وزير الخارجية العراقي: أطلعت على وثيقة لـ«القاعدة» تؤكد استهداف الأكراد والشيعة

هوشيار زيباري لـ«الشرق الأوسط»: ليس لدى الأميركيين مصلحة في قتل العراقيين وبقاء قواتهم في العراق ليس مخجلا

TT

اتهم وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري تنظيم «القاعدة» بأنه وراء تفجيرات كربلاء والكاظمية مستبعدا امكانية ضلوع الأميركيين في ذلك، وقال «ارفض نظرية المؤامرة، والأميركيون ليس لهم مصلحة في قتل العراقيين»، نافيا تحمل الأميركيين مسؤولية هذه المسألة وقال «اذا كان هناك من يوجد لديه استعداد ان يفجر نفسه فكيف يمكن منعه؟». واعتبر ان بقاء القوات الاجنبية في العراق ليس امرا مخجلا، مشيرا الى أن ايطاليا دولة مستقلة ومع ذلك بها 24 قاعدة أميركية وكذلك المانيا ودول الخليج وتركيا.. الخ.

واعتبر علاقة مجلس الحكم بسلطة الاحتلال علاقة جذب وشد تعتريها ازمات كثيرة ولكنه في النهاية وصفها بأنها جيدة.

وكشف زيباري في حواره مع «الشرق الاوسط» على هامش اجتماع وزراء الخارجية العرب في القاهرة انه بعد تشكيل الحكومة العراقية ذات السيادة سيطلب العراقيون من قوات التحالف تغيير صفة صدام حسين وتسليمه للحكومة العراقية لمحاكمته.

وأكد زيباري ان قضية الكوبونات صحيحة، كاشفا عن قضية رشاوى اخطر سيتم نشرها قريبا. ونفى ان يكون للموساد الاسرائيلي اي دور في العراق لكنه قال ان اجهزة المخابرات الاجنبية تعمل في كل بلاد العالم.

* كيف تقرأون الاحداث المفجعة التي جرت في كربلاء وبغداد؟ الا ترون ان «القاعدة» اصبحت هي الشماعة التي تعلق عليها الاعمال المجهولة؟

ـ اولا هذه المجازر المروعة من فعل عناصر متطرفة ومتشددة مريضة اخلاقيا وفكريا واغراضها تتلخص في خلق فتنة طائفية وتعطيل مسيرة الحرية وبناء المؤسسة الديمقراطية واذكاء روح الفرقة بين العراقيين.

وأؤكد ان هناك دائما خيطا مشتركا بين عدد من الاعمال الارهابية التي تم ارتكابها وجميعها تقود الى نفس الحلقة ذاتها أي الى تنظيم القاعدة والى مجموعات اسلامية متشددة ومتطرفة ومجموعات تكفيرية. باختصار شديد ما يحدث في العراق الآن هو نوع من تحالف الارهاب الدولي في العراق، ونقول لهؤلاء الذين نفذوا هذه الجرائم انهم لن ينجحوا ولن يحققوا هدفهم وسوف نهزم هذه المجموعات. ورغم حزننا وفجيعتنا بضحايانا، الا اننا نعتز كعراقيين بأن هذه المحاولات اليائسة التي حدثت في أربيل وفي كربلاء وفي الكاظمية لن تزحزحنا عن ثوابتنا واصرارنا على المضي في بناء عراق حر ديمقراطي. كافة الدلائل تشير الى القاعدة والى التنظيمات الموالية لها والتي تستهدف القيادات الكردية والشيعة باعتبار أنهم أعمدة النظام الديمقراطي الذي سيبرز في العراق.

* هل تعني ان السنة غير مستهدفين؟

ـ بالتأكيد السنة مستهدفون ايضا، لكن هذه الاهداف هم الذين حددوها لانفسهم.

* هل هذه استنتاجات أم لديك معلومات محددة؟

ـ معلوماتي بناء على وثيقة حقيقية نشرت واطلعت عليها وقرأتها اكثر من اربع مرات وهي مفصلة وتنسجم كليا مع النهج التكفيري الذي تتبناه هذه المجموعة وانا واثق من ان هذه الوثيقة حقيقية وليست مزورة، فهذه التوجهات موجودة وتعليماتهم من خلالها هي استهداف الاكراد والشيعة وقوات الأمن العراقية ثم قوات التحالف، وأؤكد مرة اخرى انهم سيهزمون، لكن المسألة مسألة وقت حتى نستطيع بناء قواتنا وحماية حدودنا بعد تسلمنا السلطة وستزداد سيادتنا على بلدنا.

