شارون يؤجل زيارته إلى واشنطن ومعارضوه في اليمين يعتبرون ذلك نجاحا أوليا

TT

أكدت مصادر أميركية في تل أبيب أمس، ان زيارة رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون الى الولايات المتحدة للقاء الرئيس الأميركي جورج بوش، والمقررة نهاية مارس (آذار) الجاري اجلت لأسبوعين آخرين على الاقل، وذلك لغياب الاتفاق التام بين الطرفين بعد حول خطة شارون للانفصال الاحادي الجانب عن الفلسطينيين.

واعتبر معارضو شارون في اليمين المتطرف داخل حكومته وحزبه (الليكود)، هذا التأجيل نجاحا اوليا لمعركتهم ضد خطته «ستعقبها نجاحات أخرى»، بينما اعتبر المقربون من شارون هذا التأجيل «تقنيا وفنيا وحسب»، بل قالوا انه ليس نهائيا. وربما يتوصل دوف فايسغلاس، مدير مكتب شارون، الى تفاهمات مع الادارة الاميركية خلال زيارته الاسبوع الجاري، وعندئذ تتم زيارة شارون في موعدها.

وتفيد المصادر الاميركية ان هناك عددا من المواضيع العالقة التي تنتظر ادارة الرئيس بوش سماع اجابات واضحة عليها ومواضيع اعترضت عليها وتتوقع ان يقوم الاسرائيليون بتعديلها على سبيل المثال:

ـ واشنطن ما زالت منزعجة من القرار الاسرائيلي بالانسحاب فقط من 4 مستوطنات في الضفة الغربية. وترى ان هذا لا يكفي لتهدئة الوضع لعدة سنين، كما تتوقع اسرائيل.

ـ واشنطن لم توافق بعد على المطلب الاسرائيلي بأن يكون هناك ثمن سياسي تقبضه اسرائيل من الولايات المتحدة مقابل الانسحاب من قطاع غزة، وهو اعلان اميركي بالسماح بنقل مستوطنين الى بعض مستوطنات الضفة الغربية. واجرت اسرائيل تعديلا وقدمت عدة صيغ جديدة لهذا المقترح، آخرها ان تعلن الادارة الاميركية ان الحل الدائم المستقبلي سيشمل ضم مناطق استيطانية محدودة الى حدود اسرائيل، ورفضت واشنطن كل هذه المقترحات حتى الآن. ولكن اسرائيل لم تيأس، وتقدمت باقتراح جديد في الاسبوع الاخير ينص على ان «تحتفظ اسرائيل بعمق استراتيجي ـ أمني في اطار الحل الدائم».

وتعتبر هذه الصيغة عمومية فضفاضة بشكل مقصود، بحيث يمكن تفسيرها على عدة أوجه. وستفسرها اسرائيل على انها ضوء أخضر للابقاء على كتل استيطانية كبيرة. ولم تعط الولايات المتحدة بعد ردا على هذا الطرح.

ـ اسرائيل تطلب ان تبقى لها الحرية بالعودة لاجتياح مناطق فلسطينية لأسباب أمنية. والادارة الاميركية تتحفظ على هذا التوجه. وتطرح عنه بديلا يقبله الفلسطينيون هو دخول مراقبين دوليين الى المنطقة بكميات محدودة. ويقال ان هناك فرقة من الجنود الاميركيين وفرقة اخرى من جنود بريطانيين ينوون تولي هذه المسؤولية، وهذا الطرح يحرج اسرائيل.

ـ اسرائيل تطلب ان يكون انسحابها المقبل في المرحلة الثانية (الانسحاب من كل قطاع غزة ومن 48 في المائة من الضفة الغربية)، دائما لسنوات طويلة لا تقل عن 8 سنوات، ولا يجوز خلالها للفلسطينيين من اي طرف كان ان يديروا مفاوضات لتغيير الواقع. وواشنطن لا تتحمس بعد لهذه الفكرة، ولو انها بدأت تتعاطف معها بشكل جزئي. ونقل على لسان الاميركيين ان واشنطن ترحب بالانسحاب، لكنها تريد اولا ان ترى عمق الانسحاب. وبعد ذلك فقط تقرر موقفها.

ـ اسرائيل ما زالت تصر على ان لا يكون هناك تنسيق مباشر مع الفلسطينيين في تطبيق الانسحاب، والادارة الاميركية ترى ان عدم التنسيق هو بمثابة دعوة للفلسطينيين لكي يستفزوا الاسرائيليين خلال الانسحاب. ولا يفهمون المنطق الاسرائيلي في هذا الشأن. ويقولون انهم يتصورون من الآن كيف سيدخل الفلسطينيون بعشرات الالوف الى المستوطنات التي سيتم اخلاؤها ويكسرون ويحطمون ويحرقون العلمين الاسرائيلي والاميركي، وكل هذا محرج لهم.

وحاولت اسرائيل الالتفاف على هذا الوضع، فاقترحت بيع المستوطنات للبنك الدولي. فاذا حطم الفلسطينيون شيئا، فانهم يمسون البنك الدولي الذي يستطيع معاقبتهم، الا ان الاميركيين لم يهضموا بعد هذا الاقتراح.

ويفضلون ان يتم التنسيق مع الفلسطينيين حتى يتسلموا المناطق المحررة، بما في ذلك المستوطنات بطريقة تتيح لهم ان يسيطروا على الوضع.

من جهة ثانية، علم ان احد اسباب قرار الجيش الاسرائيلي انه يحتاج الى سنة ونصف السنة وربما سنتين، لاكمال الانسحاب، هو رغبته في مواصلة العمليات الحربية «الجذرية» ضد الفلسطينيين «من اجل تصفية البنى التحتية للارهاب»، كما قال احد الجنرالات الذين شاركوا في الاجتماع مع شارون لبحث خطته في الاسبوع الماضي. وتبين ان الخطة التي سميّت «قصة على مراحل»، وبدأ تنفيذها اول من امس في الجانب الفلسطيني من الحدود مع مصر، تستهدف هدم البيوت الفلسطينية في هذه المنطقة على عرض كيلومتر كامل وعلى طول الحدود.

وأعلن وزير القضاء يوسف لبيد أمس، انه اتفق مع شارون، على ضرورة اجراء تغيير في مسار «الجدار العازل»، بما يجعله اقرب الى الخط الاخضر واقل ضررا واساءة الى الفلسطينيين، ويصبح مقبولا لدى الاميركيين، وان مسألة الاعلان عن هذا التغيير يتكفل بها شارون نفسه وسيعلنها في القريب ربما في ساحة البيت الابيض في واشنطن، حتى تبدو وكأنها هدية للرئيس جورج بوش.