لجنة 11سبتمبر: إدارة كلينتون ضيعت 4 فرص للتخلص من بن لادن

وزراء في الإدارتين الحالية والسابقة يردون بموقف مشترك على بعض الاتهامات

TT

اصدرت اللجنة التي تتولي التحقيق في هجمات 11 سبتمبر (ايلول) 2001 إدانة دامغة اول من امس لفشل الحكومة الاميركية في العثور على اسامة بن لادن، زعيم شبكة القاعدة، ووجدت ان ادارتي بيل كلينتون وجورج بوش ركزتا تركيزا كبيرا على الدبلوماسية التي لم تنجح، ورفضوا دراسة فكرة العمليات العسكرية.

وادت هذه الانتقادات الى ردود فعل من كبار المسؤولين في ادارتي كلينتون وبوش، الذين ادلوا بشهادتهم أمام الهيئة التي استغرقت امس بأكمله وأكدوا ان الادارتين تصرفتا بطريقة صارمة بقدر الإمكان في إطار ما هو كان معروفا عن تهديدات القاعدة آنذاك.

وأشار العديد من الشهود، من بينهم وزير الدفاع دونالد رامسفيلد ووزير الخارجية كولن باول، الى عدم وجود رغبة عامة لدى الكونغرس لاتخاذ إجراءات عسكرية ضد افغانستان، التي كانت تسمح للقاعدة بالوجود فيها، الى ما بعد الهجمات على نيويورك وواشنطن، وان التخلص من بن لادن لم يكن ليمنع الهجمات.

وقال باول في شهادته «ان هذه الادارة وصلت الى السلطة وهي معترفة بالتهديد الذي تواجهه الولايات المتحدة ومصالحها وحلفاؤها حول العالم من الارهاب. وقد بدأنا العمل بخصوص هذا الموضوع فورا. وقد اوضح الرئيس ان لتلك القضية اولوية كبرى».

غير ان التقارير الجديدة من العاملين في لجنة التحقيق تصور ادارة بوش بأنها اهتمت اهتماما بسيطا بالارهاب خلال فترة الثمانية اشهر الاولى في السلطة، مشيرة الى ان المسؤولين لم يضعوا خططا محددة لمواجهة نظام طالبان الذي كان يحميها الى قبل ايام من بداية الهجمات على نيويورك وواشنطن.

وأشارت التقارير الى ان العديد من سياسات ادارة كلينتون لم تكن فاعلة مما كشف عن تفاصيل هامة جديدة بخصوص 4 فرص ضائعة لقتل او القبض على بن لادن في عامي 1998 و1999.

كما يبدو ان التقارير تؤكد بعض الانتقادات الرئيسية التي طرحها ريتشارد كلارك، المنسق السابق لشؤون مكافحة الارهاب في ادارتي كلينتون وبوش، في كتاب صدر الاثنين ادى الى إثارة جدل حاد حول حرب الحكومة ضد الارهاب. وقد اطلق كلارك الذي ادلى بشهادته امس عاصفة نارية سياسية باتهاماته بأن الادارة الحالية اهملت تهديدات القاعدة، لان كبار المسؤولين فيها كانوا مهووسين بشن هجوم على العراق، واتهموا الادارتين بالفشل في التصرف بطريقة صارمة كافية. وقالت مادلين اولبرايت وزيرة الخارجية في عهد كلينتون، في معرض ما كان يمكن ان يتم: «يمكنني القول بثقة بان الرئيس كلينتون وفريقه بذلوا كل ما يمكن ان يتم، وكل ما يمكن ان نفكر فيه، اعتمادا على المعلومات التي لدينا، لحماية شعبنا وهزيمة القاعدة».

وقد دخلت اللجنة في معارك متكررة مع ادارة بوش بخصوص الحصول على الوثائق والشهود، وكرر عديد من اعضاء الهيئة طلبهم اول من امس بالسماح لمستشارة شؤون الأمن القومي كوندوليزا رايس بالإدلاء بشهادتها. وقد رفضت رايس، بناء على نصيحة محامي البيت الابيض، الظهور أمام الهيئة ولكنها خضعت لمقابلات خاصة مع اللجنة. ومن المقرر إجراء مقابلات خاصة مع الرئيس بوش وسلفه كلينتون ونائبيهما.

