لبنان: الحريري يرفض تحمل المسؤولية الكاملة عن الدين العام ويسأل عن دور رئيس الجمهورية

TT

خرج رئيس الحكومة اللبنانية رفيق الحريري امس عن «صمته» الذي مارسه خلال الاسابيع الماضية في ما خص بعض الملفات التي يختلف فيها مع رئيس الجمهورية اميل لحود بدءاً بملف مشروع شركة صنين الذي يؤيده لحود ويرى فيه الحريري «التفافاً على قانون تملك الأجانب»، وصولاً الى ملف الدين العام الذي أعلن الحريري صراحة انه لا يتحمل مسؤوليته وحده، متسائلاً عن دور رئيس الجمهورية «الذي لم يتم اتخاذ قرار في مجلس الوزراء ضد إرادته».

وكان الحريري يتحدث خلال لقاء حواري مع طلبة «أكاديمية الحريري الكندية» في منطقة الشوف (جنوب بيروت)، فقال رداً على سؤال حول الدين العام: «امس كنت اشاهد برنامجاً من احدى محطات التلفزة وسمعت بأن الحريري مسؤول عن الدين الذي وصل الى 33 مليار دولار. وهذا ما كان يقوله المذيع مقدم البرنامج، ورد عليه احد الوزراء بأن الحريري ليس وحده مسؤولاً عن هذا الدين. فقال له المذيع، ولكن الحريري كان رأس الحربة». واضاف: «هناك محاولة لرسم صورة بأن الحريري هو المسؤول عن الدين العام في البلد، لأن رفيق الحريري هو رئيس الوزراء ولأنه يتسلم هذا المنصب لمدة عشر سنوات». واضاف: «لقد توليت مهمات رئاسة الوزارة منذ نهاية العام 1992 وحتى نهاية العام 1998 اي لست سنوات وعندما استقالت الحكومة التي اترأسها وشكلت حكومة برئاسة الرئيس سليم الحص، أصدر وزير المالية في تلك الحكومة بياناً ضمنه جردة بالدين الموجود وبلغ آنذاك على ما اذكر نحو سبعة عشر الف وثمانمائة مليون دولار وهناك حوالي 120 مليار ليرة خارج الموازنة».

وتوقع الحريري انه «في نهاية العهد سيكون الدين حوالي 35.600 مليار دولار وكذلك سيكون هناك 1200 مليار ليرة من خارج الموازنة ومعنى ذلك ان الدين سيتضاعف». وقال: «رفيق الحريري رئيس للوزراء ولكن رئيس الجمهورية ترأس جميع جلسات مجلس الوزراء منذ يوم توليه مهماته الدستورية. واعتقد انه سيستمر هكذا لنهاية ولايته، اما اذا جدد ولايته فهذا موضوع آخر. فأين هي مسؤولية رئيس الجمهورية عن هذا الموضوع؟». واكد انه «لم يتخذ اي قرار إلا بموافقة رئيس الجمهورية وبحضوره.. لم يتخذ اي قرار ضد ارادة رئيس الجمهورية وهذا شيء أكيد». وقال: «سأزيد على ما قلته ببعض الوقائع، فمنذ نوفمبر (تشرين الثاني) 1998 وحتى نوفمبر العام 2000، أي اثناء حكومة الرئيس الحص قلنا ان الدين كان سبعة عشر مليارا و800 مليون دولار، فكم اصبح بعد سنتين؟ أنا سأذكر من نسي ان الدين أصبح 24 مليار دولار او اكثر، كيف حصل ذلك؟ رفيق الحريري لم يكن موجوداً، فكيف زاد الدين؟ ام ان الدين على رفيق الحريري وكل شيء آخر لغيره».

واشار الحريري الى «ان هناك من يقول انه بسبب الاعمار حصل الدين»، واصفاً هذا بأنه «اكبر كذبة موجودة في لبنان. لان مبلغ الاعمار هو الاقل بين كل المصاريف التي دفعت». واوضح انه منذ ترؤسه الحكومة «أكملنا بعض الجسور وبعض الانفاق أو اصلحنا البعض، أما الورشة الاعمارية الكبرى فقد تمت في الست سنوات الاولى، أما كل مصاريف الدولة الاخرى فلا تزال مستمرة. بنينا الجيش واوجدنا الامن ولكن كم كلف وكم لا يزال يكلف حتى اليوم، كل القوى الامنية كم كلفت؟ بعد ذلك هناك وزارة التربية. فالكل يتكلم عن ضرورة تأمين العلم للجميع وهذا ثمنه أموال (...). واذا كانت هذ الاموال غير متوفرة، ماذا تفعل؟ تستدين، وعندما تستدين تدفع على الدين فائدة، ويأتي من يقول ان رفيق الحريري هو الذي وضع الدين على البلد، «ماشي الحال» انا ليس عندي مشكل، انا «جسمي يتحمل»، نحن نعرف وهناك من الموجودين اعمارهم اما بعمري او اصغر قليلاً او اكبر قليلاً، ونحن نعرف في هذا العمر اذا حصل لا سمح الله عارض صحي، ما معنى ذلك؟ اما ان يبيع ما فوقه وما تحته وإما راحت عليه، صحيح؟ ولكن الان ليس هذا هو الوضع، لم نصل الى ما نطمح اليه، ولكن اصبح الانسان قادراً ان يصل الى معالجة صحية بشكل او بآخر، عن طريق وزارة الصحة، عن طريق الضمان الاجتماعي، عن طريق ما تقدمه المؤسسات الامنية من جيش وقوى امن داخلي وغيره من خدمات طبية، أو عن طريق تعاونيات الموظفين او عن طريق تعاونيات القضاة وغيره».