* أنت بذلك ترفع الحرج عن الأميركيين وتعفيهم عن مسؤوليتهم عن احداث كربلاء والكاظمية رغم ان هناك صوتاً عراقياً عالياً يحمل الأميركيين مسؤولية هذه الفوضى الأمنية؟

ـ انا لا احمل الأميركيين أو قوات التحالف مسؤولية هذه الاحداث بالذات، فهم غير مسؤولين مباشرة عنها، لانه ليس من مصلحة الأميركيين قتل العراقيين أو خلق الفوضى وعدم الاستقرار فهذا يتناقض تماما مع اهدافهم، هم المسؤولون عن الجانب الأمني طبقا لقرارات مجلس الأمن والقانون الدولي باعتبارهم قوات احتلال لكن هذا لا يعني ان نحملهم المسؤولية.

* ألا تعتقد ان الأميركيين نجحوا فقط في الاطاحة بصدام لكنهم لم يحققوا للعراقيين الأمن والخدمات كما وعدوهم؟

ـ انا مختلف معك. الأميركيون حققوا الكثير، اطاحوا بصدام ونظامه وبالمقابر الجماعية وازالوا الارث الشمولي في التفكير العراقي وفي الكتب في المدارس وفي المؤسسات وازالوا الخوف المعشش في البيوت وازالوا الرقابة. الحريات موجودة حاليا وهي أثمن ما حصل عليه المواطن العراقي الذي كان يخشى ان يتحدث مع عائلته بحرية، والخدمات بدأت في العودة. لا تنس ان انصار النظام السابق تعمدوا بشكل مستمر تخريب الخدمات وهي تدأب على الحاق اكبر قدر من الاذى بمحطات الكهرباء وانابيب البترول والمياه، ايضا مستوى المعيشة تحسن عشرات المرات للموظف وللمدرس وللمستخدم.

* هناك اصوات عراقية عالية ترفض الاستعانة بقوات اجنبي فمتى ستغادر القوات الأميركية؟

ـ كل الشعب العراقي يريد انهاء الاحتلال في اسرع وقت ممكن، لكن الظروف الراهنة لا تسمح بذلك فهناك حاجة ماسة لبقاء هذه القوات في العراق. اولا، للمحافظة على حدود العراق الخارجية ولمنع التداخلات الاقليمية والاجنبية في العراق للمحافظة على السيادة الداخلية ولردع بعض المجموعات من الانجرار وراء فتنة طائفية أو حرب اهلية. بكل صراحة نحن لم نصل للمستوى المطلوب لبناء قدراتنا الأمنية من شرطة أو جيش.. الخ، هناك احتياج لبقاء هذه القوات، وهذا امر لا نخجل منه، لكن ايضا بقاء هذه القوات مرهون بموافقة الحكومة العراقية الجديدة، ولا حرج في ذلك، مثلا ايطاليا دولة مستقلة ولديها 24 قاعدة أميركية، كذلك المانيا وتركيا... الخ، هؤلاء جميعا توجد على اراضيهم قواعد عسكرية أميركية، الأميركيون حاليا هم قوات احتلال، لكن بعد 30 من يونيو (حزيران) ستختلف الصورة. سينتهي الاحتلال قانونيا، لكن كما ذكرت بقاء القوات العسكرية يجب ان يكون بموافقة الحكومة العراقية وربما سيكون هناك سقف زمني تنسحب طبقا له.

* يتهم الكثيرون الأميركيين بأنهم وراء التفجيرات والفوضى الأمنية كمبرر لاستمرار الوجود العسكري في العراق، ما رأيك؟

ـ هذه نظرية المؤامرة التي ارفضها ولا اعتقد بها، واتساءل ماذا يمكن ان نتصور حال الأمن في العراق بعد خمسة وثلاثين عاما من نظام قمعي وحشي؟ ماذا يمكن ان يخلفه من ارث هذا النظام في ظل غياب قوات أمن ومخابرات وشرطة؟ هل يمكن ان نتوقع حدوث استقرار فوري؟ طبعا هذا غير واقعي، ومن يشاهد الصور من بعد يختلف تماما عن ما يعايشها. فالاوضاع في العراق صعبة جدا، وحقيقة انني افتخر بشعبي العراقي المتمسك بوحدته وتضامنه رغم غياب امور حيوية هامة جدا على رأسها الأمن، وفي النهاية ليس هناك أمن مطلق ولا توجد دولة مصونة تماما من العمليات الارهابية.

