في ندوة بلندن حول مستقبل العراق السياسي: أكاديمي أميركي يحذر من «غموض» في الدستور المؤقت وعراقي يتهم الأميركيين بالتواطؤ مع «أمراء الحرب»

TT

افاد مصدر اكاديمي اميركي بأن المعلومات المتوفرة عن الدستور العراقي المؤقت تشير الى انه يشكو من الغموض ويثير تساؤلات كثيرة بشأن مسألة الفيدرالية وكيفية التعامل مع الاسلام كأحد مصادر التشريع. كما اخذ على الوثيقة التي من المقرر ان يصادق عليها مجلس الحكم العراقي رسميا اليوم عدم توضيحها ما اذا كان التوقيع على الاتفاقية الامنية التي تنظم عمل القوات الاجنبية في العراق، سيتم قبل اعادة السيادة او بعدها ورجح ان يبقى الدستور المؤقت قيد التطبيق الى مابعد عام 2005، خلافا لما اعلن سابقا.

ووجه محلل عراقي انتقادات للاميركيين، خصوصا لحلهم الجيش السابق وتعيينهم ادارة مؤقتة يشيع فيها «الفساد»، وشروعهم ببناء العراق الجديد على اساس اعطاء «امراء الحرب» حق الاحتفاظ بجيوشهم الخاصة، واستبعد ان يكون ابو مصعب الزرقاوي هو كاتب الرسالة الشهيرة المنسوبة اليه، مؤكدا ان العنف الذي يشهده العراق لا يتحمل «الاجانب» او «القاعدة» مسؤوليته الكاملة.

وجاء ذلك في ندوة حول عملية التحول السياسي في العراق نظمها امس المعهد الملكي للشؤون الدولية في لندن وطلب عدم ذكر اسماء المشاركين فيها.

وفي معرض تسليطه الضوء على النتائج السلبية التي يمكن ان يتمخض عنها الغموض المزعوم في الدستور العراقي المؤقت، اكد الاكاديمي الاميركي الخبير في المسائل الدستورية ان «الاثر القانوني» لموضوع اتخاذ الاسلام مصدرا للتشريع او احد مصادره، قد اعطي قيمة اكثر مما ينبغي، واعتبر ان «المهم هو من سيفسر، وليس (المادة) التشريعية التي ستخضع للتفسير»، مشيرا الى امكان وجود تفسيرات مختلفة لنص قانوني معين استنادا الى الشخص او الهيئة التي تقوم بالتفسير.

واخذ على الوثيقة التي اعترف بانه لم ير بعد نسختها النهائية، بانها لا توضح شكل العلاقة القانونية والسياسية والعسكرية بين كردستان والحكومة المركزية بصورة دقيقة.

واعتمادا على المعلومات التي وفرتها وسائل الاعلام، قال الاميركي ان اخطر جوانب هذا «الغموض» هو اغفال تحديد موعد توقيع الاتفاقية الامنية بين الادارة العراقية وقوات التحالف.

واكد مصدر اميركي رسمي شارك في الندوة ان بلاده لن تتخلى عن العراق قبل «التأكد من ان العراقيين يتمتعون بالديمقراطية». واذ اوضح ان «القوات الاميركية لن تخضع لقيادة عراقية» شدد على التزام الاميركيين بواجباتهم «الامنية» في العراق.وقال ان واشنطن لا ترغب باقامة «قواعد عسكرية دائمة» في العراق، او مواصلة «الاحتلال». ولفت الى ان الاميركيين هم الاشد حرصا على اعادة قواتهم الى بلادهم، بيد ان ذلك لن يحصل قبل الوقت المناسب.

وحذر محلل عراقي من احتمال «مصادرة المتشددين في الجانبين للاجندة السياسية»، واعتبر ان عملية اعادة الاعمار لا يمكن ان تنجح ما لم تحل المشاكل الامنية المعقدة. وهاجم «القيادة المؤقتة» متهما اياها بـ«الفساد».

واشار الى ان تركيبة «الوزارة اسوأ» حتى من مجلس الحكم الانتقالي لانها شكلت على اساس القرابة والصلات العشائرية. ورأى ان الاميركيين اخطأوا باعطاء هذه الادارة المؤقة فرصة البدء قبل غيرها، وحق تعديل القانون والتشريعات.

واعتبر ان من غير الممكن «بناء دولة حديثة» على اساس ادارة مؤقتة «فاسدة»، او على اساس منح «امراء الحرب» في كردستان العراق والمناطق الشيعية حق «الاحتفاظ بجيوشهم الخاصة».

واوضح المحلل العراقي ان اعمال العنف في العراق تمارس من قبل 4 مجموعات مختلفة، يشكل فلول النظام السابق اصغرها، واعتبر ان «القاعدة» او احد شركائها، تنشط في العراق لا سيما ان «القدرات اللوجستية» للقيام مثلا بست عمليات انتحارية في غضون نصف ساعة، كما حدث في الاول من رمضان الماضي لا تتوفر للاسلاميين العراقيين. بيد انه اشار الى حرص واضح لالقاء تبعة العمليات الارهابية كلها على «الاجانب»، معتبر ان ذلك غير دقيق. وقال «القاعدة كانت مستعدة بصورة افضل بكثير من الاميركيين لسيناريو اليوم التالي (مرحلة ما بعد سقوط صدام)». غير انه نفى ان يكون ابو مصعب الزرقاوي هو كاتب الرسالة التي سلط الضوء عليها اخيرا، خصوصا لانها تدل على رغبة «القاعدة» باثارة نعرة طائفية في العراق. واوضح ان القاعدة لا تسجل خططها الاستراتيجية على الورق، مشيرا الى عدم العثور حتى الان على اي وثيقة يمكن نسبها لـ«القاعدة» حول هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001 .