية مع تننباوم. وقال 42% انهم يؤيدون استقالة شارون من الحكم بسبب هذه الفضيحة.
ويؤكد المقربون من شارون انه يعيش، هذه الايام، اصعب مراحل حياته، وهو يشعر بضغط شديد عليه من كل الاتجاهات. ويشكو من ان رفاقه في قيادة الليكود الحاكم لا يخرجون للدفاع عنه وصد الهجمات المعادية، باستثناء واحد، هو القائم باعمال رئيس الحكومة وزير التجارة والصناعة، ايهود اولمرت. فقد كتب اولمرت مقالاً في صحيفة «معاريف»، التي نشرت عن هذه الفضيحة اولا، فهاجمها وقال انها تعدت الخطوط الحمراء. لكن مقال اولمرت ساهم في كشف حالة شارون، اذ كتب يقول ان «هناك حدا واضحا لمدى قدرة تحمل الشخصية السياسية الانتقادات والهجمات في النظام الديمقراطي. وفي اسرائيل اصبحت تلك الهجمات فوق قدرة اكبر الجبابرة على التحمل».
يذكر ان القصة موضوع الانتقاد تتعلق بالكشف عن علاقة تجارية وعائلية مميزة بين اسرة شارون وهو شخصيا، من جهة، وبين الحنان تننباوم وزوجته ووالدها من جهة اخرى. فقد تبين ان والد زوجة تننباوم وزوجته نفسها كانا شريكين مع شارون وولديه وزوجته في شركة لتسويق المنتوجات الزراعية الصادرة عن مزرعة آل شارون. وهذه الشركة ما زالت قائمة حتى اليوم. وزوجة تننباوم التقت عدة مرات مع شارون، منذ ان خطف زوجها الى لبنان ووقع في اسر حزب الله.
ويربط المراقبون بين هذه العلاقة العائلية وبين الجهود الخاصة الخارقة التي قام بها شارون من اجل اطلاق سراح تننباوم، فعقد صفقة تبادل الاسرى مع حزب الله ودافع عنها في وجه المعارضين بقوة. وحسب رجال القانون الاسرائيليين، فان من واجب شارون كان ان يعلن لوزرائه او على الاقل لرؤساء المخابرات العامة والمستشار القضائي للحكومة، ان هناك علاقة عائلية بين عائلته وعائلة تننباوم. لكن المشكلة ان شارون ليس فقط لم يبلغ احدا عن هذه العلاقة، بل عندما كشف امر العلاقة انكر وما زال ينكر انه يعرف بوجودها.
وخرجت جميع وسائل الاعلام الاسرائيلية، امس، بمقالات وتصريحات سياسية تجمع على ان شارون يكذب. وتسخر من سهولة استلاله هذا السلاح «لا أعرف» و«لا اذكر».
وانضمت، أمس، الى الحملة ضد شارون عائلة الطيار الاسير رون اراد، المفقود منذ سقوط طائرته في لبنان ووقوعه في الأسر حياً قبل حوالي عشرين سنة. فقالوا انهم الآن يدركون لماذا اسرع ولم يفعل شيئاً لاطلاق شارون في اطلاق سراح تننباوم سراح ابنهم ـ «فيبدو ان مشكلتنا كبيرة لاننا لا نقيم علاقات صداقة مع عائلة شارون او علاقات تجارة». وتفوهت بكلمات مماثلة والدة الجندي جاي حفير، الذي اختفت آثاره قبل حوالي 8 سنوات في هضبة الجولان السورية المحتلة، ولم يعرف عنه شيء حتى اليوم.
وجدير بالذكر ان الكشف الذي اجراه محققو المخابرات الاسرائيلية مع الاسير المحرر تننباوم على جهاز كشف الكذب قد انتهى. ودلت النتيجة على انه صادق في معظم اقواله، خصوصا ادعاءه بانه خطف من دبي الى لبنان وبانه ليس جاسوسا لحزب الله. لكن المحققين يشككون في هذه النتيجة، ويزعمون بان تننباوم كما يبدو قد تدرب لدى حزب الله كيف يتغلب على جهاز كشف الكذب او ان تكوينه النفسي هو من فصيلة البشر الذين لا يؤثر فيهم هذا الجهاز وقرروا ان يمددوا اعتقاله 10 ايام اخرى الى يوم الاحد المقبل، من اجل استمرار التحقيق معه وهذه المرة سيضعونه في مواجهة شهود عيان يزعمون بانه عندما غادر البلاد كان يعلم بانه سيصل الى لبنان وبأنه سيعقد صفقة مخدرات مع جهات تابعة لحزب الله. ومن بين الشهود المقررين سيكون عدد من افراد عائلة عبيد في مدينة الطيبة (فلسطينيي 48)، التي هرب ابنها قيس عبيد الى لبنان، بعد ان تورط في ديون بسبب لعب القمار، والمخدرات، وانضم الى حزب الله وصار يعمل على تجنيد وكلاء له من المواطنين الاسرائيليين.