التحقيقات في تفجيرات إسبانيا تبحث في نشاطات خلية بطنجة جربت استخدام الهواتف كأجهزة توقيت .. ومسؤولون يتحدثون عن صلة محتملة للزرقاوي

TT

يركز التحقيق في تفجيرات مدريد الاخيرة على عضو في خلية اصولية كانت تنشط في مدينة طنجة المغربية يعتقد ان لديه صلة بالمشتبه الرئيسي في الهجمات وبعضو كبير واحد على الأقل في شبكة القاعدة، حسبما افاد مسؤولون مغاربة كبار.

وقال المسؤولون ان عبد العزيز بنيعيش، المغربي الحامل للجنسية الفرنسية والمعتقل حالياً في اسبانيا، التقى في ابريل (نيسان) 2003 في طنجة مع جمال زوغام المغربي الذي اعتقل بعيد تفجيرات مدريد الاخيرة ووجه له القضاء الاسباني، مع مغربيين آخرين، تهمة التورط في تلك الاعتداءات.

وقال المحققون، أيضا، ان بنيعيش التقى في مناسبات عدة مع الأردني أبو مصعب الزرقاوي، قيادي القاعدة الذي يشتبه الاميركيون في وقوفه وراء الهجمات الاخيرة ضد القوات الاميركية في العراق.

وقد لفت بنيعيش أنظار المحققين المغاربة أول مرة بعد وقوع هجمات الدار البيضاء يوم 16 مايو (أيار) الماضي. ولم يكن بنيعيش متورطا في تلك التفجيرات، إلا ان المسؤولين قالوا انه كان يعمل في شمال المغرب مع جماعة من المتشددين الاصوليين كانت تخطط لشن هجمات على قاعة سينما ومعبد يهودي في فاس وعلى كازينو ومعبد يهودي في طنجة.

وتحتل شبكة الصلات التي نشأت في طنجة وامتدت الى أوساط المهاجرين في أوروبا ووصلت الى القيادات العليا للقاعدة مركز التحقيق الدولي في تفجيرات مدريد.

وكان بنيعيش قد اعتقل في اسبانيا بعد فترة قصيرة من هجمات الدار البيضاء بتهم الانتماء الى منظمة ارهابية. وعندما ألقي القبض عليه كان يحمل تذكرة سفر الى طهران التي سافر اليها مرات عدة خلال العامين الماضيين، وفقا لما قاله مسؤولون. وكان قد غادر المغرب في اليوم التالي لهجمات الدار البيضاء خشية اعتقاله في الملاحقات التي طالت أصوليين مشتبها فيهم.

وأظهر التحقيق في الخلايا المغربية أيضا ان بنيعيش التقى مع خبير في الالكترونيات في المغرب وان الاثنين اختبرا استخدام هواتف جوالة كأجهزة تفجير. وقد استخدمت هواتف جوالة كأجهزة توقيت في التفجيرات الاخيرة في مدريد.

ولم يتوصل المحققون الى التخطيط الدقيق لتفجيرات مدريد بعد، ولم يجدوا دليلا مباشرا على أوامر أو تمويل من زعماء كبار في القاعدة. كما أنهم غير متأكدين من أن زوغام شارك في اختبار الهواتف الجوالة في طنجة. وقال المسؤولون ان زوغام لا يتعاون مع محققيه.

ولكن المحققين يشككون في ان جذور هجمات مدريد تعود الى اختبارات طنجة، وان زوغام التحق بالمجموعة بعد أن جرى اعتقال بنيعيش والمتطرفين الآخرين الذين عرفهم في اسبانيا. وقبل هجمات الدار البيضاء كان زوغام على صلة بعماد الدين بركات يركس، المعروف باسم ابو دحداح والمعتقل في اسبانيا بتهمة تزعم خلية للقاعدة يشتبه في انها قدمت دعما لبعض منفذي هجمات 11 سبتمبر (ايلول) 2001.

وقال مسؤول مغربي: «لا أعرف حتى الآن كيف اصبح زوغام شخصا رئيسيا. لكن عندما تقطعون رأسا واحدا يظهر رأس آخر. الأمر لا ينتهي، والملاحظ أن كثيرا من أولئك المتورطين هم مهاجرون غادروا البلاد منذ زمن بعيد».

انتقل زوغام، المولود في أحد أحياء طنجة الفقيرة، الى اسبانيا عام 1983 عندما كان في العاشرة من عمره، وفقا لما قاله المسؤول المغربي. أما بنيعيش فقد انتقل الى اسبانيا عندما كان شاباً لاكمال دراسته وتزوج فرنسية، ما مكنه من الحصول على جواز سفر فرنسي.

وأشار المسؤول الى ان بنيعيش يتحدر من عائلة ينتمي أفراد منها الى القاعدة. فقد توفي شقيقه عبد الله في تورا بورا خلال الهجوم الذي قادته الولايات المتحدة على معقل القاعدة في أفغانستان. وكان شقيق آخر له، هو صلاح الدين الذي فقد احدى عينيه في البوسنة، في افغانستان أيضا الا انه عاد الى المغرب بعد سقوط نظام طالبان. وقد حكم على صلاح الدين بالسجن لمدة 18 عاما في سبتمبر (أيلول) الماضي لمشاركته مع مخططي طنجة.

لكن المسؤولين يعتبرون بنيعيش شخصية حاسمة شارك في التجنيد والتمويل والتخطيط الى حد كبير لأن جوازه الغربي وفر له امكانية السفر بسهولة. وقال مسؤول في المغرب: «انه كان في بريطانيا وتركيا واسبانيا وفرنسا وايران، وهو أكثر ثقافة من أشقائه».

وقال مسؤولون مغاربة ان لديهم دليلا على أن بنيعيش التقى مع الزرقاوي مرات عدة عام 2002. ويعتقد ان الزرقاوي متورط في هجمات الدار البيضاء عبر اصولي مغربي آخر هو مالك أندلسي المعتقل حالياً في المغرب. وكان الزرقاوي ينسق مع بنيعيش لشن هجمات منفصلة في شمال المغرب. ويعتقد المسؤولون، على الرغم من عدم توفر دليل لديهم حتى الآن، بأن الزرقاوي متورط في تفجيرات مدريد أيضا من خلال بنيعيش وزوغام.

* خدمة «واشنطن بوست» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»