أميركا: هكذا انتزع سناتور ماساشوستس فوزه المبكر

TT

توج جون كيري خطه الحاسم في انتصارات «الثلاثاء الكبير» بتفوقه على جون ادواردز وسط سائر شرائح الناخبين تقريبا في الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي في كاليفورنيا، وفقا لما كشف عنه استطلاع للرأي اجرته «لوس انجليس تايمز».

وأظهر كيري نقاط القوة نفسها في انتصاره البارز في كاليفورنيا الذي عزز انتصاراته في المنافسات الرئيسية الأخرى، وهو اكتساح افتراضي ابعد ادواردز عن المنافسة الرئاسية. وفي كاليفورنيا، كما في معظم المنافسات خلال الأسابيع الستة الماضية، اعتمد نجاح كيري على خطابه السياسي الى الديمقراطيين، خصوصا ناخبي الأقليات، وقدرته على كسب الدعم في الاتجاهات الطبقية والآيديولوجية والمساواة بين الجنسين، وتقدمه الهائل بين الناخبين الذين تعتبر قضيتهم الرئيسية هي دعم المرشح الأقوى ضد الرئيس بوش.

وكانت الموجة التي دفعت كيري الى أمام في كاليفورنيا عالية الى الحد الذي جعله يلحق هزيمة بادواردز بين جماعات كان سناتور نورث كارولينا قد اجتذبهم في أماكن أخرى، مثل المعتدلين والمستقلين وأولئك الذين يركزون على الاقتصاد، كما أظهر استطلاع الصحيفة.

غير أنه حتى في كاليفورنيا، لم يتفوق كيري مع المستقلين ـ الذين كانوا مؤهلين للتصويت في الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي ـ كما فعل مع أعضاء الحزب. وكان هذا الاتجاه أكثر وضوحا في تصويت الثلاثاء في أوهايو وجورجيا، وفقا لاستطلاعات الرأي التي قامت بها مؤسسة اديسون ميديا ـ ميتوفسكي انترناشينال. وفي ذلك الاطار أكدت النتائج قدرة كيري على تعبئة الديمقراطيين والتحدي الذي قد يواجهه مع المستقلين عندما يتحول تركيز الحملة الى المعركة ضد بوش.

وفضلا عن ايراده تفاصيل الحجم الكبير لانتصار كيري، فإن استطلاع كاليفورنيا ربما كان أكثر تأثيرا في توثيق الاجماع الليبرالي على القضايا الاجتماعية في أوساط أولئك الذين صوتوا في المنافسة بين الديمقراطيين. فقد مال جمهور الناخبين الديمقراطيين في كاليفورنيا، مثلا، نحو اليسار في قضايا أخرى. ولم يقل سوى خمس الناخبين انهم يعتقدون أن الحرب على العراق مبررة.

وقالت أغلبية المستطلعين انهم يفضلون الاصلاحات التي تسهل تحول المهاجرين غير الشرعيين الى مواطنين أميركيين. وقال كثيرون انهم يريدون الغاء خفض الضرائب الذي قام به بوش، كما قال كثيرون أيضا انهم يريدون ابطال هذا الخفض بالنسبة للأغنياء فقط، وهو الموقف الذي يدعمه كيري.

وربما كانت أطيب الأنباء بالنسبة لكيري في استطلاع الثلاثاء هو الدليل المتواصل على دعمه من جانب كل أطياف الحزب الديمقراطي تقريبا. فقد أظهرت الاستطلاعات أنه يتجاوز الهوامش بين الديمقراطيين المسجلين في كل الانتخابات الرئيسية الأربعة التي اجريت يوم الثلاثاء: كاليفورنيا، نيويورك، أوهايو، وجورجيا.

ففي كاليفورنيا ألحق كيري هزيمة بادواردز بما يزيد على ثلاثة مقابل واحد بين الليبراليين، وما يزيد على اثنين مقابل واحد بين المعتدلين، بل وحتى الحاق هزيمة ماحقة به بين الناخبين التمهيديين الذين يصفون أنفسهم بالمحافظين، كما كشف استطلاع «لوس انجليس تايمز». فقد تفوق كيري على ادواردز بما يقرب من 40 في المائة من النقاط بين الرجال والنساء، والناخبين الحاصلين على التعليم الجامعي او غير الحاصلين عليه.

وفاز كيري بنسبة تقرب من ثلاثة الى واحد بين البيض، وما يزيد على ثلاثة الى واحد بين اللاتينيين، وستة الى واحد بين الأميركيين الأفارقة، الذين أعطوا ما يقرب من سدس أصواتهم الى القس آل شاربتون.

وكما في معظم حالات فوزه السابقة، كان كيري أكثر تقدما بين ناخبي كاليفورنيا الذين قالوا ان السمات الشخصية التي يقدرونها أكثر في المرشح هي الخبرة وقوة الزعامة والقدرة على الحاق هزيمة ببوش في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.

وقد اختار ما يزيد على النصف من ناخبي كاليفورنيا الديمقراطيين الاقتصاد عندما توفرت لهم فرصة تشخيص قضيتين تثير اهتمامهم الأكبر. وكان ادواردز في وضع أفضل بين الناخبين الذين ركزوا على الاقتصاد في عدد من الولايات السابقة. ولكن في كاليفورنيا دعم أولئك الناخبون كيري مقابل ادواردز بنسبة ثلاثة الى واحد.

وارتبط اداء كيري يوم الثلاثاء بتوقعات استراتيجيي الحزب في التطلع الى الانتخابات العامة بثقة متزايدة. ويقول بول ماسلين، عميد الاستطلاعات السابق، انه باستثناء الرئيس بيل كلينتون خلال حملة اعادة انتخابه «فإنني عندما أعود الى جيمي كارتر عام 1976 لا يمكنني أن أفكر بديمقراطي في مثل هذا الوضع الجيد في هذا الوقت المبكر».

وقد أظهر كيري، في سباقه الى الترشيح، الذي لم يشهد عوائق فعلية، قوة روحية ومرونة وحيوية، بينما وحد الناخبين الديمقراطيين في استطلاعات الرأي بشأن الانتخابات العامة بشكل اكثر فعالية من جميع المرشحين السابقين. ولكن الكلمة الأساسية في تقييم ماسلين قد تكون: «الوقت مازال مبكرا».

ولفترة اشهر حدد كيري والديمقراطيون اطار قضيتهم ضد بوش بدون رد فعل شامل من البيت الأبيض. لكن حملة اعادة انتخاب بوش، الآن، ستعرض على الصحافيين أول اعلاناتها التلفزيونية التي تدشن هجوما اعلانيا من المحتمل أن يستمر على مستوى عال لفترة طويلة.

ولا شك في ان جهود بوش لتسويق سجله الخاص وطرح أسئلة حول سجل كيري، يمكن ان تختبر المرشح الديمقراطي على نحو أكثر حدة بكثير من أي شيء واجهه في منافسة ديمقراطية مقبولة على نحو غير مألوف. وكيري، الذي يوازن هذه القمة بسرعة مؤثرة، يقف الآن على سفح أكثر شدة في الانحدار.

* خدمة «لوس انجليس تايمز» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»