كيري وبوش يبدآن أطول حملة في تاريخ السباقات الأميركية نحو البيت الأبيض

العراق والأمن الداخلي والاقتصاد والديمقراطية في العالم العربي وخريطة الطريق أبرز مواضيع الحملة ادواردز وغيبهارت وريتشاردسون أبرز المرشحين لمنصب نائب على بطاقة كيري الانتخابية

TT

انطلق الديمقراطي جون كيري والجمهوري جورج بوش هذا الاسبوع في سباق يستمر ثمانية اشهر سيحاولان خلاله اقناع الاميركيين بقدرتهما على قيادة البلاد. ويبدو الامر شبيهاً بمسيرة مقاتل يكافح للوصول الى البيت الابيض اكثر مما هو سباق تقليدي في انتخابات مهمة.

ولاول مرة في تاريخ الولايات المتحدة، تشهد حملة الانتخابات الرئاسية الاميركية المقبلة عدداً واسعاً من المواضيع تبدأ بالاقتصاد والامن الداخلي وتنتهي بقضايا العراق وسلام الشرق الاوسط والترويج للديمقراطية في العالم العربي.

وكان فوز كيري في الانتخابات التمهيدية الديمقراطية التي جرت الثلاثاء الماضي في عشر ولايات وما عقب ذلك من انسحاب منافسه الديمقراطي جون ادواردز قد ساعد في توحد الحزب وراء سناتور ماساتشوستس من اجل هدف واحد يتمثل في السعي لاسقاط الرئيس جورج بوش في انتخابات نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.

وللمرة الاولى يتوق الحزب الديمقراطي خلف مرشح واحد في هذه المرحلة المبكرة من السياق الانتخابي الرئاسي حيث لم يحسم الديمقراطيون خلال الانتخاب التمهيدي مرشحهم في هذا التوقيت المبكر خلال الاربعين سنة الماضية.

وبينما هنا الرئيس جورج بوش والسناتور كيرى في مكالمة هاتفية وصفت «بالودية» ظهر نائب الرئيس ديك تشيلى على شاشات التلفزيون ليدين سحل المرشح الديمقراطي ويقول: «من الواضح تماما انه اتخذ على مدار السنوات السابقة سلسلة من المواقف تشير الى رغبة في خفض ميزانية الدفاع وعمل اجهزة الاستخبارات والقضاء على العديد من برامج انتاج الاسلحة الرئيسية الجديدة». وأكد تشينى انه سيخوض مرة اخرى الانتخابات كنائب للرئيس الى جانب الرئيس بوش.

وبدأ الناتور كيري في فحص ملفات العديد من الديمقراطيين ليختار من يشاركه بطاقته الانتخابية لمنصب نائب الرئيس، ويعد اختيار كيرى لنائب في اسرع وقت ممكن مهماً لاحلال توازن في السباق الرئاسي حتى يصبح السباق بين متنافسين في كل جانب. ومن الاسماء المرشحة بقوة السناتور جون ادواردز ويعتبر عدد كبير من المحللين ان بطاقة ترشيح رئاسية ديمقراطية تشمل جون كيرى وجون ادواردز ستكون جذابة للناخبين وتعزز فرص الفوز. فالجاذبية الشخصية والطاقة الكبيرة التي يتمتع بها ادواردز وجذوره الجنوبية واصوله العمالية الفقيرة فضلا عن العامل الجغرافي والايديولوجي حيث انه من الجنوب حيث معاقل المحافظين في الولايات المتحدة، كلها عوامل تكمل صفات كيرى الذي ينتمي الى عائلة غنية من شمال شرقي الولايات المتحدة الليبرالي الاكثر انفتاحا. لكن هناك اسماء مطروحة ايضا بقوة مثل المرشح السابق ديك غيبهارت الذي انسحب من الحملة الانتخابية التمهيدية اثر فشله في انتخابات ولاية ايوا في يناير ( كانون الثاني) ويعد تاريخ غيبهارت الطويل مع الحزب الديمقراطي وطول فترة خدمته داخل مجلس النواب الاميركي وعلاقته القريبة والمميزة مع الرئيس السابق بيل كلينتون و سياساته الاقتصادية الناجحة كلها تجعله مرشحاً قادراً على جذب العديد من الاصوات المستقلة واصوات اتحادات العمال المؤثرة وهناك ايضا حاكم ولاية نيومكسيكو بيل ريتشاردسون وزير الطاقة السابق في رئاسة بيل كلينتون وسفير الولايات المتحدة في الامم المتحدة سابقا، وهو مرشح تدعمه بشدة اصوله اللاتينية وطلاقة لغته الاسبانية اللازمة لجذب الاعداد المتزايدة من الاميركيين من اصول لاتينية وهم فئة مؤثرة للغاية في ولايات رئيسية ككاليفورنيا ونيويورك وفلوريدا واريزونا وتكساس.