* لكن حل الجيش العراقي هو الذي صعد وتيرة هذه المخاطر والفوضى الأمنية؟

ـ نعم هناك العديد من الاخطاء التي ارتكبها الأميركيون وهذا ما نبهناهم له، ولقد قلنا مرارا ان اسقاط نظام صدام اسهل شيء ولكن مرحلة ما بعد ذلك هي الاصعب، ولكنهم لم يصدقونا ورغم اننا استعددنا لذلك وطرحنا مشاريع وافكارا وخططا عملية لادارة البلاد لكنهم لم يأخذوا بها، ولكن بعدما اخفقوا وفشلوا في عدة مسائل هامة وقضايا اساسية رجعوا الينا واستعانوا بخططنا، وفي كل مرة يواجهون مشكلة يجدون لدينا آراء عملية لمجابهتها، فنحن ندرك طبيعة بلدنا اكثر منهم ولدينا الدراية والقدرة على التعاطي مع مشاكلنا وقضايانا.

* ترددت انباء عن نشوب اكثر من أزمة بين مجلس الحكم وسلطة الاحتلال. فكيف تصف العلاقة الان فيما بينهما؟

ـ هناك دائما أزمات وليس أزمة واحدة، لكن شكل علاقتنا هي المشاركة في الحكم واستطيع ان اقول بشكل عام علاقتنا جيدة، ومجلس الحكم يحاول فرض ونزع استقلاليته ولدينا امثلة كثيرة، على رأسها مثلا ان الأميركيين حاولوا بكل ثقلهم اشراك القوات التركية في حفظ السلام في العراق والاتراك قالوا افضل عرض من جميع الدول حتى اكثر من البريطانيين (قوامها بـ15 الفا) لكن مجلس الحكم بالاجماع رفض مشاركة أي دولة من دول الجوار وليس تركيا فقط، لان لكل دولة مجاورة لها حدودها السياسية ورغم الضغوط الهائلة التي مارسوها علينا رضخوا في النهاية لارادتنا. ايضا تربطنا بايران افضل العلاقات وهناك تعاون ثنائي في مجالات مختلفة رغم ان الأميركيين يصنفون ايران من ضمن دول «محور الشر»، وايضا لقد اقلنا عددا من المحافظين المرفوضين شعبيا والذين تم تعيينهم بواسطة قوات التحالف في النجف ومحافظات اخرى رغما عنهم، ايضا دعونا لعدم دفع كافة المستحقات السابقة التي كانت على العراق وقالوا انها ليست ضمن الميزانية ونحن غير ملتزمين بها، لكننا في وزارة الخارجية قررنا ان ندفع التزاماتنا رغم تعليماتهم هذه ورغم ظروفنا الصعبة، اردنا ان نثبت ان العراق الجديد له شخصيته ووجوده الحقيقي ويشكل جزءا حيا من بيئته العربية والاسلامية ودفعنا للامانة العامة لجامعة الدول العربية حصة العراق في الموازنة والتي لم يلتزم بدفعها صدام منذ عام 1989 .

باختصار هناك حالة من الشد والجذب بيننا وبينهم لكننا ندرك تماما احتياجنا اليهم لبناء مؤسساتنا واستعادة قدراتنا أي مسألة وقت، لكن في النهاية العراق ليس ولاية أميركية ولا بد أن يغادروا ونحن على ثقة تماما انهم واعون لهذه الحقيقة، لذلك كل شيء لديهم قابل للنقاش والبحث بيننا وبينهم الا موعد تسليم السلطة فهو أمر محسوم لديهم في الثلاثين من شهر حزيران المقبل.

* لكن صندوق التنمية العراقي والذي به كل الاموال العراقية خاضع تماما للسيطرة الأميركية، فأين ثقلكم من تلك القضية الجوهرية؟

ـ هذا الصندوق تؤول اليه جميع الاموال العراقية المجمدة في الدول الاجنبية وعوائد النفط والودائع، ولقد عبرنا عن استيائنا لعدم وجود عراقي واحد يمثلنا فيه واعتبرنا هذا أمرا غير مقبول لان هذا الصندوق الذي شكل طبقا لقرار مجلس الأمن رقم 1483 فيه كافة الاموال العراقية ومخصص كليا لسلطة التحالف ولكن بعد جهد وضغط من مجلس الحكم تم تعيين مراقبين اثنين عراقيين. وهناك صندوق لاعادة الاعمار في العراق تحت سيطرتنا ولقد وعدت الدول المانحة في مؤتمرها الذي نظم في دبي أخيرا بتوفير مليار دولار سيتم وضعه في هذا الصندوق.

