مقرات حزب السلطة السابق تقدم أول خدماتها للمواطنين بتحولها إلى مأوى مجاني للمشردين

TT

بغداد ـ أ.ف.ب: تحول مذهل حصل في بغداد بعد سقوطها.. فما ان سقطت العاصمة العراقية في التاسع من ابريل (نيسان) من العام الماضي حتى تحولت معظم الدوائر الأمنية والاستخباراتية والسجون والفرق الحزبية التي كانت تزرع الرعب في قلوب العراقيين الى مأوى مجاني لالاف العائلات العراقية المشردة.

والمشكلة بعد قرابة عام على دخول قوات التحالف الى العاصمة لا تزال قائمة حتى الان ولا يكاد يمر اسبوع من دون ان يتجمع الالاف من هؤلاء المشردين امام مقر قوات التحالف المؤقتة او مجلس الحكم مطالبين بتوفير سكن لائق لهم بعد ان تلقوا تحذيرات بضرورة اخلاء تلك المباني الحكومية.

حسنة صحن، ربة عائلة كانت تسكن مع بناتها الخمس في غرفة مؤجرة في مدينة الصدر الفقيرة شرق بغداد والتي تسكنها غالبية شيعية، تقول انها رأت ابواب سجن الرشاد الاصلاحي مفتوحة على مصاريعها بعد فرار السجناء والسجانين فانتقلت اليه بكل بساطة. وتوضح حسنة البالغة من العمر 38 عاما التي جاءت للتظاهر امام مقر سلطة الائتلاف المؤقتة «هذا حقنا. فزوجي كان هاربا من صدام الى ايران بسبب معارضته للنظام لانتمائه لاحد الاحزاب الدينية الشيعية المعارضة وبالتالي لم يكن هناك من يعولنا، لذا فإن هذه الاماكن كانت فرصة ذهبية لنا للعيش فيها مجانا».

وتلقى العديد من السكان الجدد زيارات مباغتة او تهديدات من السكان السابقين او من قبل مسؤولين حكوميين يريدون اعادة تأهيل هذه المباني لاستخدامها لاغراض عديدة.

ويروي اسماعيل حمادي الذي كان يستأجر منزلا متواضعا مقابل بدل ايجار بسيط ان صاحب المنزل الذي كان لا يجرؤ ايام النظام السابق على الحديث عن اي زيادة في الايجار بسبب وجود قانون حكومي يمنع ذلك، قام بطرده بعد سقوط بغداد مباشرة. ويقول هذا المعوق في الحرب العراقية ـ الايرانية (1980 ـ 1988) البالغ من العمر 45 عاما «كنا نستأجر قبل ذلك منزلا صغيرا يكفيني انا وزوجتي واطفالي الخمسة مقابل بدل ايجار لا يتجاوز 25 الف دينار عراقي (حوالي 15 دولارا) في مدينة الصدر ثم فجأة ظهر صاحب المنزل وطلب مني زيادة بدل الايجار الى اربعة اضعاف ولم يكن امامي الا ان اغادر المنزل».

ويضيف حمادي الذي يسكن مع عائلات اخرى في مقر حزبي سابق «من اين لي بهذا المال وانا معوق حرب ولا اعرف اين اذهب ولا اعتقد انني سأتحرك من هذا المكان حتى لو قطعوني اربا».

ويقول الشيخ احمد عودة لعيبي رئيس رابطة تعنى بمن ليس لهم مأوى والذي يحب ان يطلق على رابطته اسم «رابطة الحرية للمجمعات السكنية»، ان «الرابطة تضم الاف العائلات الفقيرة والمشردة التي لا تملك في هذا البلد مأوى او حتى حجرا واحدا».

واضاف ان «هؤلاء الناس يسكنون حاليا في ما يقارب 83 دائرة او مؤسسة حكومية مهمة بالاضافة الى المئات من المباني المتروكة العسكرية او الأمنية وهم يتلقون بين اونة واخرى تهديدات بضرورة اخلائها وتركها».

وتابع لعيبي آمل ان يستجيب مجلس الحكم لمطالبنا وان يوفر لهؤلاء الناس سكنا متواضعا قطعة ارض لكي يعيشوا فيها لانهم ضحية النظام البائد ولا نريد ان يكونوا ضحية النظام الحالي الذي يدعي بأنه جاء من اجل توفير حياة لائقة لجميع العراقيين».

ويقول علي ضاحي الزبيدي المسؤول عن 83 مجمعا سكنيا ان «هذه العائلات المعدمة والفقيرة لم يكن لديها خيار اخر بعد سقوط النظام سوى الانتقال الى هذه المباني التي دمرتها الصواريخ الاميركية». ويضيف «نأمل ان تحل مشكلتهم لكي لا ينجروا وراء قوى وتيارات معادية لهذا البلد وليظلوا مواطنين صالحين، فكل مشكلتهم انهم فقراء».

ويقول وزير الاسكان والتعمير العراقي بيان باقر صولاغ «انها مشكلة حقيقية تواجهنا بسبب السياسات الخاطئة التي اتبعها النظام السابق». ويضيف ان «النظام السابق لم يبن وحدة سكنية واحدة في العراق منذ عام 1980 ولحد يوم سقوطه في التاسع من ابريل الماضي، اضافة الى ان الحروب المتكررة التي دخل فيها منذ عام 1980 لم تسمح للعراقيين بالحصول على موارد مالية كبيرة تمكنهم من بناء وحدات سكنية». واوضح ان «هذه السياسة ادت الى حصول مشكلة ونقص في الوحدات السكنية في العراق يقرب من مليوني وحدة سكنية». واضاف ان «الوزارة رغم ذلك وضعت خططا للمباشرة ببناء 12 الف وحدة سكنية هذا العام تنتهي في اواسط او نهاية العام المقبل في محافظات بغداد والنجف والبصرة على ان يتبعها في الاعوام المقبلة بناء وحدات سكنية في كركوك والموصل والرمادي وبقية محافظات العراق أملا في حل ازمة السكن في العراق».