ويبدو ان المنافسة الانتخابية بين المرشح الجمهوري بوش والديمقراطي كيري ستكون حامية ولن تحسمها فقط مسألتا الامن الداخلي والاوضاع الاقتصادية التي تتمحور حول قضية الوظائف. فقضية العراق ما تزل تتفاعل بوتيرة يومية سريعة . ويرى مراقبون ان إعداد مجلس الحكم العراقي لمسودة دستور تمهيداً لنقل السلطة للعراقيين قبل الاول من يوليو (تموز) يعزز أسهم الرئيس بوش واذا تحقق استقرار نسب في العراق وقلت او انعدمت عمليات المقاومة فإن ذلك سيقوي فرص إعادة انتخاب الرئيس الاميركي بوش.

وعلى العكس، فإن استمرار تردي الاوضاع الامنية للقوات الاميركية والعراقيين ايضاً من شأنه ان يقلص فرصة إعادة انتخاب الرئيس بوش. وكل الاحتمالات ممكنة ايضا فيما بخص الوجود العسكري في افغانستان وما يتعلق بمحاولات القاء القبض على زعيم «القاعدة» أسامة بن لادن، خاصة وان هذه الانتخابات المقبلة هي اول انتخابات رئاسية في الولايات المتحدة منذ احداث الحادي عشر من سبتمبر (ايلول) 2001 .

من ناحيتهم، يحاول الديمقراطيون التركيز على الوضع الاقتصادي المسيئ اذ تصل نسبة الديون الاميركية الى مستويات قياسية بلغت اكثر من 6 تريليونات دولار مع الاخذ في الاعتبار ان جورج بوش بدأ فترته الرئاسية في مرحلة انتعاش اقتصادي خال من أية ديون فيدرالية. كذلك فان فقدان المواطنين الاميركيين لنحو ثلاثة ملايين وظيفة منذ وصول بوش الى البيت الابيض يؤثر على فرص اعادة انتخاب بوش لكن الرئيس الحالى يرد بأنه ورث من سلفه الديمقراطي بيل كلينتون اقتصادا على حافة الركود لذا فهو يعتزم ان يجعل من الابقاء على برنامج خفض الضرائب الذي اعتمده خلال ولايته احد اهم اسلحته للدفاع عن تردي الوضع الاقتصادي.

وتظهر استطلاعات الرأي وآخرها الذي اجرته وكالة «الاسوشييتد برس» يومى السادس عشر والسابع عشر من فبراير (شباط) المنصرم تفوق السيناتور كيري على الرئيس بوش. فقد حصل السناتور كيري على 55 في المائة من الاصوات مقابل 43 في المائة للرئيس جورج بوش مما يعكس تراجع شعبية الرئيس بوش الى ادنى مستوياتها منذ وصوله للحكم. لكن المسؤولين عن حملة بوش يقولون ان وسائل الاعلام ركزت اهتمامها في الاسابيع الاخيرة على المرشح الديمقراطي بسبب اجراء الانتخابات التمهيدية للحزب.

وبدأ الجمهوريون خلال الايام الماضية بهجوم مضاد تضمن تدشين حملة دعائية تلفزيونية تتحدث عن مزايا رئاسة بوش وتدافع عن سياساته. كذلك بدأ الجمهوريون سلسلة من الاعلانات لمهاجمة المنافس الديمقراطي واتهامه بتغيير آرائه باستمرار. وانتقدوا رؤية كيري في مجال مكافحة الارهاب وادعوا ان استراتيجيته في هذا المجال لا تعتمد على حرب شاملة ضد الارهاب وانما عملية عسكرية بسيطة هدفها لا يعدو مهام جمع معلومات استخباراتية.

ولا تثير هذه الاعلانات حفيظة الديمقراطيين بقدر ما آثار حفيظتهم مؤخراً دخول المرشح المستقل رالف نادر مؤسس حركة حقوق المستهلكين في الولايات المتحدة، السباق.

وقد استاء الديمقراطيون لذلك اعتبار ان انصار نادر هم من اليسار المؤيد عادة للديمقراطيين مما سيضعف جبهتهم أمام جبهة الرئيس بوش اليمينية الموحدة.

وتبقى مسألة توافر الموارد المالية لتعلب دورا مهماً للغاية في السباق الرئاسي. وقد نجح الرئيس بوش في جمع اكثر من 130 مليون دولار لتمويل حملة اعادة انتخابه في حين جمع خصمه الديمقراطي 40 مليون دولار فقط.