وقد اصدر العاملون في اللجنة عدة تقارير في أوائل هذا الاسبوع تشير الى ان الحكومة اضاعت فرصا متكررة لمنع العديد من خاطفي الطائرات التي استخدمت في هجمات 11 سبتمبر الانتحارية من دخول البلاد. ومن بين المعلومات الجديدة التي تم الكشف عنها يوم الثلاثاء:

ـ كان لدى ادارة كلينتون 4 فرص لقتل او اسر اسامة بن لادن بين شهري ديسمبر (كانون الاول) 1998 ويوليو (تموز) 1999، ولكن كل العمليات فشلت بسبب معلومات استخبارية غير مؤكدة او الخوف من قتل ابرياء او شخصيات عامة. ومن بين الامثلة على ذلك قدمت مصادر في مايو (ايار) 1999 عدة تقارير مفصلة عن وجود بن لادن في منطقة قندهار لمدة 5 ليال متتالية، ولكن لم يتم اصدار اوامر بشن غارات لان المؤسسة العسكرية كانت قلقة بخصوص دقة هذه التقارير والأخطار الثانوية الناجمة عن مثل هذه الغارة.

وكتب مدير وحدة تابعة للاستخبارات المركزية الاميركية (سي آي ايه) لزميل له «بعدما عثرنا على فرصة لقتله (بن لادن) ثلاث مرات في 36 ساعة واضعنا الفرصة في كل مرة اشعر بغضب ما». واضاف ان مدير الوكالة جورج تينيت «وجد نفسه وحيدا على الطاولة، وقال كبار المسؤولين له سنوافق على قرارك سيادة المدير. ثم يقولون ضمنا ان الوكالة ستصبح وحيدة اذا لم يؤد الهجوم لقتل بن لادن».

ـ قال رامسفيلد لاعضاء الهيئة في بدايات المقابلات انه «لا يتذكر قضية متعلقة بمكافحة الارهاب جذبت اهتمامه قبل 11 سبتمبر».

ـ بعد شهر من شن ادارة كلينتون لهجوم صاروخي على اهداف القاعدة انتقاما لنسف سفارتي الولايات المتحدة في شرق افريقيا في عام 1998، اعد المسؤولون عن مكافحة الارهاب في البنتاغون دراسة تقترح اتخاذ «موقف مضاد للارهاب اكثر صرامة، لمواجهة التحدي الذي وجهه لنا الارهابيون الدوليون».

وحذر المسؤولون ايضا من انه في حالة وقوع المزيد من «الهجمات الرهيبة... فلن يصبح لدينا من خيار، وللاسف ليست لدينا خطة». ولم تتطور هذه الخطة المكونة من 8 نقاط، لان كبار المسؤولين اعتقدوا انها متشددة للغاية، طبقا لما اكتشفه المحققون.

ـ في ربيع 1998 تمكنت الحكومة السعودية من إفشال مخطط من تنظيم بن لادن لشن هجمات على القوات الاميركية في السعودية باستخدام الصواريخ المتنقلة. وتم اعتقال العشرات.

وأبلغ مسؤولون اميركيون بأن الرئيس السابق للاستخبارات الباكستانية، حميد غول، اتصل بقادة حركة طالبان في يوليو 1999 وطمأنهم بأنه سيرسل لهم تحذيرا قبل ثلاث او اربع ساعات في حال شن هجوم صاروخي اميركي، مثلما فعل في « المرة السابقة» ـ في اشارة واضحة الى الهجوم الصاروخي الفاشل عام 1998. وكان كل من وزيرة الخارجية الاميركية السابقة، اولبرايت، والوزير الحالي باول ووزير الدفاع الحالي، رامسفيلد، والسابق ويليام كوهن، قد ادلوا بشهاداتهم اول من امس. وأجمع الاربعة على الاتفاق حول الكثير من القضايا، بما في ذلك الصعوبات التي حالت دون استهداف اسامة بن لادن وحلفائه قبل هجمات 11 سبتمبر 2001 والافتقار الى الدعم السياسي اللازم لاتخاذ عمل عسكري خلال تلك السنوات.

