شاهد عيان في حادث مقتل صحافيي «العربية»: إطلاق النار لم يكن عشوائيا

سائق السيارة الذي نجا من الحادث يؤكد أن الجنود تحدثوا إلينا وبعد عشر دقائق أطلقوا علينا الرصاص

TT

السؤال لا يزال مفتوحا حول الوقائع التي ادت الى مقتل الصحافيين علي عبد العزيز وعلي الخطيب اللذين يعملان لقناة الفضائية «العربية»، ولكن سائق سيارتهما الذي يمكن ان يعد افضل شاهد عيان ممكن في الحادث قدم صورة لخطأ مأساوي نجم عن اطلاق نار عقب اقتراب سيارة مسرعة من المكان الذي كانت نقطة تفتيش اميركية تتولى اعمال الحراسة فيه.

وبرز الحدث بسبب الاحتجاج غير المسبوق الذي قام به الصحافيون اول من امس، حيث غادروا القاعة التي كان كولن باول وزير الخارجية الأميركي يعتزم ان يعقد فيها مؤتمرا صحافيا كان بدوره آخر الاعمال التي يقوم بها قبل مغادرته العراق. وقال احد مساعدي باول انه أبلغ قبل وقت قصير من ذلك أنه من المحتمل حدوث احتجاج على مقتل صحافيين من قناة «العربية».

وبعد دقيقة صمت قرأ نجم الربيعي، محرر صحيفة «الدستور» اليومية بيانا كان قد وقعه خمسون صحافيا عراقيا. وقال الربيعي، الذي اتهم الولايات المتحدة بأنها «أثبتت فشلها في ايقاف الارهاب وخلق بيئة آمنة بعد عام من الاحتلال»، ان الصحافيين يطالبون باجراء «تحقيق مفتوح، وأمام كل وسائل الاعلام حول الجهة التي ارتكبت جريمة قتل الصحافيين». ثم غادر الربيعي وما يزيد على عشرين صحافيا قاعة المؤتمر.

ولم تذكر معلومات عملية اطلاق النار التي نشرت حتى الآن من جانب الجيش رواية الصحافيين. وقالت متحدثة عسكرية اول من أمس ان سائقا عراقيا واحدا أصيب وقتل الخميس الماضي بعد أن ضرب عربة همفي بسرعة 30 ميلا في الساعة «بينما كان يحاول الوصول الى نقطة تفتيش قرب فندق الحياة». وقالت ان الجيش لا يعلم عن أية حالات قتل أخرى في الحادث. ولكن عندما انتهت المواجهة كان علي عبد العزيز مصور «العربية» قد قتل بينما أصيب الصحافي علي الخطيب، 30 عاما، بجروح بليغة أدت الى وفاته في اليوم التالي.

وقال أحمد عبد الأمير سائق الصحافيين القتيلين لصحيفة «واشنطن بوست» ان الرصاص أطلق عليهم بينما كانوا يبتعدون عن نقطة التفتيش العسكرية الأميركية، حيث قضى الصحافيان عشر دقائق في محاولة للدخول من أجل تصوير ما أعقب حادث هجوم صاروخي على فندق «الحياة» القريب من نقطة التفتيش.

وقال أحمد، 41 عاما، الذي نجا من الحادث بعد اصابته بجروح طفيفة في رأسه «ان ما حدث امس هو جريمة قتل. لم يكن اطلاق نار عشوائيا».

وأضاف ان الصحافي والمصور وصلا الى نقطة التفتيش بطرقة حذرة كما يفعل الصحافيون في العراق عادة. وقال انه اوقف سيارتهم وهي من طراز «كيا سيدان» على بعد 30 ياردة تقريبا من عربتي الهمفي اللتين كانتا تسدان الشارع ذا الممرات الأربعة. ثم وصل الصحافيان الى الجنود مشيا على الأقدام وطلبا السماح لهما بتصوير الفندق. ورفض الجنود ذلك.

واضاف أحمد ان «علي تحدث اليهم لمدة عشر دقائق تقريبا وعاد ليقول: دعونا نذهب الى مكان آخر أو نجرب وسيلة أخرى». وقال انه انعطف من ثم نحو الممر الوسطي. وفي الوقت نفسه لاحظ سيارة بيضاء من طراز «فولفو» تتجه الى نقطة التفتيش بسرعة تشير الى أنها لن تتوقف عند حاجز الطريق الموجود هناك.

وقال أحمد انه بسبب الخوف من أن تكون تلك السيارة أداة لعملية تفجير فقد كان رد فعله الابتعاد بسرعة، مضيفا «لم اكن خائفا من الأميركيين. كنت خائفا من سيارة الفولفو التي يمكن ان تفجرنا».

وبعد أن تحرك لمسافة 50 مترا تقريبا سمع اطلاق النار. وقال «لم اعتقد انهم يهاجمونني الى أن وجدت رأس صديقي على كتفي». فقد أصيب الخطيب الذي كان جالسا في المقعد الأمامي برصاصة في رأسه. وقد بقي على قيد الحياة حتى صباح اليوم التالي. أما عبد العزيز الذي كان يجلس في المقعد الخلفي الى جانب كاميرته فقد مات في الحال بسبب رصاصة في الرأس من الخلف أيضا.

وقد اصطدمت سيارة الفولفو بعربة الهمفي بسرعة 30 ميلا ولكنها لم تكن تحتوي على متفجرات.

وجاء هذا الحادث على خلفية علاقات سلبية غالبا بين القنوات الفضائية العربية ومسؤولي الاحتلال الذين اتهموا، صراحة، القنوات بتشجيع ـ بل وبالتعاون مع ـ المسلحين الذين يهاجمون قوات التحالف. وقد منع مجلس الحكم كلا من قناة «العربية» التي تتخذ من دبي مقرا لها، وقناة «الجزيرة» التي تتخذ من قطر مقرا لها من المشاركة في تغطية فعالياته الرسمية لفترة أسابيع سابقا، مشيرا بتذمر الى أن كلتا القناتين قد بثتا أجزاء تشجع الارهاب.