كشفت مصادر سياسية في تل أبيب ان الحوار الدائر بين الادارة الاميركية وبين مكتب رئيس الوزراء الاسرائيلي، ارييل شارون هو اشبه ما يكون بمفاوضات سياسية وعسكرية هدفها التوصل الى صفقة بينهما حول خطة شارون للانفصال عن الفلسطينيين. وان الولايات المتحدة تحاول الاستعاضة عن التنسيق الاسرائيلي مع الفلسطينيين، بمنح هذا الدور الى مصر لكي لا يظل المشروع احادياً.
وقالت هذه المصادر ان اسرائيل تحاول انتهاز فرصة دخول الولايات المتحدة الى خضم هذا المشروع وقبولها البحث فيه وتحمسها لبعض بنوده (الانسحاب من قطاع غزة وازالة المستوطنات) لتطرح مطالب لا تتعلق بالخطة بشكل مباشر. وتدخل في باب الابتزاز منها:
* ان تغير الادارة الاميركية موقفها من موضوع القدس وتعترف بانها عاصمة إسرائيل وتنقل اليها السفارة.
* اصدار مذكرة رسمية وشخصية من الرئيس بوش يعلن فيها ان اسرائيل، بهذه الخطة، قد اتمت حصتها بالكامل واوفت بكل التزاماتها الواردة في المرحلة الاولى من خطة «خريطة الطريق». وان الولايات المتحدة لن تطالبها بخطوات اضافية. وانها ستصب جام جهودها في المرحلة المقبلة لكي ينفذ الفلسطينيون التزاماتهم.
* الموافقة الاميركية على ان الحدود المؤقتة التي ستنسحب اليها اسرائيل، ستكون حدودا لفترة طويلة جدا: 10 ـ 15 سنة على الاقل وخلال هذه الفترة يتم التعامل مع اسرائيل كما لو انها ذات الحدود الموسعة الجديدة (اي البقعة التي تقوم عليها منذ عام 1948 بالاضافة الى مناطق واسعة من الضفة الغربية وفي القدس الشرقية). وهذا البند يعني ان تواصل اسرائيل احتلالها لحوالي 50% من الضفة وان يصبح الاستيطان في هذه المنطقة، توسيعه وتكثيفه، شرعيا في نظر الولايات المتحدة.
> استمرار الضغط الاميركي على القيادة الفلسطينية وعدم التعامل مع رئاسة ياسر عرفات ومن يبدي الولاء له، حتى لو طال به الزمان.
في المقابل، وحسب المصادر نفسها، فان الادارة الاميركية توجهت بمطالب الى اسرائيل في اطار الاعداد لهذه الصفقة، منها:
> ان يكون الانسحاب من قطاع غزة، في اطار خطة شارون، نهائيا وكاملا. اي ان لا تبقى فيه اية مستوطنة واي معسكر جيش.
> ان يتم في اطار هذه الخطة، انسحاب كبير جدا في الضفة الغربية وليس انسحابا رمزيا، تزال فيه عشرات المستوطنات بالكامل.
> ان يكون هناك نوع من التنسيق مع الفلسطينيين. فان لم يكن مباشرة، فعلى الاقل عبر طرف ثالث. ويحبذ ان يكون هذا الطرف مصر. وبذلك يرتقي التنسيق الى مستوى الامة العربية، ليتجاوز الفلسطينيين من جهة رسمية، لكن يبقيهم في الصورة من جهة فعلية.
وتتواصل المفاوضات بين الطرفين حول هذه النقاط بواسطة كبار المسؤولين، منهم مستشارة الامن القومي الاميركي كونداليزا رايس، ورئيس مكتب شارون دوف فايسغلاس ووزيرا، الدفاع شاؤول موفاز والخارجية سلفان شالوم، اللذان سيزوران واشنطن قريبا. وصولا الى لقاء القمة المنتظر بين بوش وشارون في البيت الابيض، نهاية الشهر الجاري او مطلع الشهر المقبل.
وبدأت الادارة الاميركية تدخل القيادة المصرية الى صورة هذه الصفقة. وهي تطلب من القاهرة ان توافق على تولي مسؤولية الامن على الشريط الحدودي مع قطاع غزة الذين يطلق عليه الاسرائيليون اسم ممر فيلادلفى بحيث تقضي على ظاهرة تهريب الاسلحة والذخيرة والمواد التفجيرية على هذه الحدود وتضمن هدم الانفاق تماما ومنع شق المزيد. وان لم توافق مصر على تولي هذه المسؤولية، فان الادارة الاميركية تدرس امكانية جلب المراقبين الدوليين المرابطين في سيناء وعددهم 1500 جندي، الى هذا الشريط الحدودي كقوة فصل دولية. لكن اسرائيل تتحفظ ازاء هذا الطرح. كما تتحفظ من اقتراح بريطاني بهذا الشأن، لارسال مراقبين اوروبيين او بريطانيين الى المناطق الفلسطينية التي تنسحب منها اسرائيل.
اللافت للنظر ان المفاوضين الاسرائيليين اكتشفوا ان هناك خلافات في وجهات النظر داخل الوفود الاميركية المفاوضة. فهناك من يريد ان يتم تنفيذ خطة شارون فورا، اي في غضون 4 ـ 5 اشهر، قبل معركة الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل. لكن هناك من يخشى ان يؤدي الانسحاب من دون تنسيق مع الفلسطينيين الى فوضى عارمة فينقلب المشروع على رأس بوش وادارته.
وهناك خلاف على الطريقة الاسرائيلية في الحديث عن الخطة، ولهذا يطالب بعضهم بان لا تكون للادارة الاميركية مسؤولية مباشرة عن الخطة، لان الولايات المتحدة يجب ألا تؤيد الخطوات الاحادية الجانب. وهناك خلاف حول دور مصر وان كانت ستعمل بالطريقة المناسبة على حدودها مع فلسطين.
وهناك اغلبية في وزارة الخارجية تؤيد ان يتم الاعلان عن دولة فلسطينية جنبا الى جنب مع الانسحاب الاسرائيلي، الامر الذي تتحفظ عليه اسرائيل.