ودافع كل من رامسفيلد وباول عن توجه ادارة بوش الى تبني استراتيجيات جديدة لمواجهة تنظيم «القاعدة» وإقناع طالبان بتسليم اسامة بن لادن، اذ ان الخطط النهائية الخاصة بكليهما جرى الفراغ منها خلال الاسبوع الذي سبق الهجمات الارهابية. وأكد باول في شهادته احد المزاعم التي اوردها كلارك في كتابه وجاء فيها ان كلارك زعم ان نائب وزير الدفاع، بول وولفويتز، هو الذي ايد بقوة اتخاذ عمل عسكري ضد العراق. وقال باول ان وولفويتز اقترح شن هجوم على حكومة صدام حسين خلال اجتماع في كامب ديفيد قبل اربعة ايام من هجمات 11 سبتمبر 2001. وأضاف باول قائلا ان الرئيس بوش قال انه ينبغي التعامل حسب الاولويات وقرر تبعا لذلك التعامل مع افغانستان اولا. إلا ان وولفويتز، الذي ظهر الى جانب رامسفيلد في وقت لاحق من نفس اليوم، لم يعلق على تصريح باول. وفي لقاء هاتفي قال كلارك، ان جورج تينيت حذر الرئيس بوش «مرارا» ابتداء من يونيو (حزيران) 2001 من ان تنظيم «القاعدة» سيشن، بصورة شبه مؤكدة، هجوما كبيرا. وقال كلارك ان وكالة الاستخبارات المركزية كانت تعتقد ان الهجوم سيقع خارج الولايات المتحدة «في الغالب». وقال كلارك ان تينيت ظل يبلغ الرئيس يوميا بأن تنظيم «القاعدة» يعتزم شن هجوم إلا ان ادارته لم تفعل ما يكفي. وردا على سؤال حول كتاب كلارك حول تعامله مع مسألة مكافحة الارهاب، لم يذكر بوش شيئا حول كلارك، لكنه توجه بالشكر الى القوات الاميركية على تفانيها في المشاركة في الحرب ضد الارهاب، وأضاف قائلا ان الولايات المتحدة ظلت تلاحق «القاعدة» منذ هجمات 11 سبتمبر و«ألقت القبض على ثلثي قادته المعروفين»، على حد قوله. وأوضح بوش ان حقيقة الامر تتلخص في ان «جورج تينيت ظل يطلعه على نحو منتظم على الأخطار الارهابية التي تواجهها الولايات المتحدة، لكنه قال انه واعضاء ادارته اذا تلقوا معلومات تفيد بأن تنظيم «القاعدة» سيشن هجوما على نيويورك يوم 11 سبتمبر كانوا سيتخذون الخطوات اللازمة، على حد تعبيره. وفي شيكاغو قالت زوجة الرئيس الاميركي لورا بوش انه «من الخطأ ان يشير أي شخص ضمنا الى ان ثمة تقصيرا من جانب زوجها ازاء واجباته كقائد عام». وكشفت التحقيقات عن مشكلة اخرى للبيت الابيض تتلخص في ان المراقبة الجوية رصدت طائرة تابعة للخطوط الجوية الاماراتية في معسكر صيد في افغانستان في فبراير (شباط) 1999 في نفس الوقت الذي تردد فيه ان بن لادن كان فيه. واتضح ان مسؤولين اماراتيين كانوا هناك في رحلة صيد والتقوا اسامة بن لادن كما هو واضح. وأشار التقرير الى ان المسؤولين ابدوا قلقا ازاء احتمال ان تسفر اية ضربة توجه للمعسكر بهدف قتل بن لادن عن مقتل امير او مسؤول اماراتي رفيع. وقال مسؤول في اللجنة ان فريق التحقيق ما زال يتقصى الأسباب التي وراء التقاء مسؤولين في الامارات العربية المتحدة، وهي حليف لواشنطن، مع اسامة بن لادن. وأشار التقرير في واحدة من فقراته الى ان الولايات المتحدة كشفت عن دليل يثبت ان حركة طالبان «كانت تحاول الحصول على اموال من الامارات العربية المتحدة والسعودية.