* ما الذي يعيق اجراء الانتخابات؟

ـ لا يوجد ما يعيقها لكن المسألة تحتاج لوقت وهناك الاحصاء والجداول الانتخابية ومجموعة من الامور اللوجستية الضرورية، وبعد اقرار قانون ادارة الدولة، وهو نوع من دستور مؤقت يعتبر متطورا نسبيا قياسا للدساتير الموجودة حولنا حيث هناك لائحة حقوق طويلة تتضمن مضمون كافة الحقوق الفردية والجماعية.

* بالمناسبة، هل العراق هو المدخل لمشروع أميركا الشرق الاوسط الكبير؟

ـ البدء في التغيير والاصلاحات قرار اتخذناه وهذا امر ينسجم مع توجهاتنا إزاء عملية الديمقراطية، والديمقراطية خيار كل دولة وشعب8 لكن التغييرات لا محالة ولا بد من التكيف مع هذا الامر رغم ان من حق كل شعب رفض اية املاءات من الخارج، الامر ليس شرطا من خلال العراق لكن الديمقراطية وتحسين احوالنا ومحاربة الفقر والامية ومنح الحريات ليس مرتبطا بحل قضية فلسطين، لماذا لا نحارب الفقر والامية ونجاهد ونناضل وندافع عن حقوقنا في فلسطين.

* الا تشعرون بالغبن بعد تصنيف صدام اسير حرب بما معناه انه لن يحاكم امام محكمة عراقية؟

ـ سوف تجري محاكمة صدام من قبل محكمة عراقية رغم وصفه حاليا بأنه اسير حرب، وهذا امر مريح لقوات التحالف لكن بعد تشكيل حكومة عراقية ذات سيادة سنطلب من قوات التحالف تغيير هذه الصفة وتسليمه للحكومة العراقية تمهيدا لمحاكمته.

* ما مدى صحة ما نشر عن ارجاء اعلان القبض على صدام حسين لحين نقل صدام الى واشنطن ثم بعد ارجاعه الى بغداد؟

ـ هذه تخيلات وأوهام ليس لها اساس من الصحة.

* وماذا عن دور الموساد في بغداد وسيطرة الاسرائيليين على الاقتصاد وشراء الاراضي؟

ـ ليس هناك أي دور للموساد في العراق ولا في شراء اراض من الاكراد ولا يوجد اسرائيليون اشتروا فنادق في بغداد ولا توجد مصالح اسرائيلية، لكن هناك يهوداً عراقيين ثم ان اجهزة المخابرات الاجنبية تعمل في كل بلدان العالم، وبكل وضوح ليس هناك نشاط اسرائيلي بموافقة عراقية أو بتفاهم مع السلطات، ومن خلال القدر الذي يتعلق باعمالنا، وكذلك لا يوجد اسرائيليون في العراق. يجوز ان تكون هناك شركات اسرائيلية تحت اسماء مختلفة فهناك شركات متعددة الجنسيات لكن لا يوجد اسرائيليون دخلوا العراق بصفتهم كاسرائيليين.

* اخيرا ما صحة قضية كوبونات صدام؟ هل هي شائعات وقصص ملفقة أم انها مكيدة أميركية، أم ماذا؟

ـ انها صحيحة مائة في المائة، حتى يعرف الآخرون ان هؤلاء الناس اصحاب الالسنة التي تتطاول علينا ان المثاليات التي يدعونها زائفة، والقضية ليست انتماء وحماسا ووطنية بل القضية باختصار مصالح شخصية ومكاسب مادية. وللعلم هناك ما هو اخطر من الكوبونات.. هناك رشاوى مالية مباشرة تسلمت باليد، وسيتم نشر هذا الامر والأميركيون غير معنيين بذلك الامر ولم يقحموا انفسهم في تلك القضايا. الامر يخصنا نحن ولقد تم نشر قضية الكوبونات في جريدة «المدى» وهي صحيفة لها اعتبارها وصاحبها شيوعي وليس أميركيا وميوله ليست غربية على الاطلاق.