ورأى الحريري «اننا نستدين لاننا مجبرون على ذلك»، وقال: «كان من المفروض لو نفذ مؤتمر باريس ـ 2 من جانبنا ان نخفض حجم الدين، ونحفض بالتالي خدمة الدين، كيف؟ كنا ندفع في الماضي 16 في المائة، والآن ندفع 8%، وكان من الممكن ان ندفع 4 في المائة من خلال مجموعة اجراءات لم نأخذها، كأن نوقف الهدر في الكهرباء، ونخصص بعض المؤسسات، ونأتي بأموال ونخفض حجم الدين وبالتالي خدمة الدين تنخفض، الفائدة تنخفض. فنحن كل العجز لدينا من خدمة الدين، وبالعكس عندنا فائض في الحساب الاولي للموازنة الذي هو عملياً قريب لنصف خدمة الدين، فلو خفضنا خدمة الدين الى النصف لوقف العجز ولبدأنا السيطرة على موضوع تنامي الدين العام وهذا الطريق الوحيد لوقف تزايد الدين، وبالتالي البدء بتسديده بطريقة تدريجية».

ثم رد الحريري على سؤال حول مشروع صنين وهل «ان الرئيس لحود يريد الاستثمار في لبنان، والرئيس الحريري لا يريد الاستثمار في لبنان، وهل لأن الرئيس الحريري ليس له علاقة في المشروع لا يسير بالمشروع ويرفضه؟». فقال: «من يصدق انني ضد الاستثمار في البلد (...) انا مع الاستثمار ولا يمكن ان اكون الا مع الاستثمار، لأن هذا الاستثمار في البلد هو عنوان كل الحكومات التي شكلتها، ولا أزال، ولم اغير. ان هذا الكلام انني ضد الاستثمار او غيري مع الاستثمار هذه مزحة، وغير مقبولة، يعني مزحة سمجة». واضاف: «الموضوع ذو شقين، الشق الاول قانوني، لقد سمعت على التلفزيون وقيل لنا ان هذه الشركة التي تريد الشراء هي شركة لبنانية، وانا سأشرح الموضوع: الشركة لبنانية رأسمالها 20 ألف دولار تريد شراء 50 مليون متر مربع وتسجلها باسمها. ويبدو انها تصرح ان ثمنها حوالي 80 مليون أو مائة مليون دولار اقل او اكثر قليلاً. وهم لا يخفون من اين يأتون بالمال، هم يقولون، وهذه معلومات من المستندات التي قدمتها الشركة ان هذه هي شركة لبنانية، مسجلة باسماء لبنانيين، ومملوكة بالكامل لللبنانيين، وان هذه الشركة مملوكة من «هولدنغ» لبنانية ايضاً. تقريباً نفس الاشخاص، و«الهولدنغ» مملوكة من «هولدنغ» ثانية وايضاً نفس الاشخاص. اذاً، لا نزال مكاننا (...) وقد انشأت (GDR) وهي عبارة عن سندات دين على الاسهم (...) انا حسب علمي لا يوجد (GDR) تمثل نسبة مائة في المائة من اسهم شركة، عندما تعمل على مائة بالمائة معنى ذلك انك أعطيت جميع الفوائد الاقتصادية الخاصة بالشركة الى حملة الـGDR، يعني اصبحوا هم حملة الاسهم الحقيقيون.

اذا لماذا يقومون بهذه الدورة، لانه في لبنان يوجد قانون تملك الاجانب، ولانهم هم ليسوا لبنانيين، ولا طريقة اخرى لديهم لان يتملكوا الا هذه. وانا مع ذلك اقول انهم لا يملكون. ورغم ذلك قلنا فليقل مجلس الوزراء ان هذه لا تخالف قانون تملك الاجانب. لانه اذا كانت تخالفه ونحن نترك الموضوع في مسألة تتعلق بواحد في المائة من مساحة لبنان معنى ذلك اننا نغش اللبنانيين، ونورط الموظفين. يعني نقول نحن لا دخل لنا، كل الدولة لا دخل لها (...) هذا في القانون، اما في السياسة فمائة مليون متر في صنين اشتراها اشخاص غير لبنانيين، عرب، هل يمكن ان نعتبر ان هذا الأمر لا علاقة للدولة به. هكذا حصل. حصل اصرار ان لا علاقة لنا. نعم، هذا الذي حصل (...). رئيس الجمهورية يريد هكذا، ليس مجلس الوزراء، الرئيس اصر على هذا وانا اعترضت واعترض عدد من الوزراء لم يسمع احد، «ومشت هيك».

واضاف الحريري: «انا لست متمسكاً بقانون تملك الأجانب، ولكن هناك جزء اساسي من اللبنانيين يتمسكون به ويعتبرونه شيئاً اساسياً، فأين نحن من هذه المجموعة، هل نستطيع المرور على قصة من هذا النوع تجعل قانون تملك الاجانب وكأنه لم يكن؟ فهذه طريقة واضحة للالتفاف على قانون تملك الاجانب».